اليابانية مانامي إيتو.. رياضية بارالمبية وعازفة "كمان" بذراع اصطناعية (فيديو)

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتدفق النوتات المثيرة للشجن من كمان إيتو مانامي، وهي تمرر قوس العزف برشاقة ذهابًا وإيابًا، مستخدمة في ذلك ذراعها الاصطناعية المصممة خصيصًا لهذا الغرض.

وكانت عازفة الكمان اليابانية قد أبهرت اليابانيين بأدائها الرائع على الرغم من قصر مدته في حفل افتتاح دورة الألعاب البارالمبية طوكيو 2020. على الرغم من أن العزف على الكمان ليس هو عملها الحقيقي.

وتبلغ إيتو من العمر 36 عامًا، وتعمل ممرضة مؤهلة، بالإضافة إلى كونها سباحة بارالمبية سابقة. وكانت قد مرت بفترة صعبة بعد إصابتها في حادث دراجة نارية تسبب في فقدانها ذراعها الأيمن، تتحدى رافضيها متجاوزة كل عقبة تقابلها.

وقالت في حديث مع وكالة فرانس برس في منزل والدتها الواقع على ضفة النهر، ”كان هناك دائما أشخاص يقولون لي: لا، لن تتمكني من فعل ذلك. هذا أمر مستحيل“.

و”في كل مرة أواجه فيها هذا النوع من العوائق، كنت أتأمل نفسي. إنهم يقولون ذلك لأن أحدهم لم يقبل على اجتياز مثل هذه الأمور من قبل. لذلك سأبادر أنا بالإقدام على فعل ذلك“.

لكنها لم تحتفظ بهذه الروح طوال الوقت، خاصة في الأيام المظلمة في البداية التي أعقبت حادثتها في سن العشرين.

وتعترف إيتو، ”اعتقدت أنني سأبقى حبيسة المنزل لبقية حياتي“. ”لم أكن أريد لأصدقائي أو جيراني أن يروا جسدي في هذه الحالة، لم أكن أريدهم أن يعرفوا شيئًا عما حدث لي“.

وكانت الحالة التي وجدت عليها والديها عندما ينظران إليها وهما ”في ألم حقيقي“ بسبب حالتها، هو ما جعلها تعيد التفكير في موقفها.

وتضيف، ”اعتقدت أنني لن أستطيع رؤيتهما يبتسمان من جديد إن لم يجدا الابتسامة على وجهي“.

وكانت والدتها قد حثتها على العزف على الكمان عندما كانت طفلة، لذا تشجعت إيتو بعد الحادثة على تجربة ممارسة الأمر مرة أخرى.

في البداية حاولت اللعب بربط القوس بقدمها. لكن الأمر استغرق سنوات قبل أن تتمكن من الحصول على ذراع اصطناعي مخصص لهذا الأمر، ولتتقن كذلك من استخدامه في العزف على الكمان.

ولأنها كانت طفلة ”تكره الخسارة أو الفشل“، لم تجرؤ لفترة طويلة على عزف الكمان في الأماكن العامة. ولكن في النهاية، انتصر تصميمها.

وقالت ”أريد أن أثبت للعالم أن مجرد عدم استطاعة الآخرين القيام بأمر ما قيام، فهذا لا يعني حتمًا استحالة تنفيذي له“.

طبيعية ولكن مختلفة

كانت إيتو طالبة تدرس التمريض عندما تعرضت للحادث، إلا أنها صممت على العودة واستئناف دراستها.

لكن الطرف الاصطناعي الأول الذي حصلت عليه كانت أشبه بذراع عارضات أزياء الموجودة في صناديق العرض الزجاجية بالمتاجر، أكثر من كونها طرفًا وظيفيًا.

وقالت: ”في البداية كنت سعيدة للغاية، لأنني عندما ارتديت هذا الذراع وخرجت، لم يحدق أحد فيه“.

ولكنها سرعان ما أدركت أن هذا الذراع ”لم يوفر المساعدة اللازمة“، وقاتلت بشدة لتبديله بواحد آخر جديد متحرك وسمح لها بالعمل.

وفي العام 2007، أصبحت أول ممرضة مؤهلة في اليابان تستخدم ذراعًا اصطناعيًا وشغلت وظيفة في مجال التمريض في كوبي، مفضلة الانتقال بعيدًا عن منزل عائلتها من أجل العيش بشكل مستقل.

وهناك أعادت اكتشاف شغف آخر من أيام الطفولة، وهو السباحة.

وبدأت التدريب بعد العمل، واضعة نصب عينيها المشاركة في الألعاب البارالمبية، لتشارك لاحقًا في منافسات السباحة في ألعاب بكين البارالمبية في 2008 ولندن 2012، ووصلت إلى النهائيات ثلاث مرات تحت اسمها الأول نومورا.

وعلى الرغم من أنها حاولت في السابق إخفاء ندوبها، إلا أن إيتو قالت إنها اختارت السباحة على وجه التحديد لأنها كشفت عنها كما هي.

وقالت: ”لم أرغب في أن ينظر أحد إلى الندبات الباقية من الحادث، فقد كانت الندوب هي الجزء الأكثر ضعفاً في جسدي“. و”لكنني بدأت أفكر في عرضها للعالم، وإلا فلن أكون أبدًا قوية “.

وتركت إيتو مهنة التمريض منذ عام 2015 بعد الزواج، وتركز الآن أغلب وقتها لتربية بناتها، اللتين تبلغان من العمر عامين وخمسة أعوام. ولا تكف على الرغم من سن بناتها الصغير، لم يمنعها ذلك من الحديث معهما عن دروس حياتها.

وتخطط إيتو لمشاهدة حفل ختام ألعاب طوكيو البارالمبية يوم الأحد القادم في المنزل مع زوجها وابنتيهما، اللتين تسعى تعلمهم الإعلاء من قيمة التنوع.

وقات إيتو، ”عندما تكبر ابنتي، سيأتي يوم يخبرها فيه أصدقاؤها أن والدتها تبدو غريبة“. و”أريد أن أسمعها تقول إن هذه هي والدتي، وأن ما هو طبيعي يمكن أن يختلف من شخص لآخر“.

Email