الزمن الجميل

أحمد جاسم: الفلوس غيّرت النفوس وكرة القدم وراء تدهور ألعابنا

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعتبر أحمد جاسم لاعب الشارقة من رموز كرة السلة في عصرها الذهبي، وأحد أبرز اللاعبين الموهوبين، وثاني أطول لاعب في الدولة «198 سم»، بعد لاعب الأهلي حين ذاك عبد اللطيف عبد الله الذي تجاوز طوله المترين، وهذا من أهم شروط ممارسة اللعبة، وحكاية جاسم مع السلة هي قصة عشق للعبة استمرت ما يقارب من ربع قرن، دون النظر إلى أية مغريات مالية، وقصة جيل رياضي في مختلف الألعاب مارس الرياضة من منطلق الحب والموهبة، فكافأتهم بتحقيق الألقاب وحصد الميداليات، ومنحهم الجمهور حبه واهتمامه، من خلال الحضور المكثف إلى المدرجات لتشجيعهم في مواصلة إنجازاتهم التي لم تتحقق في عصر الاحتراف والشغف المادي، وفي جملة بسيطة عن سبب تدهور الألعاب المختلفة قال «السبب كرة القدم التي أكلت الأخضر واليابس وبسببها تدهورت السلة وباقي الألعاب وللأسف لم تحقق الكرة إنجازات تواكب ما يصرف عليها من مليارات».

واكد أن غياب دوري المدارس وراء عدم اكتشاف المواهب.

ويروي أحمد جاسم عملاق الشارقة والمنتخب الوطني في عصرهما الذهبي قصته مع لعبة السلة ويقول: بدأت مسيرتي ومثل زملائي من اللاعبين في مختلف الألعاب، من خلال دوري المدارس، الذي غاب وغابت معه المواهب، حيث لعبت في فريق مدرسة عبد الله سالم في الشارقة وساهم استاذي حين ذاك محمود صالح في حبي للعبة، وفي سنة 1977 بدأت مسيرتي مع القلعة الشرقاوية، وكان معي جيل من اللاعبين الموهوبين أمثال عبد الحكيم بوشليبي، علي عبد الله، عبد الرحمن الشامسي، والمغفور له بإذن الله محمد فوزان، محمد القزاز، حسن صالح، واستمرت مسيرتي مع السلة الشرقاوية حتى عام 1994، حينما آثرت الاعتزال والاتجاه لمجال التدريب، وخلال رحلة استمرت نحو 17 عاماً نجح الشارقة في حصد 5 بطولات دوري و5 بطولات كأس رئيس الدولة، ولقب لبطولة كأس الاتحاد.

مسيرة دولية

ويروي أحمد جاسم قصته مع المنتخب الوطني ويقول، بدأت مع المنتخب الأول في بداية تشكيله ليمثل الدولة، وفي عام 1977 كان إعداد وتجهيز المنتخب تحت إشراف مدرب أميركي، وفي عام 1988 شاركنا للمرة الأولى في بطولة عربية بمصر، وكان أول احتكاك خارجي لنا، وأقمنا عدة معسكرات من أجل التجهيز الجيد ولكن خلال البطولة فوجئنا بالفارق الواضح بين المشاركين وبين منتخبنا، وكان من الطبيعي أن ننال المركز الأخير، ولكن أظهرت لنا مدى الحاجة للارتقاء باللعبة وضرورة مواكبة المستوى الخارجي العربي، ولكن في البطولة التالية تقدمنا خطوة، وفي البطولة التالية احرزنا المركز الثالث ثم الثاني فالأول، ثم شاركنا في بطولة الخليج وأحرزنا لقب النسخة الأولى التي أقيمت في دبي.

مكافآت رمزية

وأشار أحمد جاسم إلى انه رغم موهبة اللاعبين في تلك الحقبة، إلا أنهم لم ينالوا المقابل النقدي المالي المناسب لموهبتهم، فكانت المكافآت رمزية، وقال: لم يكن هناك بدل للمران الشهري، ولا رواتب كالتي تصرف اليوم، وكانت مكافأة الفوز في المباريات حين ذاك تبلغ 50 درهماً ووصلت إلى 100 درهم، وأضاف: أتذكر أنني حصلت على مكافأة الفوز بالدوري والكأس من النادي وكانت 15 ألف درهم وهي أكبر مكافأة حصلت عليها، وحالياً مكافأة بطل الدوري لا تقل عن 50 ألف درهم، وفي المنتخب حصلت على مكافأة الفوز ببطولة الخليج 35 ألف درهم، وحالياً وصلت إلى 200 ألف درهم.

