في قلب ساحة المنافسة، يقف توأم إماراتي يحملان الشغف نفسه، والطموح نفسه، بسيفي مبارزة مختلفين.. الهيام وفارس البلوشي، شقيقان يتقدمان بخطى واثقة على بساط المبارزة، يمثلان نادي الفجيرة للفنون القتالية، والمنتخب الوطني، ويرفعان علم الإمارات في المحافل القارية والدولية، بتنسيق وتناغم لا يرى إلا في علاقات استثنائية من هذا النوع.
ينسجان معاً قصة دعم متبادل، وتحديات مشتركة، ونضوج رياضي نما مع كل خطوة ومواجهة.. في كل بطولة يخوضانها معاً، يتبادلان الأدوار بين المنافس والزميل، وبين المساند والمحفز، وفي كل لحظة تتويج، تتقاسم الفرحة أرواح العائلة كلها، التي آمنت بهما منذ اللحظة الأولى.
بطلة بسيف الإرادة
في عمر السابعة عشرة، تقف الهيام البلوشي بكل ثقة على منصات التتويج، بعد أن صنعت لنفسها مكاناً في طليعة المبارزات الإماراتيات، وأصبحت من أبرز الوجوه الواعدة في رياضة الفلوريه.
وبدأت الهيام رحلتها من بحث داخلي عن شغف حقيقي، خاضت خلاله تجارب رياضية متعددة، من الجوجيتسو إلى ركوب الخيل، قبل أن تجد ضالتها في ساحة المبارزة.
وتحديداً من بوابة التوأمة التي تربطها بشقيقها فارس، الذي كان له دور محوري في دفعها نحو هذه الرياضة الفريدة. وقالت الهيام لـ«البيان»: «منذ الحصة التدريبية الأولى شعرت أنني وجدت ما كنت أبحث عنه.. كان شقيقي التوأم هو أول من شجعني على دخول هذه الرياضة، ومنذ تلك اللحظة أصبحت المبارزة شغفي الحقيقي».
وصنعت الهيام لنفسها اسماً لامعاً في البطولات الإقليمية والقارية، محققة سلسلة من الإنجازات، أبرزها ذهبية بطولة غرب آسيا، والخليج، والمدارس، وذهبية كأس آسيا تحت 17 عاماً، وبرونزية بطولة العالم للمدارس في البحرين.
وتواجدها ضمن قائمة الخمسة الأوائل في جائزة محمد بن راشد للإبداع الرياضي، كما تتصدر التصنيف الأول على مستوى الدولة في مختلف الفئات السنية، وصولاً إلى آخر إنجاز لها، وهو التتويج بذهبية البطولة العربية للسيدات 2025 في البحرين.
وما يميز تجربتها هو علاقتها الاستثنائية بشقيقها التوأم، الذي يشاركها الإنجازات، ويحول روح المنافسة بينهما إلى طاقة إيجابية تحفز كليهما على التطور.. ووصفت الهيام هذه العلاقة بقولها: «نحن نتنافس بطريقة صحية، وندعم بعضنا بكل صدق، ووجوده إلى جانبي جعل الطريق أقل صعوبة».
أما أكثر اللحظات رسوخاً في ذاكرتها، فكانت تلك التي وقفت فيها إلى جانب فارس على منصة التتويج، قائلة: «عندما نفوز أنا وتوأمي معاً في بطولات دولية، تكون الفرحة مضاعفة.. تلك اللحظات لا يمكن وصفها، لأنها تمنح الإنجاز طابعاً عائلياً جميلاً».
وكان للعائلة دور محوري في مسيرتهما الرياضية، حيث وصفت الهيام والدتها بأنها «السند الأول»، قائلة: «أمي، حفظها الله، هي القلب النابض لنجاحنا، فهي التي تحرص على إعداد الطعام الصحي لنا، وترافقنا في البطولات، وتدعمنا في كل لحظة.. كما أن شقيقتي المها وشقيقي صالح دائماً أول المشجعين لنا في المدرجات، ووجودهما يمنحنا دعماً نفسياً كبيراً».
قفزات نوعية
منذ خطواته الأولى على بساط المبارزة، لم يتوقف فارس البلوشي عن تحقيق قفزات نوعية جعلته واحداً من أبرز الوجوه الصاعدة في سلاح الفلوريه، يرتدي قناع المبارز بكل ثقة، محملاً بروح التحدي، ودعم عائلي.
وفي تصريحات لـ«البيان»، استعرض فارس بداياته قائلاً: «بدأت ممارسة المبارزة قبل الهيام، برفقة شقيقي صالح، وكانت البداية من المدرسة.. منذ أول تجربة شعرت بأن هذه الرياضة تشبهني، ومنذ ذلك الوقت أصبحت شغفي الحقيقي، ولاحقاً شجعت الهيام على الانضمام إلي».
وتحولت هذه الثنائية إلى قصة رياضية فريدة، تجمع بين التنافس الأخوي والدعم المتبادل، حيث قال فارس: «تربطني بهيام روح تحد صحية، لكن الأهم أننا دائماً نقف إلى جانب بعضنا، ونتبادل التشجيع».
وحقق فارس إنجازات متتالية على المستويين الإقليمي والدولي، أبرزها ذهبية بطولة آسيا تحت 17 عاماً، وذهبية دورة الألعاب العالمية القتالية في السعودية، وذهبية غرب آسيا، والخليج، والمدارس، وفضية بطولة الستالايت الدولية للرجال.
وبرونزية بطولة العالم للمدارس، إلى جانب تصدره التصنيف الأول في الدولة على مستوى جميع الفئات، وصولاً إلى آخر إنجاز له وهو برونزية البطولة العربية 2025 في البحرين.
ومع كل ميدالية، كانت هناك لحظات استثنائية تترك أثرها، كما وصف فارس قائلاً: «أكثر لحظة لا يمكن أن أنساها حين حققت ذهبية بطولة آسيا، كأول إنجاز تاريخي للإمارات على هذا المستوى، ومن اللحظات التي أعتز بها أيضاً وقوفي مع شقيقتي الهيام على منصة التتويج في أكثر من بطولة.. شعور الإنجاز إلى جانب شقيقتي التوأم له طابع خاص».
وكما في قصة الهيام، كانت العائلة حاضرة بقوة في دعم فارس، الذي وصف والدته بأنها السند الأساسي، قائلاً: «والدتي تتابعنا وتدعمنا باستمرار، وتقف إلى جانبنا في كل خطوة، وإخواني دوماً أول المشجعين في أي بطولة..
وجودهم يمنحنا قوة نفسية كبيرة». ويضع فارس هدفاً واضحاً نصب عينيه: «الهدف الأكبر لي وللهيام هو تمثيل الإمارات في أولمبياد لوس أنجلوس 2028».
ووجه فارس في ختام حديثه رسالة صادقة إلى شباب الإمارات، قائلاً: «أنصح كل شاب وشابة بتجربة المبارزة، فهي رياضة تنمي الثقة بالنفس، والصبر، وسرعة البديهة.. قد تبدو البداية صعبة، لكن كل إنجاز كبير يبدأ بخطوة».