وسط منافسة محتدمة على رقعة الشطرنج، وقفت وافية المعمري بثبات، لتقلب التوقعات وتعتلي منصة التتويج في «بطولة الإمارات الفردية للشطرنج 2025»، في فئة السيدات، بعد أن قدمت مشواراً استثنائياً حصدت خلاله 8 نقاط من أصل 9 جولات، ممثلة نادي العين للشطرنج والألعاب الذهنية.
وجاء هذا اللقب تتويجاً لعمل منظم وتحضيرات جادة، وإرادة صلبة، فبينما كان كثيرون يترقبون أداء وافية المعمري بعد فترة غياب عن المشاركات الرسمية بسبب دراستها في الخارج، عادت بقوة لافتة، وقدمت أداءً أكد مكانتها بين نخبة الشطرنج النسائي في الدولة.
وكشفت وافية لـ«البيان»، عن أن هذه البطولة كانت بالنسبة لها تحدياً مزدوجاً، كونها جاءت بعد فترة دراسة خارج الدولة، أبعدتها عن الأجواء التنافسية، قائلة: «بطولة الإمارات كانت تحدياً كبيراً لي، لأنني كنت أدرس في بريطانيا، وابتعدت عن الشطرنج لفترة طويلة.. كنت قلقة من تأثير الغياب على أدائي، وبمجرد عودتي إلى البلاد، بدأت التدريب يومياً تقريباً في النادي، وخضت بطولة خارجية استعداداً لبطولة الإمارات الفردية، وكان لدي جدول تدريبي خاص التزمت به بالكامل».
وتوجت تلك الاستعدادات وافية بذهب البطولة، رغم الصعوبات التي واجهتها، خاصة في بعض الجولات، كما أوضحت صاحبة الـ21 عاماً، حيث قالت: «أصعب مباراة خضتها كانت أمام اللاعبة مريم عيسى من نادي دبي، كانت مواجهة معقدة ولم تكن نتيجتها سهلة، وجدت نفسي في وضعية سيئة داخل المباراة، لكني قاومت وتمكنت من الخروج بالتعادل».
حماس وتردد
وعن استعدادها النفسي قبل البطولة، أوضحت وافية أنها خاضت المنافسات بحماس كبير، لكنه كان مشوباً ببعض التردد، موضحة: «كنت متحمسة كثيراً للمشاركة، وقلت لنفسي إنني أستطيع تقديم شيء.. لكن كان في داخلي تردد أيضاً، لأنني ابتعدت طويلاً عن اللعب، وراودتني فكرة الاعتذار، إلا أنني قررت مواجهة مخاوفي وخوض البطولة، وثقت في قدراتي، وأثبت لنفسي أن من يركز على هدفه يستطيع الوصول».
وأضافت أن هذا القرار شكل نقطة تحول حقيقية في مسيرتها، حيث شعرت أن العودة إلى المنافسات بهذه القوة منحها دفعة نفسية كبيرة وثقة أكبر في إمكاناتها.
ويمتد تأثير الشطرنج إلى ما هو أبعد من الرقعة، ليطال تفاصيل الحياة اليومية أيضاً، كما أوضحت وافية المعمري، قائلة: «الشطرنج علمني الصبر، وهذا انعكس كثيراً على شخصيتي.. أصبحت أتعامل مع المواقف الصعبة بهدوء، وأفكر بعقلانية ومنطق».
وأشارت إلى أن مهارات التركيز والتخطيط التي اكتسبتها من اللعبة باتت أدوات فعالة في تعاملها مع مختلف جوانب الحياة، سواء في الدراسة أو في المواقف اليومية التي تتطلب الانضباط.
إلهام
وفي عالم الشطرنج، تجد وافية مصدر إلهامها في واحدة من أشهر لاعبات العالم، وقالت: «أُعجب كثيراً باللاعبة المجرية جوديت بولغار، لأنها نموذج ملهم للمرأة في الشطرنج، فقد أثبتت قدرتها على منافسة أقوى اللاعبين، رجالاً ونساءً، وتركت بصمة عالمية».
وتؤمن وافية أن قصص النجاح التي تصنعها المرأة في هذه الرياضة تشكل حافزاً لكل فتاة تطمح لخوض تجربة استثنائية، خاصة حين ترتبط هذه القصص بجهد حقيقي ورغبة في إثبات الذات.
وفي ختام حديثها، وجهت وافية رسالة إلى بنات الإمارات ممن يملكن شغفاً برياضة الشطرنج، قائلة: «ابدأن دون تردد، صحيح أن الشطرنج قد يبدو صعباً في البداية، وربما تشعرن بالملل، لكن مع الوقت ستدركن كم هو ممتع، وكم يضيف لكن من مهارات مثل الصبر والتركيز.. هي رياضة تفتح آفاق التفكير، وتبني الشخصية بثقة».
وأضافت أن الدعم المتاح اليوم للفتيات في الإمارات، من أندية وهيئات رياضية، يمهد الطريق لأي موهبة ناشئة، ويمنحها فرصة حقيقية لصقل قدراتها وتحقيق أحلامها في ميادين المنافسة.
