حذّر من المبالغة في الصفقات

مسري: القيمة السوقية حرمت لاعبينا الاحتراف الخارجي

ت + ت - الحجم الطبيعي

الأسباب والمسببات التي حالت دون احتراف اللاعب الإماراتي خارجياً كثيرة، ورغم وجود عدد كبير من النجوم أصحاب المواهب والمقدرات الفنية بالدوري الإماراتي، إلا أننا لا نسمع عن «الاحتراف الخارجي»، وتوجد العديد من التساؤلات المطروحة، التي تحتاج إلى إجابات ورسم خريطة واضحة، من أجل جعل الاحتراف الخارجي لنجومنا واقعاً ملموساً، وأبرز هذه التساؤلات، هي أين يكمن الخلل؟، وما الحلول التي ينبغي توافرها حتي ينطلق اللاعب الإماراتي في فضاء الاحتراف؟، وكيف نروج له في أسواق الدوريات الخارجية، حتى تنهال العروض عليه، طالما أنه يملك المقدرات والإمكانات الفنية التي تساعده للاحتراف بأكبر الدوريات؟.

وطرح «البيان الرياضي»، هذه التساؤلات وغيرها، على نجم منتخبنا الوطني ونادي العين السابق، وعضو مجلس إدارة شركة الكرة بنادي العين، علي مسري، والذي أجاب عنها بشفافية عالية، طارحاً وجهات نظر قوية في هذه القضية، التي طالما أثارت دهشة واستغراب الشارع الرياضي.

أسباب

بداية، ما الأسباب التي أدت لعدم احتراف اللاعب الإماراتي خارجياً؟

الإجابة سهلة ومعروفة، وهي ارتفاع القيمة السوقية للاعب الإماراتي، والمبالغة فيها أحياناً كثيرة، وأعتقد أن الكثير من المهتمين والمسؤولين عن كرة القدم، ليست لديهم فكرة كاملة عن أهمية القيمة السوقية للاعب، إذ إنه يجب أن تتوافق القيمة السوقية لأي لاعب بقيمته الفنية، ولذلك نلاحظ أن اللاعب العماني والعراقي والسوري، هم الأكثر طلباً من قبل الدوريات الخليجية، ودورينا بشكل خاص، لأن قيمته السوقية مناسبة، وتتوافق مع قيمته الفنية، ولهذا، فالأندية الخليجية تتجه للتعاقد مع هؤلاء اللاعبين، بدلاً عن اللاعب الإماراتي، مع الوضع في الاعتبار، أن قيمتهم الفنية لا تقل عن القيمة الفنية للاعب الإماراتي.

خلل

إذن، الأمر متعلق فقط بارتفاع سعر اللاعب الإماراتي؟

هذا صحيح، فالقيمة السوقية لدى اللاعب الإماراتي بها خلل كبير، لأن السوق «عرض وطلب»، فالنادي يطلب اللاعب الذي يتوافق مع إمكاناته المالية، ويحقق متطلباته الفنية، فمثلاً، هناك أندية خارجية عديدة، تريد التعاقد مع عمر عبد الرحمن «عموري»، ولكنها لا تستطيع دفع المقابل المالي للصفقة، وهو الأمر الذي يضعف كثيراً من فرصة احترافه خارجياً، وأي نادٍ يفضل التعاقد مع لاعب عماني بدلاً من إماراتي.

وأقرب مثال لذلك، أنه، وبعد إحراز المنتخب العماني لكأس الخليج، احترف عدد من لاعبيه بالدوريات المجاورة، واللاعب الإماراتي موجود، ولكن الأندية الخليجية لا تستطيع التعاقد معه، بسبب ارتفاع قيمته السوقية، فلماذا أستقدم لاعباً بالملايين، في حين أنه يمكن أن أستقدم لاعباً في نفس مستواه الفني بمبلغ أقل؟، فلا بد أن نقلل القيمة السوقية للاعب الإماراتي، ونحثه على الاجتهاد للبحث عن قيمته المالية المناسبة له خارج الإمارات.

