تميزن بإصرارهن على النجاح، ووضعن أسماءهن في سجلات المجد الرياضي، وكان الصعود إلى منصات التتويج هدفاً سعين إليه بكل قوة وعزيمة، بنات الإمارات لم يتوقفن عند حدود الطموح، بل تجاوزنها بإرادة صلبة وثقة لا تعرف التراجع، ومثبتات أن العزيمة تصنع البطلات الحقيقيات، إنجازاتهن محطات مشرفة تليق باسم الوطن ومكانته التي تعانق السماء، وتجسد رؤية القيادة في تمكين الفتاة الإماراتية لتكون في الصفوف الأولى.
وفي هذا العدد من «ملاعب حواء»، النافذة الشهرية عبر «البيان»، نسلط الضوء على أربع بطلات يمثلن الرياضة النسائية الإماراتية؛ من إنجازات نوف سعيد على بساط الجودو، إلى تألق خديجة الجسمي في الكاراتيه، وحضور مريم البلوشي اللافت في ملاعب الريشة الطائرة، وصولاً إلى الخطوات الأولى المبهرة لريم الخاطري على رقعة الشطرنج.. بطلات يكتبن فصولاً جديدة من التميز.
بطلة الشهر
في الخامسة عشرة من عمرها، نجحت نوف سعيد، لاعبة نادي الفجيرة للفنون القتالية، في ترك بصمة لافتة على بساط الجودو، مؤكدة أن العمر ليس عائقاً أمام الطموح الكبير، بدأت نوف ممارسة الرياضة في سن الرابعة عشرة، وسرعان ما برزت موهبتها في اللعبة، فحصدت ألقاباً محلية مهمة، حيث شاركت في دوري أبطال الإمارات للجودو 2024، ثم توجت بالمركز الأول في كأس الإمارات للجودو 2025، وبطولة كلباء المفتوحة 2025، وبطولة كأس السفير الياباني 2025، لتثبت حضورها القوي على بساط الجودو.
وكانت مشاركتها الأخيرة في البطولة العربية للأندية بمدينة الإسكندرية محطة خاصة في مسيرتها، حيث أحرزت المركز الثالث والميدالية البرونزية في وزن تحت 44 كجم، لتضيف إنجازاً عربياً لرصيدها، ووصفت نوف التجربة، قائلة: «كانت هذه أول بطولة أشارك فيها خارج الإمارات، وأول احتكاك لي بلاعبات من مدارس فنية مختلفة ومستويات عالية، وهو ما منحني تجربة جديدة تماماً، في البداية شعرت بالتوتر ورهبة المواجهات، خصوصاً أمام لاعبات يتمتعن بخبرة أكبر وقوة بدنية، لكن الرغبة في إثبات نفسي على البساط كانت دافعاً قوياً، ومع كل نزال كنت أستعيد ثقتي وأركز أكثر، وساعدني في ذلك تشجيع مدربي عوض أحمد، وثقته بي، إضافة إلى الدعم المعنوي من زميلاتي، حتى تمكنت من تجاوز الصعوبات وتحقيق الميدالية البرونزية».
وترى نوف أن سر نجاحها في البطولة لم يأتِ من فراغ، بل كان ثمرة عمل وجهد متواصلين على مدار أسابيع من التحضير، وأشادت بالدور المحوري لنادي الفجيرة للفنون القتالية والجهاز الفني في دعمها، حيث وفّرا لها بيئة تدريبية مثالية، وبرامج مكثفة تجمع بين الجوانب الفنية والبدنية، مع التركيز على تطوير القوة والتحمل وتحسين الخطط التكتيكية.
وأكدت نوف أن هذا الإعداد الشامل كان له أثر مباشر في منحها الثقة والجاهزية الكاملة لخوض المنافسات، الأمر الذي ساعدها على تقديم أفضل مستوى لديها وانتزاع الميدالية البرونزية.
ولم تنسَ نوف أن توجه شكرها لوالديها، مشددة على أن دعمهما كان الأساس في مسيرتها، سواء من خلال التشجيع المستمر أم توفير كل ما تحتاجه للتدريب والمشاركة في البطولات، مشيرة إلى أنهما كانا السند الحقيقي لها في مواجهة التحديات داخل الملعب وخارجه.
وعن رؤيتها لمستقبل الجودو في الإمارات على مستوى النساء، أوضحت: «المستوى في تطور مستمر، وهناك مواهب قادرة على تحقيق إنجازات كبيرة، لكننا بحاجة إلى مزيد من التدريبات المكثفة والاحتكاك القوي من خلال المشاركة في بطولات خارجية أكبر، حتى نكسب خبرات أوسع ونرفع جاهزيتنا للمنافسات الدولية».
أما عن طموحاتها، فأكدت نوف أن أحلامها لا تتوقف عند حدود البطولات المحلية، قائلة: «أطمح إلى تمثيل منتخب الإمارات للجودو، وأن أصبح بطلة عالم في وزن تحت 44 كجم، لأرفع علم بلادي في أكبر المحافل الدولية».
