من منصة أولمبياد طوكيو إلى قاعة النادي الأهلي المصري، تواصل فريال أشرف كتابة فصول مسيرتها الرياضية بثبات وطموح لا يعرف التراجع، تلك اللحظة التاريخية التي وقفت فيها على منصة التتويج، حاملة ذهبية الكاراتيه الأولى لمصر في تاريخ الألعاب الأولمبية، لم تكن سوى بداية لرحلة جديدة، تتجاوز حدود الإنجاز الفردي نحو آفاق أوسع من التأثير والطموح، فبعد أن سطرت اسمها في سجل الشرف الرياضي العالمي، اختارت فريال أن تفتتح فصلاً جديداً في نادٍ يحمل تاريخاً من البطولات والتحديات، وتخوض تجربة مختلفة تحت راية القلعة الحمراء، مدفوعة برغبة متجددة في مواصلة مسيرتها الناجحة، ورفع راية بلادها مصر في كل ساحة تخطو إليها.
وقالت فريال في تصريحات لـ«البيان»: إن انتقالها إلى النادي الأهلي يمثل محطة مختلفة في مشوارها الرياضي، مؤكدة أن أي لاعب في مصر يحلم بتمثيل الأهلي لما يحمله من قيمة كبيرة وتاريخ حافل بالإنجازات، معتبرة أن هذه الخطوة كانت طبيعية في هذه المرحلة من مسيرتها، وأوضحت أنها كانت تلعب باسم المؤسسة العسكرية، مشيرة إلى أنها استفادت من كل مرحلة مرت بها، سواء من حيث الخبرات أم التحديات، مضيفة: «كل انتقال في حياتي كان له قيمة، وأؤمن أن كل محطة أضافت لي شيئاً مهماً».
وحول تطلعاتها في المرحلة المقبلة، أكدت فريال أشرف أنها تضع نصب عينيها تحقيق بطولة عالم باسم النادي الأهلي، وشددت على أن تمثيل نادٍ بحجم الأهلي يمنحها دافعاً مختلفاً، ويحملها مسؤولية مضاعفة، خصوصاً أن الجماهير تنتظر منها الكثير، وأشارت فريال إلى أنها تدرك جيداً مسارها التدريبي وخطواتها الفنية، إلا أنها لم تعقد حتى الآن جلسة رسمية مع الجهاز الفني لوضع خطة تفصيلية للموسم الجديد، مؤكدة في الوقت ذاته أن التنسيق جارٍ بشكل تدريجي من أجل بناء برنامج متكامل يتناسب مع طموحاتها وأهداف النادي في المرحلة المقبلة.
وعبرت فريال أشرف عن تفاؤلها بمستقبل اللعبة في مصر، مشيرة إلى أن الكاراتيه بات يمتلك قاعدة قوية من الأبطال في مختلف الفئات، وأن شعبيته ارتفعت بشكل ملحوظ، خصوصاً بعد تتويجها بذهبية طوكيو، حيث شكل هذا الإنجاز نقطة تحول كبيرة أسهمت في تسليط الضوء على اللعبة بشكل غير مسبوق.. وقالت : «زادت نسبة ممارسة اللعبة بشكل واضح خلال السنوات الأخيرة، وبدأنا نرى وجوهاً جديدة في مختلف الأعمار، وهو مؤشر على أن الكاراتيه يسير في الاتجاه الصحيح، وقادر على مواصلة إنتاج أبطال يمثلون مصر في المحافل الدولية».
ورغم هذا التقدم، لم تخف فريال وجود بعض التحديات التي تعترض طريق تطوير اللعبة، وعلى رأسها غياب الرعاية الخاصة للرياضيين، موضحة أن الكاراتيه ما زال يعاني من نقص الدعم المخصص للمعسكرات الخارجية والإعداد الفني عالي المستوى، مضيفة: «الدولة المصرية ممثلة في الاتحاد والوزارة تتحمل العبء الأكبر في دعم اللاعبين، لكننا بحاجة إلى دخول القطاع الخاص بقوة، من خلال شركات ومؤسسات تتبنى الأبطال وتوفر لهم الإمكانات التي تضمن استمرارهم في القمة، فغياب هذا النوع من الرعاية يضعف فرص التطور ويحد من الاستمرارية في الإنجاز».
وعن الحافز الذي يدفعها للاستمرار، رغم التوقف قرابة عامين بسبب تجربة الحمل والولادة، أكدت أن شغفها بالكاراتيه لم يخفت، بل ازداد قوة مع مرور الوقت، موضحة أن الرياضة بالنسبة لها جزء أساسي من هويتها وحياتها، قائلة: «ألعب الكاراتيه عن حب، وما دمت أشعر أنني قادرة على العطاء، سأواصل الرحلة.. صحيح أن العودة بعد الأمومة لم تكن سهلة، فاستعادة اللياقة والتأقلم مع إيقاع التدريب تطلبا مجهوداً كبيراً، لكنني كنت مدفوعة بإرادة داخلية قوية، لأنني لا أتصور نفسي بعيدة عن الرياضة».
وفي رسالة ملهمة للفتيات في مصر والوطن العربي، وجهت فريال دعوة للاستمرار والإيمان بالنفس، قائلة: «ابذلن أقصى ما يمكن في التدريب، ولا تيأسن مهما كانت الصعوبات، فليس ضرورياً أن يتحقق الحلم في المجال نفسه الذي نطمح إليه، لكن الله لا يضيع تعب أحد، والمهم هو السعي والاجتهاد، والثقة بأن الطريق الصعب يحمل في طياته ثمرة تستحق».
وعن الداعمين لمسيرتها، أعربت فريال أشرف عن امتنانها العميق لكل من ساندها في مشوارها الرياضي، مشيرة إلى أن النجاح لا يتحقق بمجهود فردي فقط، بل يحتاج إلى شبكة من الدعم المتكامل، وأشادت بالدور الكبير الذي لعبته أسرتها، مؤكدة أن وجودهم الدائم بجانبها في لحظات التحدي والإنجاز كان له أثر بالغ في تعزيز ثقتها بنفسها، كما أثنت على مدربيها الذين ساعدوها في تطوير مستواها الفني والذهني، إلى جانب الاتحاد المصري للكاراتيه الذي قدم لها كل أشكال الدعم الممكنة.. وخصت بالذكر أيضاً وزير الشباب والرياضة المصري الدكتور أشرف صبحي، مشيدة باهتمامه المباشر وتشجيعه المتواصل، خصوصاً بعد عودتها إلى المنافسات عقب فترة التوقف بسبب الأمومة، قائلة: «كان دعمه حافزاً مهماً للعودة القوية».
أما عن خططها في المرحلة المقبلة، فكشفت فريال أن دورة ألعاب التضامن الإسلامي، نوفمبر المقبل بالعاصمة السعودية الرياض، تمثل أولوية قصوى بالنسبة لها في الوقت الراهن، مشيرة إلى أنها المرة الأولى التي ستشارك فيها في هذه الدورة، وتسعى خلالها لتحقيق ميدالية ذهبية تضاف إلى رصيدها، وترفع بها علم مصر في محفل مهم.
وفي ختام حديثها، وجهت فريال رسالة إلى جماهير النادي الأهلي المصري، معبرة عن تطلعها للدعم والمساندة في تجربتها الجديدة، قائلة: «دعمكم يصنع الفارق، وسأبذل كل جهدي لأحقق بطولات باسم النادي.. وأتمنى أن أكون دائماً عند حسن الظن، وأن أُسعدكم بما أحققه في مشواري المقبل، بإذن الله».