منافسة داخلية

وما الذي رفع قيمة صفقات اللاعب الإماراتي، مقارنة بنظيره الخليجي والعربي؟

التنافس الداخلي في سوق اللاعبين، لأن كل نادٍ يريد أن يحمي ويحافظ على لاعبيه، فالعين مثلاً، لا يستطيع أن يستغنى عن عمر عبد الرحمن ولا عامر ولا إسماعيل أحمد وغيرهم، والوضع نفسه ينطبق على لاعبي شباب الأهلي دبي، والجزيرة، وأعتقد أن المنافسة القوية التي حدثت أخيراً بين هذه الأندية الثلاثة، هي التي رفعت أسعار اللاعب الإماراتي إلى هذا المستوى، ما قاد في النهاية إلى أن تجد الأندية صعوبة في التعامل مع المشاكل المالية التي حدثت، وفي رأيي، يجب أن يكون التنافس خارجياً، وليس محصوراً بالداخل، وأن تتوافق قيمة لاعبينا المالية مع القيمة السوقية بالمنطقة.

أهداف

هل نحتاج لإعادة التقييم المادي، حتى يستطيع لاعبونا الاحتراف؟

نعم، وقبل ذلك، ينبغي إعادة تقييم أهدافنا، فمثلاً، لماذا نجح منتخب سوريا في الوصول للعب مباراة فاصلة مع أستراليا في تصفيات كأس العالم، في حين أخفق منتخبنا الوطني في التأهل حتى كثالث؟، أعتقد أن الإجابة عن هذا السؤال سهلة جداً، فإذا كنت تريد منتخباً قوياً يحقق بطولات، فلا بد أن تبحث عن لاعبين محترفين بالخارج يمثلون المنتخب، ونحن ليس لدينا هؤلاء اللاعبون، فعلى مستوى أوروبا وأميركا الجنوبية وأفريقيا، معظم المنتخبات التي تنافس على كأس العالم، هي المنتخبات التي لديها لاعبون محترفون خارجياً.

مراجعة

تحدث علي مسري عن حلول لاحتراف لاعبي الإمارات خارجياً، وقال: الحل يكمن في مراجعة القيمة السوقية للاعبينا، برؤية واضحة، وبكوادر وكفاءات تتبني الفكرة وتصبر عليها، لأن الثبات في الخطط الاستراتيجية مهم، وللأسف، نادراً ما تجد من يلتزمون بالخطة، إذ لا يمضي عليها عام أو عامين حتى تتغير، وأتمنى أن يكون لدينا إيمان بتجارب الآخرين، حتى نستفيد منها، فاليابان مثلاً، استقدمت لاعبين وجنستهم، وأصبح لديها دوري قوي، ولكنها لم تستفد منه على مستوى المنتخب، فسعت لاحتراف لاعبيها بالخارج في البرازيل مثلا ،حتى وصل عدد منهم للاحتراف بأقوى الدوريات الأوروبية، والصينيون لم يتطوروا رغم الصرف الهائل، ولن يحققوا أهدافهم، إلا إذا احترف لاعبوها بالخارج.

الجيل الحالي فاته القطار

أكد علي مسري أن الاحتراف الخارجي له عمر معين ما بين 18 إلى 22 سنة، وفي حال لم توفق في هذه المرحلة العمرية بالاحتراف، فالفرصة صعبة جدا وقال: الاحتراف مثل القطار إذا غادر محطتك فلن تدركه أبداً، وأعتقد أن معظم اللاعبين البارزين بالدوري الإماراتي حالياً تخطوا هذه المرحلة العمرية، بالإضافة للمنافسة الكبيرة الموجودة حاليا في سوق اللاعبين الخليجيين والعرب على مستوى القيمة الفنية والكفاءة، فهناك لاعبون من عمان، والسعودية، والعراق، ومصر، وغيرهم حيث لديهم نفس المقدرات والقيمة الفنية المتوفرة لدى اللاعب الإماراتي وبأسعار أقل، فلماذا أستقدم لاعبا بـ 20 مليون درهم مثلاً، في حين أنني استطيع التعاقد مع لاعب في نفس مستواه بـ 5 ملايين؟ وحاليا نرى أن لاعبين مثل نواف العابد وياسر الشهراني وسلمان الفرج، ولاعبين في الدوري العماني يستطيعون الاحتراف بسهولة لأنهم لا يقلون من حيث المقدرات الفنية عن اللاعب الإماراتي مع الفرق أن قيمتهم السوقية أقل.

