شخصية وقضية

زكريا أحمد: هيمنة الأجانب تظلم مدربي حراس المرمى المواطنين

ت + ت - الحجم الطبيعي

ظاهرة قلة عدد مدربي حراس المرمى المواطنين العاملين بالأندية والمنتخبات، تبحث عن حل، فرغم وجود عدد غير قليل من مدربي الحراس المواطنين أمثال حسن إسماعيل، الذي درب حراس منتخبنا في فترته الزاهية فإنه لا يتم الاستعانة بالكوادر والكفاءات المحلية، وتعددت المبررات وزادت التساؤلات حول هذا الموضوع، وتساءل البعض «هل يعود الأمر لعدم الثقة في الكوادر المواطنة أم لأن الأندية والمنتخبات لا تستطيع فرض قرارها على الجهاز الفني الأجنبي الذي يشترط وجود مدرب حراس أجنبي ضمن طاقمه المعاون؟»، و«ما مستقبل حراسة المرمى في ظل هيمنة المدرب الأجنبي على مقاليد الأمور حتى ولو لم يكن يملك الكفاءة والمقدرة على التطوير؟».

ناقش «البيان الرياضي» القضية مع زكريا أحمد الحارس الدولي السابق والمسؤول الفني الحالي عن دورات وورش حراس المرمى والمحاضر بالاتحاد الآسيوي والذي أجاب عن كل التساؤلات بشفافية، وطرح عدداً من المقترحات والأفكار والحلول المتعلقة بهذا الأمر، وأشار إلى أن هيمنة الأجانب ظلمت مدرب الحراس المواطن وأبعدته عن الأندية والمنتخبات، وأكد أنه لا توجد استراتيجية واضحة لرفع مستوى مدربي الحراس، وأن عدداً من الكفاءات الوطنية بلا عمل وتعاني الإهمال والإحباط.

وطالب زكريا أحمد بتكوين لجنة باتحاد الكرة لاختيار مدربي الحراس للعمل بالأندية والمنتخبات، مع الاهتمام برعاية الحراس والموهوبين وصقل مهاراتهم، وأكد أنه لا ينبغي أن يعمل في التدريب كل «من هب ودب».

 

ما سبب قلة مدربي حراس المرمى المواطنين في الأندية؟

المشكلة تعود إلى أننا لا نعرف معنى وقيمة أن يكون هناك مدرب حراس جيد في الأندية لأن أغلبها تعتمد على شراء الحارس الجاهز، وعلينا إذا أردنا تطوير حراس المرمى أن نهتم بتطوير ورفع كفاءة المدرب المواطن، ولا نعتمد على مدرب الحراس الأجنبي الذي غالباً ما يفرضه الجهاز الفني، ونحن لدينا حراس موهوبين ولكن للأسف لا يوجد مدرب قادر على اكتشافهم وصقلهم وتنمية مهاراتهم، وعلينا أن نهتم أكثر بتواجد المدرب الجيد في المراحل السنية وليس العكس كما يحدث في أوروبا والدول المتقدمة كروياً فهناك مدرب حراس المراحل السنية هو الأهم، ولذلك يمنحونه كل الصلاحيات وأتمني من إدارات الأندية لدينا أن يكون لديها نفس التفكير لأن المراحل السنية هي الأساس.

 

كفاءات وطنية

لكن الأمر يحتاج إلى رفع كفاءة مدربي الحراس فكيف يتم الأمر؟

لدينا مدربو حراس مقتدرون، وأثبتوا كفاءتهم فمنتخبنا الوطني عندما كان في قمة مستواه مع الكابتن مهدي علي كان مدرب الحراس هو حسن إسماعيل، ولكن للأسف هو حالياً بلا عمل لأننا لا نثق في كوادرنا المحلية، ولا توجد لدينا استراتيجية واضحة لرفع كفاءة مدرب الحراس مع أننا نملك الإمكانات والأدوات والكفاءات القادرة على ذلك والمشكلة الكبيرة أن هؤلاء المدربين لا يجدون فرصتهم في المنتخبات والأندية لأننا نستعين دائماً بجهاز فني أجنبي يفرض علينا مدرب الحراس الأجنبي حتى ولو لم يكن جيداً، وهذا الأمر يظلم مدربينا ويبعدهم عن تولي المسؤولية في الأندية والمنتخبات، وهو أمر غير منطقي وعندما كنت مع المنتخبات لمدة 8 سنوات تحققت أغلب النتائج الجيدة بواسطة مدربين مواطنين.

