من مدينة الدار البيضاء المغربية عادت اللاعبة الإماراتية الصغيرة، ميرا الخاطري، حاملة معها ميدالية فضية لامعة، أحرزتها ضمن منافسات فئة تحت 8 سنوات في البطولة العربية للشطرنج، التي أقيمت قبل أيام، مؤكدة أن التتويج لا ينتظر سنوات النضج، بل يبدأ أحياناً من عمر الطفولة بشغف صادق وخطوة واثقة.
وتمثل ميرا، لاعبة نادي فتيات رأس الخيمة للشطرنج والثقافة، نموذجاً واعداً لجيل جديد من اللاعبات الناشئات اللواتي لا يكتفين بالمشاركة، بل يصعدن مباشرة إلى منصات التتويج، ويكتبن فصولاً جديدة من الأمل والانتماء الوطني.
بداية مبكرة
أكدت مريم راشد، والدة اللاعبة ميرا، في حديثها لـ«البيان» أن ابنتها بدأت شغفها بلعبة الشطرنج منذ لحظة حصولها على رقعة اللعب الأولى في المنزل، قائلة: «كنت قد اشتريت لعبة شطرنج لميرا وأخواتها، فلاحظت سرعة استيعابها لحركات القطع وأسمائها، وشغفها الملحوظ بالتعلم، فقررت أن أُنمي هذه الموهبة وسجلتها في نادي فتيات رأس الخيمة للشطرنج والثقافة».
وتابعت مريم: «كان الكابتن لطفي أوعلالن، مدرب النادي، من أوائل من آمنوا بموهبتها، وحرص على صقلها بأسلوب يراعي سنها الصغيرة، كما ساعدها على فهم أساسيات اللعبة وتطبيقها خلال البطولات».
ولا تعد ميرا الوحيدة في العائلة التي تمارس الشطرنج، إذ تسير شقيقاتها على خطاها في الميدان نفسه، وتبرز والدتها أن أختها الصغرى ريم الخاطري بدأت مؤخراً حصد الميداليات أيضاً، خلال المسابقات، التي شاركت فيها، مؤكدة: «ريم ما زالت في بدايتها، لكنها تمتلك موهبة واعدة، وستحقق إنجازات قريباً على خطى شقيقتها، بإذن الله».
ورغم حداثة سنها تمتلك ميرا الخاطري سجلاً حافلاً بالإنجازات المحلية اللافتة، يؤكد نضجها الفني المبكر، فقد توجت بلقب بطلة الإمارات للمدارس عام 2024، ثم أحرزت المركز الأول في بطولة الألعاب المدرسية تحت 7 سنوات لعام 2025، وفي العام نفسه نالت لقب بطلة الإمارات للشطرنج السريع فئة تحت 8 سنوات، وبطلة الإمارات للشطرنج الكلاسيكي 2025، إلى جانب وصافة الدوري لفرق تحت 10 سنوات مع فريق نادي فتيات رأس الخيمة.
أما على الصعيد العربي فجاءت ميداليتها الفضية في البطولة العربية للفئات العمرية بالمغرب 2025، لتتوج هذه المسيرة النشطة، بعد أن خاضت منافسات قوية أمام لاعبات من مختلف الدول، وقدمت أداء متماسكاً، أهلها للصعود إلى منصة التتويج بكل جدارة.
لحظة خاصة
وعن شعورها أثناء نيل الميدالية الفضية في البطولة العربية نقلت والدتها: «ميرا شعرت بسعادة كبيرة عندما حصدت المركز الثاني، رغم أن طموحها الحقيقي كان التتويج بالذهبية، لكنها تعرف أن لكل بطولة خبرة، وأن القادم أفضل».
ولا تنفصل الحياة الرياضية لميرا عن أجواء منزلها الداعم، إذ أوضحت والدتها: «نتدرب كثيراً في المنزل، أحياناً مع إخوتها، وأحياناً أكون أنا شريكتها الوحيدة في اللعب. تميل إلى اللعب معي لأنها تشعر بالراحة والمتعة بعيداً عن أي ضغوط، وهو جانب نفسي في غاية الأهمية بالنسبة لطفلة في مثل عمرها».
وتسعى ميرا، كما أوضحت والدتها، إلى تمثيل الإمارات في بطولات كبرى مستقبلاً، وتؤمن بأنها قادرة على تحقيق نتائج مشرفة، حيث صرحت قائلة: «ميرا تحلم بأن تشارك في بطولات كبيرة، وترفع علم الإمارات في محافل دولية. طموحها لا يتوقف، وكل إنجاز يفتح لها باباً جديداً».
تفضيلات البطلة
وعن جوانبها الشخصية قالت والدتها، إن أكثر قطعة تفضلها ميرا في الشطرنج هي «الوزير»، لأنها الأقوى والأكثر حرية على الرقعة، أما السفر والمشاركة الخارجية فكان لهما تأثير كبير في تعزيز شخصية ميرا، سواء من الناحية الاجتماعية أو من حيث ثقتها بنفسها كونها لاعبة شطرنج، حيث قالت والدتها: «أحبت السفر كثيراً، من خلال تجربتها الأولى في المغرب، حيث تعرفت على لاعبات من أندية الإمارات الأخرى، مثل الشارقة ودبي وكلباء، إضافة إلى صديقات من الدول المشاركة، وكانت ذكريات البطولة جميلة جداً بالنسبة لها».
وفي ختام حديثها وجهت والدة ميرا رسالة تقدير إلى المدرب لطفي أوعلالن، قائلة: «أشكر الكابتن لطفي على دعمه وثقته بابنتي، وعلى إيمانه بأهمية إشراك الفئات السنية الصغيرة في البطولات الخارجية، ما ينعكس إيجاباً على تطور مستواهم واكتسابهم للخبرة، وهو ما نحتاج إليه لصناعة أبطال المستقبل في الشطرنج الإماراتي».
