حمدة التميمي لـ«البيان »: المبارزة شغفي.. والأولمبياد هدفي

من صالة نادي الفجيرة للفنون القتالية، بدأت حكاية شابة إماراتية تحمل في يدها سيفاً، في قلبها إصرار يتنامى مع كل خطوة.. حمدة التميمي، ابنة السابعة عشرة، التي اختارت رياضة المبارزة لتكون طريقها إلى التميز.

وسلاحها لتحقيق حلم تمثيل الإمارات في الأولمبياد، بعد أن أصبحت اليوم واحدة من أبرز الوجوه الصاعدة في اللعبة على مستوى الدولة. بدأت حمدة مشوارها قبل عامين فقط، لكنها استطاعت في وقت قياسي أن تثبت نفسها، فحجزت موقعها في المنتخب الوطني.

وحققت الميدالية البرونزية في البطولة العربية لعام 2024، إلى جانب تصنيفها الأولى محلياً في فئتها، والثالثة على مستوى غرب آسيا في سلاح الفلوريه، وهو أحد أصعب الأسلحة في رياضة المبارزة من حيث المهارة والدقة.

حكت حمدة لـ«البيان» عن بداياتها قائلة: «في عام 2022، قررت تجربة المبارزة بدافع الفضول فقط، ولم أكن أتخيل أن تمريناً واحداً سيكون كافياً لتتغير نظرتي تماماً.. شعرت أنني وجدت نفسي في هذه الرياضة، ومع كل تدريب كانت الرغبة تزداد، وأصبحت جزءاً من يومي لا أستطيع الاستغناء عنه».

ورغم قصر مشوارها، إلا أن نتائجها جاءت سريعة، فقالت: «من خلال البطولات المحلية بدأت ألاحظ تطوراً كبيراً في مستواي، وشعرت أن ما أملكه موهبة وليس هواية، وهذا ما دفعني لأن أطمح لتمثيل وطني».

لم تكن الرحلة خالية من التحديات، فبداية حمدة مع رياضة المبارزة تزامنت مع مرحلة دراسية مهمة في حياتها، ما جعلها تعيش في دوامة من الالتزامات اليومية بين الواجبات المدرسية والتدريبات المكثفة.. قائلة:

«أوقات الامتحانات كانت الأصعب، لأنني كنت مضطرة أحياناً للتوفيق بين حصص صباحية طويلة وتمارين مسائية مرهقة.. لكن في كل مرة شعرت فيها بالتعب، كنت أذكر نفسي دائماً لماذا بدأت.. هدفي كان واضحاً أمامي، وتعلمت كيف أوازن بين كل الجوانب».

ورغم صغر سنها وحداثة تجربتها، استطاعت حمدة أن تترك بصمة في أولى مشاركاتها الخارجية، حيث مثلت الدولة في البطولة العربية، وحصدت خلالها ميدالية برونزية وسط منافسة قوية من لاعبات دوليات متمرسات.. مضيفة:

«راضية عما قدمته، لكن لا أزال أطمح للمزيد.. كل بطولة أشارك فيها تضيف لي الكثير من الخبرة، وتعلمني شيئاً جديداً، أعتبر كل تجربة بمثابة خطوة نحو حلم أكبر أعمل عليه بهدوء وثبات».

خصت حمدة والديها بالحديث، ووصفت دعمهما بأنه «وقود الرحلة» الذي لم ينقطع منذ أن قررت دخول عالم المبارزة.. قائلة: «أمي وأبي كانا الدافع الحقيقي لي.. دعمهما المستمر، وتشجيعهما في كل المراحل، من أول تمرين وحتى مشاركتي في البطولات، علماني معنى الالتزام والمثابرة، وأيقظا بداخلي روح التحدي منذ أول لحظة».

وأضافت بابتسامة: «في كل مرة شعرت فيها بالإرهاق أو التردد، كان يكفي أن أسمع منهما كلمة واحدة لأستعيد ثقتي بنفسي.. وجودهما في حياتي هو السبب في أنني ما زلت متمسكة بحلمي وأسعى إليه بكل طاقتي».

وترفض حمدة فكرة أن الفتاة الإماراتية ما زالت تواجه تحديات جوهرية في المجال الرياضي، مؤكدة أن دولة الإمارات كانت سباقة في دعم المرأة وتمكينها على مختلف الصعد، لا سيما في الرياضة، حيث توفرت البنية التحتية والدعم الفني والمعنوي، إلى جانب وجود نماذج ناجحة مهدت الطريق للأجيال الجديدة.. حيث قالت بثقة: «دولتنا أعطتنا كل شيء..

الدعم موجود، والفرص متاحة، سواء من خلال الأندية أم المنتخبات أم الجهات الرسمية.. اليوم، المرأة الإماراتية قادرة على التميز في أي مجال تختاره، إذا توفر فيها العزم والإصرار والرغبة الحقيقية في النجاح».

وتؤمن حمدة أن ما تحتاجه أي رياضية شابة اليوم هو أن تبدأ بثقة وتستفيد من كل ما هو متاح أمامها، فالمسار أصبح ممهداً، والمسؤولية الآن على الجيل الجديد في مواصلة البناء وتحقيق الإنجازات.

الحلم.. لوس أنجلوس

وفيما يخص أهدافها المقبلة، قالت حمدة: «هدفي القريب هو أن أبدأ الموسم الجديد بقوة، وأتصدر التصنيف في مختلف الفئات.. أما الحلم الأكبر فهو أن أشارك في أولمبياد لوس أنجلوس 2028، وأرفع علم بلادي هناك».

واختتمت حمدة حديثها برسالة ملهمة للفتيات: «لا تترددي.. لا تخافي من البداية، كل إنجاز يبدأ بخطوة.. المبارزة رياضة تمنحك الثقة والانضباط، وتظهر قوتك وذكاءك.. ثقي بنفسك وابدئي».