وفي كل العالم نجد أن المدرب المحلي هو الذي يتولى زمام الأمور في المراحل السنية، وأستغرب عدم الاستعانة به هنا في ظل وجود العديد من الكفاءات أمثال عبد العزيز العنبري وعيد باروت، ووليد عبيد، وجمال الحساني، وعبد المجيد النمر، وغيرهم من المؤهلين الذين يستطيعون قيادة أندية كبيرة في دوري المحترفين، فكيف لا يستعينون بهم في المراحل السنية للمنتخبات الوطنية؟

 

رؤية

ما رؤيتك لتأهيل ورفع كفاءة مدربي الحراس؟

منذ عام 2015 أقوم بتحليل أخطاء حراس المرمى واكتشفت أن المشكلة في المدرب وليس الحارس وهذا بالأرقام والإحصائيات، ونحن اليوم لدينا رؤية نريد أن نعممها على مستوى الدولة تتعلق بتأهيل الحارس بداية من المراحل السنية، وهذا يتطلب رفع كفاءة المدرب ونوعية التدريب ففي المدارس السنية لا يوجد هناك حارس أساسي وآخر احتياطي كما هو معمول لدينا، وعندما يأتيك ابنك ويقول لك أنا حارس أساسي خلال مرحلة المراحل السنية فأعلم أن هناك خطأ في المنظومة، لأن المبدأ الأساسي في المراحل السنية قائم على المشاركة بمعنى أن يشارك جميع اللاعبين، وأن تكون الفرص متساوية بينهم لأنه في هذه السن لا يوجد معيار محدد للقياس فيمكن أن يتحول الحارس إلى مهاجم أو مدافع أو لاعب وسط والعكس، وهو ما يحدث في دول متقدمة كروياً مثل بلجيكا وإسبانيا، فهناك لا توجد منافسات بالمراحل السنية حتى عمر 14 سنة، بل مشاركة فقط.

 

أهل مكة

ما مقترحاتك للمسؤولين بهذا الخصوص؟

أهيب بالمسؤولين إتاحة الفرصة لأهل الاختصاص لأن رياضتنا اقتحمها الجميع وأقول لهم «أهل مكة أدرى بشعابها»، فالإدارة الرياضية فن ولا يجوز أن نأتي بشخص ونضعه في مكان لا يعرف عنه شيء، ومن الغريب عدم وجود فني مسؤول عن حراس المرمي في منظومة اتحاد الكرة، مع أن الكفاءات المواطنة متوفرة وهم جميعاً على أهبة الاستعداد وينتظرون إشارة لخدمة الوطن بالغالي والنفيس، ولكن أحياناً كثيرة ينتابنا شعور بأننا غير مرغوب بنا، ولا يحتاجون لخدماتنا، وفي الوقت نفسه يستقدمون مدرباً أجنبياً أقل في الكفاءة والشهادات ويمنحونه رواتب عالية ومخصصات وبدلات كبيرة ولا أعرف ما السر في ذلك فالمدرب المواطن لا يكلفك سكن ومخصصات وهو في الغالب أجدر وأكفأ وأخلص في عمله.

 

تقييم

بما أنك المسؤول عن منح رخصة العمل لمدربي الحراس، كيف تقيم المدربين العاملين بالدولة؟

كثيراً ما يأتي مدربو حراس أجانب ليس لديهم المقدرات التي تؤهلهم لتدريب حراس مرمي في أي فريق، ولكنهم يأتون ضمن طاقم الجهاز الفني الأجنبي الذي يفرضهم على النادي، وللأسف فالإدارة غالباً تكون أضعف من الرفض، لذلك يجب أن تكون هناك لجنة مختصة لاختيار مدربي الحراس في الأندية والمنتخبات ولا يجب أن نقبل بأي مدرب حراس فقط لأنه جاء مع الجهاز الفني أو لأن سعره أقل، وإذا استمر الأمر بهذه الكيفية فإننا سنواجه تحديات صعبة وستتعقد الأمور أكثر لاحقاً.

