في عالم الرياضة، قد يسطع نجم لاعب واحد من العائلة فيحظى بالأضواء، أما أن تتحول الرياضة إلى لغة مشتركة بين الأم وأبنائها، فذلك ما يجعل القصة استثنائية.
هالة بالسلاح، أول إماراتية تمثل الدولة في بطولات عالمية للرواد، أورثت شغف المبارزة لابنيها خالد وعمر إبراهيم بالسلاح، اللذين شقا طريقهما حتى وصلا إلى منصات البطولات الدولية.
وبين رحلة أم منحت وقتها وجهدها لأبنائها وشغفها بالرياضة، وتجربة شابين يسعيان لإثبات مكانتهما بين نجوم اللعبة عالمياً، كتبت حكاية مختلفة، عنوانها الشغف والطموح.
إرث العائلة
منذ أكثر من أربعة عقود ارتبط اسم هالة برياضة المبارزة، ما جعلها إحدى رائدات اللعبة في الإمارات، بدأت رحلتها في الثالثة عشرة من عمرها أثناء دراستها في مدرسة شيربورن للبنات بإنجلترا، حيث وجدت في اللعبة مزيجاً بين القوة البدنية والذهنية.
ومع مرور السنوات، أثبتت هالة حضورها في البطولات الإقليمية والدولية بسلسلة من الإنجازات البارزة؛ إذ اعتلت منصة التتويج عام 2011 في بطولة مجلس التعاون الخليجي بالبحرين، كأول مبارزة إماراتية تفوز بميداليات في فئة الفردي ببطولات إقليمية، ثم نالت ذهبية بطولة فاطمة بنت مبارك المفتوحة للسيدات عام 2012، وأتبعتها بذهبية كأس رئيس الدولة عام 2013، كما كانت أول مبارزة إماراتية تخوض منافسات بطولة «غراند بري» المفتوحة في الدوحة، قبل أن تواصل تألقها عام 2014 بإحراز برونزية جديدة في بطولة مجلس التعاون الخليجي.
ومن تلك البداية المبكرة، واصلت هالة مسيرتها حتى وصلت إلى محطة استثنائية عام 2024، عندما شاركت في بطولة العالم للرواد بدبي، لتصبح أول إماراتية والعربية الوحيدة التي تخوض هذا الحدث الكبير الذي جمع 855 مبارزاً من 58 دولة، ووصفت هذه المشاركة بأنها الأهم في مشوارها، قائلة: «كانت مشاركتي في البطولة شرفاً ومسؤولية كبيرة، خصوصاً أنها جاءت بعد عودتي من انقطاع بسبب الإصابة عام 2018، ما جعل التجربة أكثر تميزاً».
وتحول شغف هالة بالمبارزة إلى إرث نقلته لأبنائها خالد وعمر، موضحة أن دعم زوجها كان ركيزة أساسية في استمرارها ومن ثم في تشجيع أبنائها على خوض التجربة، قائلة: «النجاح الرياضي يتطلب التزاماً صارماً وجدولاً منظماً، ولولا دعم زوجي وتشجيعه لما استطعت الاستمرار، أما أبنائي، فقد تأثروا بي منذ الصغر، فسجلتهما في معسكر صيفي عام 2012 بأكاديمية المبارزة، ومن هنا بدأت رحلتهما».
ومثلما غرست في أبنائها حب المبارزة، تتمنى هالة أن يمتد هذا الشغف ليشمل أجيالاً جديدة من اللاعبين واللاعبات في الدولة، مؤكدة أن مستقبل اللعبة في الإمارات يسير بخطوات ثابتة، بعدما قطعت شوطاً مهماً وصار اسم الدولة حاضراً في البطولات الدولية، ووجهت في نهاية تصريحاتها رسالة خاصة للفتيات، قائلة: «المبارزة لعبة ملائمة لمجتمعنا، فهي تمارس بملابس مناسبة وفي صالات مغلقة طوال العام، لذلك أنصح الفتيات بتجربتها، فهي رياضة ممتعة، تعزز الصحة، وتمنح شعوراً دائماً بالتوازن».