الفارق

ويصف أحمد جاسم الفارق بين الجيل السابق الذهبي والجيل الحالي بقوله: الفلوس غيرت النفوس، زمان كان اللاعب يتمتع بموهبة كبيرة، وكان يمارس الرياضة حباً فيها والاستمتاع بها، وكنا لا نغيب عن المران اليومي إلا للضرورة القصوى رغم عدم وجود حوافز، وكان الدوري يتكون من 13 نادياً، وكانت المنافسة قوية والحضور الجماهيري كبيراً للغاية، أما الآن فاللاعب يساوم ناديه لتلقي مغريات لحضور مران المنتخب، وهو ما استغربه ومن العيب أن يكون تمثيل الوطن مقابل الحصول على مال مع انه واجب وولاء، تخيل على أيامنا كان هناك 7 لاعبين يتمتعون بأطوال عالية لا تقل عن 195 سم، وكان أقصر لاعب طوله 180 سم، وحاليا أطول لاعب 180 سم ومع ذلك عددهم قليل للغاية لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة.

بداية التدهور

وعن تدهور اللعبة يقول أحمد جاسم: بداية من عام 2000 بدأ تدهور لعبة كرة السلة في الدولة، حيث انسحب عدد من الفرق المتميزة نتيجة إلغاء اللعبة، ويوجد ثلاثة وراء هذا التدهور،ويتحمل اتحاد اللعبة 50 % من المسؤولية، لأنه لم يبذل جهداً كافياً لإثناء الأندية عن قرار الإلغاء والانسحاب، والأندية تتحمل الباقي، ولا ألغي مسؤولية هيئة الرياضة التي اتخذت دور المتفرج.

وأضاف: وأتذكر أن نادياً مثل الوحدة كان بطل دوري في موسم وإدارة النادي قامت بإلغاء اللعبة في الموسم نفسه، واستمرت حالات الإلغاء حتى وصل عدد فرق الدوري خمسة فرق، بسبب الاهتمام المتزايد بالكرة والتي «أكلت الأخضر واليابس» ولم تترك سوى الفتات لباقي الألعاب، وكان لدينا أندية بدون فرق مراحل سنية، مما جعل القاعدة تتآكل، مع غياب المهارات والموهوبين، وخلال الآونة الأخيرة بدأت تلوح في الأفق بوادر انفراجة في أزمة السلة بدخول فرق الجزيرة والظفرة والعين والوحدة والبطائح للدوري وهو مؤشر طيب ولكنه يحتاج إلى الدعم المالي.

أمنية

وأضاف: أتمنى أن تعود السلة لسابق عهدها وتشارك في البطولات الكبرى لأنني كنت حزيناً لعدم المشاركة في «الآسياد» الأخيرة بسبب عدم اكتمال عدد اللاعبين، ولا يعقل أن تصل الألعاب المختلفة في الدولة لهذا الحال وتصبح بلا هوية، كما يوجد خلل في المنظومة الإدارية العامة للرياضة نأمل أن يتم تداركه حتى تنهض رياضتنا، وثقتنا كبيرة في معالي اللواء محمد خلفان الرميثي رئيس الهيئة العامة للرياضة في إعادة الرياضة الإماراتية لسابق عهدها مع ضرورة محاسبة أي مخطئ في حقها؟

حكمة

وقال أحمد جاسم: لم تقم إدارة نادي الشارقة بإلغاء اللعبة كما فعلت إدارات أخرى، وكان للإدارة رؤية تتسم بالحكمة في الاحتفاظ باللعبة، وتقديم كل الدعم المادي والمعنوي لها، بداية من المراحل السنية حتى الفريق الأول، فلهم كل الشكر .