خديجة الجسمي.. روح قتالية وطموح ذهبي
صوت البطلات
من منصة إلى أخرى، ومن فئة سنية إلى أخرى، تواصل اللاعبة الإماراتية خديجة الجسمي شق طريقها بثبات في عالم الكاراتيه، واضعة نصب عينيها هدفاً كبيراً لا تغيب عنه عبارة «أريد أن أرفع اسم دولتي الإمارات في كل بطولة أشارك فيها».
خديجة، لاعبة نادي شباب الأهلي، موهوبة في رياضة تتطلب لياقة بدنية عالية وتركيزاً ذهنياً كبيراً، وأثبتت من خلال مشاركاتها المتتالية في بطولات خليجية وآسيوية ودولية، أنها من أبرز الوجوه الواعدة في منتخب الإمارات لفئة الناشئات، حيث تنافست في وزن تحت 54 كجم، وحققت ميداليات متعددة، أبرزها ذهبية غرب آسيا عام 2023، وميداليات جماعية وفردية أخرى، تمهد لطموح أكبر.
بدأت خديجة مشوارها الرياضي عام 2018، وهي في سن صغيرة، وسرعان ما انضمت إلى صفوف نادي شباب الأهلي، حيث خاضت تدريباتها الأولى، وبدأت المشاركة في البطولات المحلية، وبعد سنوات من العمل الجاد، أتيحت لها الفرصة لتمثيل منتخب الإمارات، وكانت أول مشاركة دولية لها عام 2022 في بطولة آسيا التي أقيمت في أوزبكستان، وهناك، أحرزت الميدالية البرونزية، وكانت تلك لحظة مفصلية في مسيرتها، كما قالت لـ«البيان»: «بطولة آسيا 2022 كانت أول مشاركة لي مع المنتخب، وكان شعوراً رائعاً أن أحقق المركز الثالث في أول بطولة خارجية، شعرت بالفخر والمسؤولية، وعرفت أن أمامي طريقاً طويلاً لأصل إلى القمة».
ولم تتوقف الميداليات عند تلك البرونزية، إذ سرعان ما واصلت خديجة مشاركاتها على مختلف الصعد، فحققت المركز الأول في بطولة غرب آسيا بالأردن عام 2023، وميداليتين (فردية وجماعية) في بطولة عمان الدولية خلال العام نفسه، إلى جانب ذهبيتين في بطولة الخليج (فردي وجماعي) عام 2024، وبرونزية جديدة في بطولة غرب آسيا 2024 التي أقيمت في الإمارات.
وفي حديثها، عبّرت خديجة عن فخرها بما تحقق حتى الآن، مشيرة إلى أن كل بطولة خاضتها منحتها دفعة إضافية للاستمرار، قائلة: «كل ميدالية حققتها تمثل خطوة على الطريق.. وهي ثمرة تعب وجهد متواصل، وأسعى في كل مشاركة إلى تطوير مستواي أكثر من السابق».
تشجيع دائم
التحدي الأكبر الذي واجهته خديجة كان في التوفيق بين التزاماتها الدراسية وتدريباتها المكثفة، خصوصاً في فترات المعسكرات والمشاركات الخارجية، قائلة: «الامتحانات والدراسة كانت مسؤولية كبيرة، لكنني اخترت التوازن بينهما، لأنني أؤمن بأهمية كل جانب في حياتي.. وبفضل دعم الأسرة والمدربين، استطعت أن أواصل مشواري الدراسي والرياضي معاً دون أن يؤثر أحدهما على الآخر».
وأشارت خديجة إلى الدور المحوري الذي لعبه المدربون والإداريون في مشوارها، على رأسهم المدرب محمد أونسي الذي كانت كلماته محفزة منذ البداية، حيث قالت: «كابتن محمد قال لي منذ سنوات (أنتِ ستكونين بطلة يوماً ما)، والحمدلله حققت ميداليات عدة بفضله وبفضل إيمانه بقدراتي».
كما خصت خديجة بالشكر الإدارية أمل شهاب التي ساعدتها في تنظيم وقتها بين الدراسة والمنافسات، وكانت حريصة على توفير الجو المناسب لها ولزميلاتها، وكذلك المدرب أحمد سالم الذي كان يركز معها في التدريبات ويمنحها الثقة.
مريم البلوشي.. من الجامعة إلى منصات الريشة الطائرة
رحلة جديدة
انطلقت رحلة مريم البلوشي من داخل أروقة الجامعة، حينما لمست لأول مرة مضرب الريشة الطائرة في النادي الرياضي الخاص بالكلية، لم تكن تتخيل حينها أن شغفها السريع باللعبة وقدرتها على التعلم سيحولان تلك التجربة إلى نقطة انطلاق لمسار رياضي جديد ومميز، ومع مرور الوقت تحول الفضول إلى التزام، والهواية إلى هدف واضح، حتى أصبحت الريشة الطائرة جزءاً لا يتجزأ من حياتها.
