بطل العالم برالي الدراجات في حوار مع «البيان الرياضي»

محمد البلوشي: 20 عامـاً من التضحية والمقابل « لا شيء»

ت + ت - الحجم الطبيعي

ترْك الوظيفة من أجل الرياضة ليس أمراً سهلاً، ولكن الطموح يدفع صاحبه حيناً إلى تقديم التنازلات.. تضحيات تجاوز عمرها 20 عاماً من حياة الدراج محمد البلوشي، والمقابل المادي «لا شيء»، على حد تعبيره، رغم تحقيق العديد من الإنجازات، أبرزها لقب بطولة العالم في رالي الدراجات النارية «باها»، متصدراً قائمة التصنيف العالمي، ليكون أول عربي وآسيوي يتوج بالمونديال.

محمد البلوشي في حواره مع «البيان الرياضي»، يخرج عن صمته، ويتحدث عن الحقيقة المُرة بعد الإنجاز العالمي الكبير، حيث لم يجد أحداً في استقباله بالمطار سوى أصدقائه وعائلته، رغم التضحيات الكبيرة على حساب أسرته وحياته الخاصة، حيث ينفق نحو 250 ألف درهم، من أجل المشاركة في بعض البطولات.

كرة القدم «أكلت الأخضر واليابس»... هكذا يلخص البلوشي الحالة العامة لواقع بعض الرياضات الفردية، ويصرح قائلاً: حاجتي المادية الإجمالية في العام الوحد لبرنامج الإعداد والمشاركة في البطولات، لا تتجاوز 10 % من قيمة عقد أحد لاعبي كرة القدم في دوري المحترفين!!، لا أنتظر مكافأة من أحد، ويكفيني فخراً رفع علم الدولة على منصة تتويج أكبر بطولات العالم.

كم تبلغ تكلفة المشاركة في رالي الدراجات النارية؟

على سبيل المثال، القيمة الإجمالية في رالي داكار، والذي يُعَد من أغلى سباقات الداراجات النارية في العالم، يتطلب ما لا يقل عن 100 ألف يورو، وحينما شاركت بلغت التكلفة نحو 500 ألف درهم، ويشمل ذلك تجهيز الدراجة النارية والجهاز الفني المعاون ورسوم التسجيل، وغيرها من المتطلبات الأخرى، فيما تعتبر سباقات «الباها» أقل تكلفة، إذ يحتاج تجهيز الدراجة فقط إلى نحو 70 ألف درهم، على خلاف رالي «داكار»، الذي تبلغ قيمة الدراجة فيه نحو 165 ألف.

وهل تدفع من جيبك الخاص في بعض المشاركات؟

الرعاية لا تغطي قيمة المشاركة، وأنا لا أبحث عن "فلس" واحد لأضعه في جيبي، وأكبر مبلغ دفعته، هو 250 ألف درهم في إحدى البطولات.

كم يبلغ سعر الدراجة النارية التي تشارك بها؟

قيمة الدراجة النارية تختلف من سباق إلى آخر، وعلى سبيل المثال، يبلغ سعر الدراجة في المشاركة الأخيرة نحو 65 ألف درهم، وبالمناسبة، الدراجة التي كنت أقودها استأجرتها من هناك طرازها 2016، بينما شارك بعض المتسابقين بدراجات حديثة الصنع من طراز عام 2019، وكذلك في رالي «داكار» الأخير، الذي شاركت فيه بدراجة عمرها أكثر من عامين.

وأضاف: التفكير بقدرة الدراجة على إكمال السباق مشكلة، أتمنى ألا أواجهها في المشاركات المقبلة، وقد يؤدي التفكير في حالة الدراجة، إلى عدم التركيز، وتشتيت الانتباه خلال القيادة.

حدثنا عن تفاصيل تتويجك بطلاً للعالم في الجولة الأخيرة بالمجر؟

الجولة الأخيرة في المجر، كانت حافلة بالإثارة، لا سيما أنني كنت مطالباً بإحراز المركز الثامن لنيل الصدارة، ولله الحمد، أنهيت السباق محققاً المركز السادس، بفارق 4 نقاط عن الوصيف المنافس، البرتغالي ماريو بدروان، وشهدت الجولة مشاركة أكثر من 15 دولة، ولأول مرة ينال اللقب أحد الدراجين من قارة آسيا، بعد احتكار أوروبا للبطولة في الفترة الأخيرة، وفخور بأن أكون أول مواطن خليجي عربي وآسيوي، ينال شرف الفوز باللقب، رغم المنافسة الشرسة من البرتغال وإسبانيا وفرنسا وألمانيا وجنوب أفريقيا والمجر، وغيرها من دول العالم.

ما أبرز الصعوبات التي واجهتك في جولة المجر الأخيرة؟

لعل استمرار هطول الأمطار بغزارة، من أكثر التحديات التي واجهتها، أعترف بأنني امتلك خبرة تمتد لسنوات، ولكن بعض الظروف المناخية تُعَد صعبة علينا وسهلة على غيرنا. تفاجأنا في منافسات اليوم الثاني باستمرار هطول الأمطار لأكثر من 12 ساعة، واستمرت القيادة طوال هذا الوقت في الوحل والطين والمياه الراكدة، واستطعنا قهر جميع التحديات السابقة بالعزيمة والإصرار.

