قصايد الشحي.. «وزيرة» على رقعة الشطرنج

من رقعة صغيرة في مجمع زايد التعليمي «عوافي» برأس الخيمة، بدأت قصة فتاة إماراتية لا يتجاوز عمرها عشر سنوات، لكنها تمتلك إصراراً وحلماً أكبر من عمرها.. قصايد الشحي، التي خطت أولى خطواتها في عالم الشطرنج قبل عام واحد فقط.

استطاعت في فترة وجيزة أن تنتقل من لاعبة مبتدئة إلى بطلة الإمارات للمدارس، ولاعبة أساسية في فريق نادي رأس الخيمة للشطرنج والثقافة تحت 14 عاماً، لتضع اسمها مبكراً بين الوجوه الواعدة في هذه الرياضة الذهنية. انضمام قصايد إلى النادي في يوليو 2024 تحت إشراف المدرب لطفي أوعلالن كان نقطة التحول الحقيقية، إذ صقل موهبتها ووضعها على طريق البطولات..

وخلال أقل من عام، أحرزت ذهبية بطولة الإمارات للمدارس وهي في الصف الخامس، ثم ساهمت في فوز فريق رأس الخيمة بالميدالية البرونزية في الدوري الإماراتي للفئات العمرية تحت 14 عاماً (فرق)، لتثبت أن العمر لا يقف عائقاً أمام الطموح حين يقترن بالعمل الجاد.

في تصريحات لـ«البيان»، استرجعت قصايد ذكريات خطوتها الأولى نحو عالم الشطرنج، حين دخلت مجمع زايد التعليمي «عوافي» في رأس الخيمة للمرة الأولى، قائلة:

«كان شعوري كشعور أي شخص يخوض تجربة جديدة؛ غمرتني سعادة كبيرة، وشعرت أنني أمام عالم مختلف يثير فضولي، وأيقنت في داخلي أنني حين أكبر سأصبح لاعبة قوية وأحقق النجاح في لعبة الشطرنج».

لكن تلك البدايات المليئة بالحماس لم تكن خالية من التحديات، إذ وجدت نفسها أمام لاعبين أكبر منها سناً وأكثر خبرة، وهو ما شكل ضغطاً في البداية، موضحة:

«كابتن لطفي أوعلالن طورني كثيراً وعرفني بأسرار الشطرنج التي لم أكن أعرفها، كان يدفعني للعب مع لاعبين أكبر مني سناً ومستوى، وفي البداية شعرت أن الأمور صعبة، لكن مع مرور الوقت فهمت أن ذلك كان في صالحي.. أحببت التحدي أمام من هم أقوى مني، وتعلمت أن أصبر وأفكر وأتروى قبل اتخاذ أي قرار».

ووصفت قصايد شعورها بعد الفوز بذهبية بطولة الإمارات للمدارس وهي في الصف الخامس، معتبرة تلك اللحظة محطة فارقة في مسيرتها، قائلة: «الفوز ببطولة الإمارات كان بالنسبة لي لحظة مميزة.

لأنه جاء تتويجاً لتعب وجهد طويل في التدريب، شعرت بسعادة كبيرة وأنا أتلقى التكريم وسط الحضور، وكانت سعادتي أكبر عندما رأيت عائلتي حاضرة في تلك اللحظة، وهو ما شكل دافعاً قوياً للاستمرار في العمل الجاد، والسعي لتحقيق المزيد من البطولات في المستقبل».

رؤية فنية

وعن طموحاتها المستقبلية، بدت ملامح الإصرار واضحة على وجه قصايد وهي تقول : «أسعى لأن أتوج بطلة للإمارات في العام المقبل، ثم أحقق لقب بطولة العرب، على أن أواصل بعدها طريقي نحو لقب بطلة العالم في الشطرنج، أحلم بتمثيل بلدي الإمارات في أكبر المحافل الدولية، والحصول على لقب WGM (أستاذة دولية كبيرة)، وهو حلم أعمل على تحقيقه بخطوات ثابتة ومدروسة».

وترى قصايد أن الشطرنج عالم كامل يتجاوز فكرة تحريك القطع على الرقعة، ولهذا اختارت قطعة «الوزير» لتعكس شخصيتها وأسلوبها في اللعب، موضحة:

«الوزير لا ينتظر أن تأتيه اللحظة، بل يصنعها بنفسه  ويتواجد دائماً حيث يمكنه قلب مجريات اللعبة لصالحه، قوته الحقيقية تظهر حين يتحرك بتناغم مع باقي القطع، وهذا يشبه الشخص الذي رغم قوته، يؤمن بروح الفريق والعمل الجماعي».

واستعادت قصايد إحدى اللحظات التي تركت أثراً عميقاً في مسيرتها، قائلة: «كانت في بطولة الإمارات تحت 20 سنة للسيدات، التي أقيمت في شهر يوليو الماضي، حين واجهت لاعبة أكبر مني بخمس سنوات وفزت عليها.. في تلك اللحظة، شعرت بيقين أنني أمتلك القدرة على أن أصبح بطلة للدولة في المستقبل».

ويرى الجهاز الفني لنادي رأس الخيمة أن قصايد الشحي، رغم صغر سنها، تمتلك المقومات التي تؤهلها لتكون ضمن بطلات الإمارات في فئتها، إذا واصلت العمل الجاد وحرصت على المشاركة المنتظمة في البطولات المحلية والدولية، الأمر الذي يمكنها من الوصول إلى أهدافها وتمثيل الدولة في أبرز المحافل.