رؤية مستقبلية
واستكمالاً لمسيرة هالة في المبارزة، يمضي ابنها الأكبر خالد، البالغ من العمر 24 عاماً، في مشواره الرياضي لاعباً بأكاديمية إم كيه بدبي، إلى جانب تمثيله فريق جامعة بوسطن كولج في الولايات المتحدة، ما جعله أول إماراتي يشارك في الرابطة الوطنية لرياضة الجامعات في المبارزة.
وخلال مسيرته، حقق خالد إنجازات بارزة، منها الفوز بلقب بطل الإمارات لسنوات عدة، والمشاركة في بطولة العالم للناشئين ببلغاريا 2017، حيث كان أصغر لاعب بين 132 مشاركاً، إلى جانب حضوره المميز في بطولات الجامعات الأمريكية مع فريق بوسطن.
واستعاد خالد بداياته مع اللعبة قائلاً لـ «البيان»: «بدأت ممارسة المبارزة عام 2012 عندما كنت في الحادية عشرة من عمري، وكان لوالدتي التأثير الأكبر في دخولي اللعبة، فقد كانت مصدر إلهامي بما حققته من إنجازات، وكنت أطمح أن أكون مثلها».
وعن أولى محطاته الدولية، تحدث خالد عن مشاركته في بطولة العالم للناشئين ببلغاريا، قائلاً: «نجحت في اجتياز المجموعات والتأهل إلى الأدوار الإقصائية، وكان ذلك إنجازاً مهماً في ذلك العمر، ومنذ تلك اللحظة تعلمت كيف أتعامل مع الضغط وأواجه أفضل المنافسين في العالم».
أما عن إنجازاته التي يعتز بها، فاعتبر خالد أن الفوز بلقب بطل الإمارات لسنوات عدة هو العلامة الأبرز في مسيرته، مؤكداً: «رغم قيمة الخبرة الدولية التي اكتسبتها، فإن إنجازاتي داخل الإمارات هي الأساس الذي بنيت عليه مسيرتي، وأسعى دائماً للحفاظ على هذا المركز والتقدم في التصنيف العالمي».
طموح أولمبي
ويمضي عمر، الشقيق الأصغر لخالد، في طريقه هو الآخر، ليصنع لنفسه حضوراً مميزاً.. ففي مسيرته القصيرة حتى الآن، مر بمحطات صعبة تركت بصمتها في شخصيته الرياضية، كانت أصعبها خلال بطولة العالم للناشئين في مدينة تورون، حين واجه بطل العالم في ذلك الوقت وسط حضور جماهيري كبير، قائلاً لـ«البيان»: «كانت أنظار الجميع موجهة نحوي، ورغم إدراكي أنني أواجه الأفضل في العالم، دخلت المباراة بثقة، صحيح أنني لم أفز، لكنني أظهرت مهاراتي ونلت احترام خصمي مع نهاية المواجهة».
وخلال مسيرته، شارك عمر في عدد من البطولات المحلية والدولية، أبرزها بطولة العالم للناشئين، إلى جانب تمثيله أيضاً فريق جامعة بوسطن كولج في المنافسات الجامعية بالولايات المتحدة، ليواصل تعزيز خبراته وصقل مهاراته في طريقه نحو تحقيق طموحاته الكبرى.
وبالحديث عن أجواء المنافسات، يرى عمر أن البطولات الدولية لها طابع مختلف تماماً عن المحلية، موضحاً: «المنافسات الدولية تجمع مئات اللاعبين من مختلف دول العالم، ما يجعل زمن اللعب أطول ويتطلب لياقة بدنية وقدرة تحمل أكبر.. كما أن الحضور الجماهيري الكبير يزيد من حدة المنافسة ويجعل المباريات أكثر إثارة».
أما عن طموحاته، فيضع عمر بالسلاح هدفاً كبيراً نصب عينيه، يتمثل في تمثيل الإمارات في الألعاب الأولمبية ليكون أول مبارز إماراتي يشارك في هذا المحفل العالمي، قائلاً: «أطمح أن أكون أول مبارز إماراتي يشارك في هذا الحدث الكبير، وأواصل العمل يومياً من أجل تحقيق هذا الحلم».
وفي ختام حديثه، وجه عمر رسالة إلى الجيل الجديد من اللاعبين، قائلاً: «أنصح كل لاعب شاب أن يبدأ التدريب من سن صغيرة، فالمشاركة في البطولات الكبرى لا تتحقق إلا بعد سنوات طويلة من المثابرة والعمل الجاد».