اهتمام

وأضاف: خلال السنوات الأخيرة، تربع شباب الأهلي والنصر على القمة، نتيجة اهتمام إدارة الناديين باللعبة ونأمل أن يمتد هذا الاهتمام إلى باقي الأندية

 

اللاعب الأجنبي

أكد أحمد جاسم أن الاستعانة باللاعب الأجنبي ليس إهداراً للمال حيث يساهم في الارتقاء باللعبة ، في تطور مستوى اللاعب المواطن ، بنقل خبراته وتجاربه ، وشخصياً استفدت من اللاعب الأجنبي ، وأرى أن الاستعانة بلاعب كما هو مطبق حالياً يساهم في تطوير اللعبة .

 

بروفايل

الاسم: أحمد جاسم

العمر: 58 سنة

الهواية: كرة السلة

العمل الرياضي: مدرب منتخب الكراسي المتحركة في نادي الثقة

الحالة الاجتماعية: متزوج ولديه ولد و4 بنات

 

اهتمام

عبد الحميد إبراهيم حالة استثنائية

يشير أحمد جاسم إلى مدرب السلة المخضرم عبد الحميد إبراهيم بأنه حالة عشق استثنائية للعبة، فقد وهب عبد الحميد حياته للسلة، ومنحها جل اهتمامه وأخلص لها، وكانت المحصلة نيله العديد من البطولات مع الفرق التي تولي تدريبها وهي الوحدة والشارقة والوصل والنصر إضافة إلى المنتخب الوطني، وحقق للسلة الإماراتية ما لم يحققه مدرب آخر، لذلك يستحق كل تقدير واحترام.

 

مسيرة

قاسم سلطان.. موقف لا يُنسى

قال أحمد جاسم، «خلال سنوات مسيرتي في كرة السلة تعاملت مع العديد من رؤساء اتحاد السلة بداية من الشيخ بطي بن مكتوم ومروراً بسالم الغماي وقاسم سلطان، وحالياً اللواء م إسماعيل القرقاوي، وأكن لهم جميعاً معزة واحتراماً، لأن كل واحد فيهم بذل أقصى جهد له من أجل الارتقاء باللعبة رغم التحديات الكبيرة».

وأضاف: «لن أنسى موقفاً إنسانياً لقاسم سلطان أثر بي كثيراً، حينما تعرضت لإصابة قبل بطولة الخليج في دبي، وتم استبعادي من الفريق، ولكن قاسم سلطان طلب مني عدم ترك الفريق خلال البطولة، وتحفيز اللاعبين للفوز باللقب، وبالفعل ظللت مع الفريق وأديت دوري، حتى فاز المنتخب باللقب لأول مرة، وعقب البطولة كافأني رئيس الاتحاد مثل زملائي اللاعبين، وتم سفري للعلاج في بريطانيا، ومثل هذه اللفتات الجميلة لا يمكن نسيانها».

 

 لقطات

اهتمام بالسلة في الثمانينيات

أكد أحمد جاسم، أنه خلال حقبة الثمانينيات والتسعينيات، كانت هناك فرق تتربع على عرش اللعبة، وتوليها اهتماماً كبيراً، مثل الوحدة والأهلي والشارقة، وقال: كانت تلك الفرق تضم نخبة من اللاعبين المتميزين، الذين يعتبرون عماد المنتخب ، وكنت محظوظاً أن أكون من جيل يضم لاعبين عمالقة في اللعبة، مثل محمد فوزان، رحمة الله عليه، ويوسف عيسى وعبد اللطيف عبد الإله وعلوي وحمدان سعيد وناصر محمد علي وعبد الحكيم بوشليبي ومحمد سمحان وناصر سعيد وسلطان المناعي ومحمد طالب وظاعن سيف، وتميز هؤلاء بالموهبة والالتزام داخل وخارج الملعب.

 

تركت العروس من أجل المنتخب

تذكر أحمد جاسم موقفا طريفاً حدث عند زواجه واكد أنه بعد عدة أيام من زواجه تجمع المنتخب للمشاركة في إحدى البطولات الخليجية، وأشار إلى انه رغم زواجه الذي لم تمضِ عليه عدة أيام فإنه ترك العروس وتوجه إلى معسكر المنتخب من أجل الاستعداد للبطولة، وتلبية نداء الوطن، وقال : المشاركة مع المنتخب تعد واجباً وطنياً. وأشار جاسم إلى ان لديّه ولد واحد، لكن ميوله غير رياضية.

 

صفحة أسبوعية متخصصة

Email