مقارنة الأجيال ظالمة والمونديال يحتاج «محترفين»

رد علي مسري عن تساؤل بشأن عدم وجود «محترفين» بمنتخبنا الذي تأهل إلى مونديال 1990، وقال: أولاً مقارنة الأجيال ببعضها البعض أمر ظالم، لأن كرة القدم تعتمد على الإنجازات المستمرة، ففريق مانشستر يونايتد غاب عن البطولات فنسيه الناس، ومنتخبنا الذي تأهللمونديال 1990 كان له زمانه ووقته، ومن الظلم أن نقارن الجيل الحالي به، بل يجب أن نضع أهدافاً ذكية وفق تخطيط استراتيجي، فكيف تطالبني بالتأهل للمونديال بمنتخب لا يوجد به لاعب واحد محترف خارجياً؟

واضاف: يفترض أن يكون هناك ما لا يقل عن 20 لاعباً محترفاً بالدوريات الخارجية، وينبغي أن نضع شرطاً أساسياً يحول دون انضمام اللاعب للمنتخب ما لم يكن محترفاً خارجياً، يجب أن تكون الأولوية للمحترف وكل الشواهد تؤكد أننا لن نصل للمونديال ما لم يحترف اللاعبون خارجياً، ودورينا الأفضل آسيويا ولكن نتائج منتخبنا ضعيفة، وإذا وصلنا لمراحل متقدمة في بطولة آسيا فهذا من باب الصدفة وليس لأسباب فنية، والكرة لا تعتمد على الصدف والحظ.

تقييم دور الإعلام الرياضي

عبّر علي مسري، عن تمنياته بأن يتم تقييم دور الإعلام الرياضي في تطوير الرياضة الإماراتية، وخصوصاً كرة القدم، كما يتم تقييم الاتحادات والأندية واللاعبين، وقال «الإعلام شريك أساسي، وواحد من العناصر المهمة في النجاح أو الفشل».

وذكر مسري، أن قناتي أبوظبي ودبي الرياضيتين، وفي إطار المنافسة بينهما، تستخدمان إثارة غير مشروعة للترويج للسلعة الإعلامية، الأمر الذي يؤدي إلى عدم استقرار الأندية، وبالتالي، المنتخب، بسبب الحملات الهجومية للإعلام الرياضي عليها، وهو أمر مرفوض، وقال: إذا كان إعلامنا الرياضي لا يستطيع أن يترك الإثارة غير المشروعة، فعليه أن يوازنها بإثارة مشروعة، من أجل المصلحة العامة.

تطوير جيل الشباب والأولمبي

أكد علي مسري أهمية وضع خطة لاحتراف لاعبينا خارجياً، والصبر عليها، من أجل وقال: علينا أن نقتنع أن الاحتراف الخارجي، لا يرتبط بالجيل الحالي، ينبغي وضع استراتيجية لتطوير جيل منتخبي الشباب والأولمبي، بيد أن الأمر يحتاج للصبر والتفاني ومضاعفة الجهود من هؤلاء اللاعبين حتى يثبتوا جدارتهم على مستوى المنتخب ليتسنى لهم الاحتراف خارجيا.

الدوريات المصرية واليابانية والصينية الأفضل للاعبينا

شدد علي مسري، على أهمية اعادة تقييم سعر اللاعب الإماراتي ليتوافق مع القيمة السوقية بالمنطقة، وقال: ينبغي أن نختار السوق المناسب للاعبينا مثل الدوريات المصرية والصينية واليابانية لأنها تعتبر الأفضل ويمكن الاحتراف فيها بسهولة إذا تناسبت القيمة السوقية للاعب بقيمته الفنية، خصوصا وأن لدينا نجوما لديهم عروض من أوروبا ولكن المشكلة أن الدوري الأوروبي والذي يعتبر الأغلى بالعالم لا يستطيع أن يوفر المقابل المادي للاعب الإماراتي بسبب ارتفاع سعره، والدليل أن أحد اللاعبين بالدوري الإماراتي تجاوزت قيمته السوقية تلك الموجودة في نادي برشلونة، وهذا خلل كبير يمنع لاعبينا من الاحتراف ومن المهم أن نسعى لمعالجته، وإذا تناسبت القيمة السوقية للاعبي الإمارات مع ما هو موجود في بورصة اللاعبين فمن المؤكد أن العروض ستنهال عليهم من كل الدوريات.

Email