وأضاف: صادفتني مشكلة أخرى، تمثلت في تعطل مضخة البنزين بسبب الوحل ومياه الأمطار، واستمرت معالجة المشكلة لما يزيد على ساعتين، ما هدد فرصة الحصول على لقب البطولة، وتمكن الجهاز الفني المعاون من تصليح العطل بعد الوصول إلى محطة الخدمات.

هل تعتبر جولة المجر أصعب من الجولة الإسبانية التي قبلها؟

باعتبار جولة المجر هي الجولة الأخيرة والمفصلية، عزز ذلك من قوة التنافس، وجعلها تبدو أصعب من الجولة السابقة في إسبانيا، حاولت الابتعاد عن التفكير في البطولة، كي أتحرر من الضغوطات، ما جعلني أشعر بأريحية أثناء القيادة.

هل الإنجاز فتح آفاقاً جديدة للحصول على مزيد من الرعاية والدعم؟

أتمنى وجود مزيد من التعاون مع الجهات أو المؤسسات مستقبلاً، خاصة بعد أن برهنّا للجميع أن ابن الإمارات قادر على انتزاع لقب بطولة العالم، كما أن وجود الدعم سيفتح الأبواب لخروج أبطال جدد في رياضة المحركات الصحراوية.

بعد الوصول إلى القمة، ما طموحك المقبل؟

المثابرة من أجل الدفاع على اللقب مطلب مهم، ما يتطلب تحضيراً مبكراً، وأحرص على النهوض في الخامسة فجراً يومياً للتدريب، تحت شعار «لا وقت للراحة»، حيث استأنفت التحضيرات بعد 24 ساعة على الوصول من المجر، وأحرص على التدرب في دبي، تحديداً في منطقة العوير، وذلك في إطار الاستعداد والتجهيز للاستحقاقات المقبلة، حيث تنتظرنا مشاركات دولية مهمة، أبرزها رالي داكار العالمي، الذي سينطلق من بيرو، رغم عدم وجود رعاية حتى الآن.

لا شك أن طعم السعادة مختلف بهذا الإنجاز العالمي؟

بلاشك هو أكبر إنجاز في حياتي رغم أنني حققت العديد من الألقاب والبطولات، منها بطولات الشرق الأوسط وغرب آسيا واستحقاقات خليجية في الكويت والبحرين وغيرها.

هناك أسماء وقفت خلف البطل محمد البلوشي، تود توجيه كلمة الشكر لهم؟

أشكر أسرتي، والتي ضحيت بالكثير من الوقت معهم من أجل هوايتي المفضلة، وأشكر جميع من ساهم في تحقيق الإنجاز العالمي، وقدم الدعم المعنوي، إلى جانب الشكر إلى الرعاة والداعمين لي في مشواري العالمي، في مقدمهم طيران الإمارات ومجلس أبوظبي الرياضي وشركة «ريد بل» و«ماكسيموس إير» ومياه العين، وكذلك الصديق ماهر بدري المدير التنفيذي لشركة سبورت 2.

المشاركة في «داكار 2019» مرهونة بالدعم المادي

أكد البطل محمد البلوشي، أن مشاركته المقبلة في رالي داكار، مرهونة بالدعم المادي، وقال إن البحث جارٍ عن راعٍ للمشاركة في الحدث، رغم أن وجود اسمه ضمن القائمة بحكم تصدره التصنيف العالمي. وشارك محمد البلوشي في النسخة الماضية، والتي تُعَد من أصعب البطولات، كونها امتدت على مدار 14 يوماً لمسافة 9 آلاف كم، بين أحضان 3 دول في أميركا اللاتينية، وهي بيرو وبوليفيا والأرجنتين، حيث تمكن البلوشي من إنهاء التحدي والظفر بالمركز 32 بين 107 أشخاص أنهوا السباق، من أصل 240 مشاركاً من مختلف أنحاء العالم.

ومثّل بطلنا العرب في فئة الدراجات خلال البطولة، وهو أول عربي يتخطى حاجز الـ 35 الأوائل، إذ لم يحقق أي متسابق عربي المركز 80 من قبل، ولم يكمل نحو 60 % من الدراجين سباق النسخة الأخيرة، الذي قد يوازي بمشقاته صعود قمة إيفرست.

مواقف لا تُنسى

يواجه متسابق رياضة رالي الدراجات النارية، العديد من الصعوبات والتحديات، ومر بطلنا محمد البلوشي بالعديد من المواقف الصعبة، منها حينما تعرض إلى حادث تدهور أثناء مشاركته في رالي داكار الأخير، نتج عن ذلك كسر في إصبعه، وتحامل على نفسه بعد إجراء إسعافات بمفرده، وأكمل التحدي في السباق، ليتمكن من الوصول إلى خط النهاية.

وأوضح البلوشي أن رالي داكار لا يحتاج إلى سائق محترف وحسب، وإنما بحاجة إلى شخص يجيد الملاحة بدقة، لا سيما أن كل مرحلة تبلغ مسافتها نحو 800 كم، إذ تستغرق مدة التحضير عبر قراءة الخارطة 3 ساعات أحياناً، مشيراً إلى أن مسافة الطريق من المخيم حتى خط الانطلاقة، تتراوح من 100 إلى 400 كم، يقطعها يومياً قبل بدء المنافسة، فضلاً عن الانتقال بعد نهاية المرحلة إلى موقع المخيم.

Email