في لحظة لا تنسى من تاريخ الرياضة الإماراتية وقفت شقيقتان على منصة التتويج، تتبادلان نظرات الفخر والفرح، بينما يرفرف علم الإمارات عالياً، كانت تلك اللحظة تتويجاً لمسيرة قصيرة في عمرها، لكنها عميقة في معناها، إنها قصة مروة واليازية الحمادي، بطلتان إماراتيتان في رياضة الإبحار الشراعي، صنعتا المجد من قلب البحر، بدعم لا يتزعزع من والدتهما، جليلة النعيم.
منذ سنوات قليلة لم يكن أحد يتوقع أن فتاتين في عمر الزهور يمكن أن تواجها أمواج البحر بثبات وعزيمة، وكأنهما ولدتا لاحتراف هذا التحدي، بدأت الحكاية عندما قررت مروة ذات الأربعة عشر عاماً خوض تجربة الإبحار الشراعي بدافع الفضول، لكنها سرعان ما وجدت نفسها مأخوذة بشغف هذه الرياضة وروحها التنافسية، وتقول والدتها: «بدأت مروة أولاً من باب التجربة، وسرعان ما أبدت شغفاً وحباً كبيراً للمياه والتحدي، ومن خلال متابعتها تأثرت اليازية وشعرت بأن هذه الرياضة تعكس روح القوة والاستقلالية، فقررت أن تخوضها بدورها».
نجحت الفتاتان، وفي وقت قصير، في كتابة اسميهما ضمن أبرز لاعبات المنتخب الإماراتي، في دورة الألعاب الخليجية الشاطئية «مسقط 2025»، وتوجت مروة بالميدالية الذهبية في فئة ILCA 4، بينما نالت اليازية، البالغة من العمر 13 عاماً، الميدالية الفضية في الفئة نفسها، وقالت مروة في تصريحات خاصة لـ«البيان»: «كانت مشاركتي في دورة الألعاب الخليجية الشاطئية تجربة رائعة ومليئة بالتحديات، سواء من حيث قوة المنافسة مع اللاعبات أو من حيث الظروف المناخية الصعبة كحرارة الجو، ولكن بفضل الله ثم بدعم أسرتي والمدربين، استطعت أن أقدم أداء مشرفاً، وأحقق الميدالية، شعرت بفخر كبير لحظة التتويج، وكانت لحظة استثنائية لن أنساها، لأنها ثمرة تعب وجهد طويل».
أما اليازية، وعلى الرغم من أن مشوارها في الشراع لم يتجاوز العام ونصف، فقد أكدت أن العزيمة والإصرار كانا مفتاح نجاحها، قائلة: «رغم أنني لم أحترف هذه الرياضة إلا منذ سنة ونصف فقط، إلا أنني تمكنت من إثبات نفسي وسط هذا المستوى العالي، شعرت بفخر كبير بعد تحقيق الميدالية، وكانت لحظة مميزة تؤكد لي أن الاجتهاد يثمر دائماً».
التحديات لم تكن سهلة على الفتاتين، خصوصاً في ظل حرارة الجو العالية، وتغيرات الرياح المفاجئة، التي تصنع فارقاً كبيراً في نتائج السباقات، لكن مروة كانت جاهزة، وقالت: «تعاملت مع هذه التحديات من خلال التركيز الكامل، والاستفادة من خبرتي في التعامل مع الظروف الصعبة، بالإضافة إلى الالتزام بالتكتيكات التي تدربت عليها قبل البطولة، والثقة بقدراتي»، أما اليازية فكان التحدي الأكبر بالنسبة لها هو قلة الخبرة مقارنة بالمنافسات، قائلة: «واجهت هذا التحدي بالعزيمة والتدريب المكثف، واعتمدت على الاستفادة من كل سباق كونه فرصة للتطور، كما أن دعم عائلتي ومدربي كان له دور أساسي في تعزيز ثقتي بنفسي».
وتحمل الشقيقتان في قلبيهما طموحاً كبيراً لبلوغ منصات التتويج العالمية، حيث تستعد مروة حالياً لخوض منافسات بطولة العالم في الولايات المتحدة الأمريكية، واضعة نصب عينيها هدف تمثيل الإمارات في أكبر المحافل الدولية.
وشاركتها اليازية نفس الرؤية، قائلة: «هذا الإنجاز هو بداية لمسيرة أطمح أن تكون حافلة بالمشاركات الدولية والنجاحات المتتالية، وما يزيد من عزيمتي هو أنني أخوض هذا المشوار برفقة أختي، حيث نشكل معاً ثنائياً إماراتياً قوياً لا يعرف المستحيل، نكمل بعضنا البعض في كل سباق، ونتقاسم نفس الحلم والطموح».
أما الأم فجاءت كلماتها محملة بالفخر والحب، قائلة: «شعوري لا يمكن وصفه بالكلمات، كان مزيجاً من الفخر والفرح والامتنان لله، رؤية ابنتيّ تتوجان في نفس البطولة وتعتليان منصات التتويج معاً هو من أجمل اللحظات في حياتي كوني أماً».
وتابعت: «الدعم يبدأ من الإيمان بطموحاتهما، ومنحهما الثقة الكاملة بقدراتهما، من الناحية المعنوية أحرص دائماً على تشجيعهما، والوقوف بجانبهما في كل تحدٍ، سواء في الفوز أو الخسارة، أما من الناحية العملية فنحن كوننا عائلة نحرص على تنظيم حياتهما اليومية بما يتناسب مع جدول التدريب والدراسة، ونوفر لهما كل ما تحتاجان إليه لمواصلة التدريب باحترافية». وتوجهت الأم بالشكر لكل من ساند مسيرة ابنتيها.