وجاء عام 2020 ليشكل نقطة التحول الأهم في مسيرة مريم، حين انضمت رسمياً إلى صفوف نادي النصر.. هناك وجدت بيئة تدريبية محفزة وأجواء تنافسية دفعتها إلى تطوير مستواها الفني والبدني بشكل ملحوظ، وتحت إشراف مدربين مؤمنين بقدراتها، خاضت مريم تدريبات مكثفة ومواجهات قوية، كانت نتيجتها سلسلة من الإنجازات اللافتة، من بينها إحراز المركز الثالث في فئة زوجي السيدات ببطولة كأس العرب في البحرين عام 2021، وهو إنجاز ترك بصمة مميزة في مسيرتها الرياضية، ثم تأهلت لتمثيل المنتخب الوطني في بطولة آسيا للفرق المختلطة، التي استضافتها دبي عام 2023، وحققت ميداليات متعددة في بطولات دورة الشيخة هند للألعاب الرياضية للسيدات، وصولاً إلى الفوز بالميدالية الفضية في فئة زوجي السيدات الموحد ببطولة الألعاب العالمية للأولمبياد الخاص برلين 2023.
فخر واعتزاز
وعن أكثر اللحظات رسوخاً في ذاكرتها، استحضرت مريم مشهد وقوفها على منصة التتويج في البحرين، وهي ترفع علم الإمارات بفخر واعتزاز، مؤكدة أن «شعور الانتماء في تلك اللحظة كان يفوق الوصف، كانت تجربة عاطفية أعادت تأكيد ارتباطي بوطني، ومنحتني دافعاً قوياً للاستمرار وبذل المزيد من الجهد لتحقيق الأفضل في كل منافسة أخوضها».
وأكدت مريم أن نادي النصر كان له دور محوري في تطوير مستواها الرياضي، بفضل البيئة التدريبية المثالية التي وفرها والدعم النفسي المستمر من قبل الجهاز الفني والإداري، مشيدة بجهود مدربيها الذين آمنوا بموهبتها منذ البداية، بدءاً من مدربتها في الجامعة، روبا موخرجي، وصولاً إلى مدربي النادي والمنتخب الوطني، سيبي شندرا، وزيد قصاص، ومحمود طيفور، الذين أسهموا بشكل كبير في صقل مهاراتها وتعزيز ثقتها بنفسها.
توازن ناجح
ورغم صعوبة الجمع بين متطلبات العمل والرياضة، خصوصاً بعد تخرجها في 2019 وبدء مسيرتها المهنية، استطاعت مريم أن توازن بينهما بنجاح، محافظة على انضباطها والتزامها داخل الملعب وخارجه، ما أسهم في تطوير أدائها بشكل مستمر.
وفيما يتعلق بطموحاتها المستقبلية عبرت مريم بثقة وحماس، قائلة: «أسعى لتمثيل الإمارات في البطولات القارية والعالمية، ورفع علم بلادي في أكبر المحافل الرياضية، كسفيرة تعكس صورة الرياضة النسائية الإماراتية في جميع أنحاء العالم».
ريم الخاطري.. موهبة شطرنج إماراتية واعدة
بداية الحكاية
في سن صغيرة، لم تتجاوز أربع سنوات ونصف، بدأت ريم الخاطري رحلتها مع الشطرنج من بوابة نادي رأس الخيمة للشطرنج والثقافة، مدفوعة بحماس والدتها التي أرادت أن ترى بناتها الثلاث، ميرا وموزة وريم، على طريق التفوق في هذه اللعبة الذهنية.
وسرعان ما وجدت ريم نفسها تشارك في البطولات، بدءاً من بطولة المدارس «حمدة بنت مطر» عام 2024، وبطولة الإمارات للشطرنج السريع تحت 8 سنوات، مروراً ببطولة الدوري لفرق تحت 10 سنوات التي أحرزت فيها المركز الثاني، وبطولة الألعاب المدرسية، وصولاً إلى بطولة الإمارات للشطرنج الكلاسيكي، وهي الآن تخوض غمار بطولة الإمارات الفردية.
وأوضحت مريم راشد، والدة ريم الخاطري، أن وجود شقيقتها ميرا، الحاصلة على الميدالية الفضية في البطولة العربية للشطرنج تحت 8 سنوات، كان له أثر كبير في تطور مستواها، إذ تتدرب معها باستمرار في المنزل، إلى جانب شقيقتها موزة، كما تحرص على اللعب مع والدتها وخوض مباريات عبر الإنترنت.
وأضافت: «إن ريم، رغم صغر سنها، ما زالت تتذكر أولى بطولاتها، بطولة الإمارات المفتوحة، حيث كانت الأصغر بين المشاركين فيها، لكنها شعرت بسعادة كبيرة لمشاركتها إلى جانب شقيقاتها».
وكشفت مريم راشد أن أكثر القطع المفضلة لدى ريم على رقعة الشطرنج هما «الوزير» و«القلعة» لما تتميزان به من قوة في الهجوم، مؤكدة أن طموح ابنتها هو تمثيل الإمارات في البطولات الخارجية ورفع علم الوطن عالياً.