 

وماهي مهمة هذه اللجنة؟

مهمتها الإشراف على اختيار مدربي الحراس خصوصاً في المنتخبات، ويوجد لدينا عدد من مدربي الحراس المؤهلين لهذا الأمر، ولكن من المؤسف أن نكون مطلوبين لعقد ورش فنية ومحاضرات في دول أخرى في حين يتم تجاهلنا في دولتنا، ولذلك فالمشكلة في عدم توفر مدربي حراس مواطنين تكمن في أن أهل الاختصاص بعيدين عن الميدان الرياضي والكفاءات مهملة ومحبطة ومهدرة في الشارع فمتى يحين الأوان للاستعانة بهم خصوصاً في ظل عدم وجود منظومة ورؤية واضحة في الاتحاد لتدريب الحراس.

 

موهبة

لكن هناك عدداً غير قليل من حراس المرمى المتميزين بالدولة!

صحيح، لكن هؤلاء في الغالب موهبون بالفطرة كما أنهم اجتهدوا وطوروا أنفسهم ولا ننسى أن الأمر مرتبط بالمستقبل، ويجب أن نؤسس الأجيال ليكون لدينا عدد كبير من الحراس ولذلك يجب الاهتمام بمدربي الحراس لأن المدرب هو المعول الذي يبني أو يهدم، ولذلك لا ينبغي أن يعمل في هذا المجال كل «من هب ودب» فالتدريب ليس مهنة لمن لا مهنة له، ولا يجب أن نتعامل معه بالعواطف بأن يتولى الأمور من لا مقدرة ولا كفاءة له لمجرد أنه مسكين أو يحتاج للمساعدة.

 

حلول

وما الحلول؟

يجب أن تكون هناك رؤية، وأن نستقطب أهل الكفاءات، وعلى اتحاد الكرة أن يدرك أنه لا يجوز عدم وجود مختص في مجال مدربي الحراس في ظل توفر عدد كبير من الكفاءات والكوادر المواطنة، ومن المهم الاستعانة بهم والتقليل من استقدام الأجانب والذين لم يحققوا نتائج تذكر باعتراف اتحاد الكرة الذي أكد في مناسبات سابقة أن أغلب النتائج الجيدة للمنتخبات تحققت على أيدي مدربين مواطنين.

 

لماذا لا تطرحون مثل هذه الأفكار على أهل القرار؟

عندما نطرح هذه الأفكار على أهل القرار فهي تجد قبولاً وترحيباً لكن لا تجد طريقها للتنفيذ بل يتم وضعها في الأدراج ولا نعرف السبب هل لأن الفكرة جاءت من عندنا وليس منهم أم لأن هناك عدم ثقة بالكفاءات الوطنية لأن الأجنبي عندما يطرح مثل هذه الأفكار تنفذ ويحتفلون بها.


استغراب

لا معايير في اختيار مدربي الحراس

أبدى زكريا أحمد استغرابه من عدم وجود متخصصين في تدريب الحراس وقال: من غير المنطقي ألا توجد رؤية واضحة ومعايير لاختيار مدربي الحراس في اتحاد الكرة، وقال: هدفنا المصلحة العامة ولا نملك أن نفرض رأياً على الاتحاد بل نقدم أفكاراً ومقترحات ونأمل الأخذ بها لأنه إذا استمر الوضع بهذه الطريقة فالصورة لن تكون جيدة والدولة تستحق التميز.

 

اقتراح

تشكيل منتخب من دوري الدرجة الأولى

اقترح زكريا أحمد بناء منتخب وطني من دوري الدرجة الأولى لكرة القدم فقط، وقال: فرق دوري «الأولى» لديها مواهب عدة، ولكن لا توجد اختيارات من هؤلاء اللاعبين، والدليل أنه عندما ينتقل لاعب من دوري «الأولى» إلى دوري المحترفين يذهب بعدها مباشرة إلى المنتخب، ولذلك يجب أن يتم بناء منتخب من الدرجة الأولى بقيادة جهاز فني محلي، وهذا المنتخب يمكن أن يكون بمثابة رافد مهم للمنتخب الوطني الأول، كما أنه يرفع سقف طموحات لاعبي الدرجة الأولى الذين سيصبح لديهم هدف يعملون بجد من أجل الوصول إليه.

صفحة تُعنى بمناقشة قضايا ساخنة مع شخصيات بارزة

Email