السويدي يكشف الأسرار:

المجالس الرياضية أقــــــوى من الهيئة !

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

في يوم ما.. كان هناك.. يجلس حيث يكون القرار، وقبلها ظل يركض لاهثاً، ودارساً في أوراق التاريخ، باحثاً عن ماض سحيق، في أزمان غابرة، وشخوص في المكتبات حاضرة.. ولعه بالأساطير وقصصهم، دفعه للسفر إلى عاصمة الضباب في بلاد الإنجليز عام 1968 كي يتقن اللغة وعلم الإدارة، ثم يتحول إلى زحمة القاهرة، يدرس في كلية آداب عين شمس تاريخ الأمم، ثم يتجه شمالاً إلى الإسكندرية، محققاً هدفه بالحصول على «ليسانس» الآداب قبل أن يعود الى أرض الوطن، ليتقلد العديد من المناصب الرياضية، وفيها يتخذ سلطان بن صقر السويدي الأمين العام الأسبق للهيئة العامة لرعاية الشباب والرياضة العديد من القرارات.


التقيناه «في حوار حول القرار»، فكان كعادته كبيراً في سرده، منصفاً في آرائه، التي استهلها بقوله:


بدأت حياتي الرياضية لاعب كرة في نادي الشباب عام 1966 ووصلت إلى الفريق الأول قبل أن أسافر إلى الخارج للدراسة وأعود لأعمل في مكتب رئاسة الوزراء عام 1973، وقد حدث في عام 1970 دمج ناديي الشباب والوحدة بدبي في ناد واحد هو الأهلي، وكنت عضواً بمجلس إدارته، بجانب عضويتي في اتحادي كرة القدم وتنس الطاولة، وفي عام 77 تم اختياري أول مدير لرعاية الشباب في الدولة، وقررت حينذاك أن أستقيل من المناصب التطوعية في النادي والاتحادات، حتى لا أخلط بين المسؤولية الحكومية والعمل التطوعي الأهلي، بعدها تدرجت في الوظائف حتى وصلت إلى الأمين العام لهيئة الشباب والرياضة من عام 1999 حتى عام 2006.


عندما توليت رئاسة اللجنة المؤقتة لاتحاد الكرة (وكان قد تم حل مجلسه عام 90 ) قبل تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم، وقررت الإبقاء على المدرب البرازيلي ماريو زاجالو رغم الأصوات، التي كانت تنادي بإقالته قبلها، بسبب بعض المشاكل بينه وبين اللاعبين، فكانت النتيجة أن الرجل نجح مع المنتخب في التأهل لأول مرة في التاريخ، لكن للأسف الشديد، تمت إقالته بعد تشكيل اتحاد الكرة، الذي تولى المهمة بعدنا، وكان نتيجة ذلك أن المنتخب خسر بطولة الخليج عام 90 في الكويت.


أيضاً في الفترة نفسها، طلب 5 لاعبين الاعتذار عن المشاركة في التصفيات، بسبب ظروفهم الخاصة، هم محسن مصبح حارس الشارقة وزميله علي ثاني، وعبد الرزاق إبراهيم (الأهلي) ومبارك وخليل غانم (الخليج)، لأن اتحاد الكرة الذي تم حله، كان قد وعدهم بتوظيفهم ولم يتم، فاجتمعت بهم، وصرفت لهم ما يعادل مرتب شهرين، حتى يتفرغوا للتدريب ولا يفكروا في أي مشاكل أخرى.
أنني طالبت فرق الأندية بداية من عام 2002 بوضع علم الدولة شعاراً على الفانيلات، بعد أن كان هذا مقصوراً على المنتخبات الوطنية فقط.



قرار استقالتي من هيئة الشباب عام 2005، مع ذلك اتخذته لقناعتي أنني قدمت كل ما لديّ عبر 34 سنة، وأن الهيئة تحتاج إلى دماء وأفكار جديدة.



هناك قرار آخر أراه منقوصاً، لكنه كان مهماً في حينه، حيث إنني فصلت بين العمل الحكومي والأهلي، لكن القرار كان اختيارياً، فطبقته على نفسي، ولم ألزم به غيري أي أنه كان قراراً ذاتياً.



عندما قمت بتنظيم الحركة الرياضية، حيث كان اللاعب في ما مضى يلعب 3 أو 4 لعبات في وقت واحد، كما كان مسموحاً لأي شخص برئاسة أكثر من اتحاد رياضي، وكان المبرر هو قلة الكوادر حينذاك، لذلك: حددت لكل لاعب لعبة فردية، وأخرى جماعية فقط، ولرؤساء الاتحادات، اتحاد لعبة فردية وآخر للجماعية، واعتقد أن هذا القرار أدركت في ما بعد أنه خطأ لأنه يغلق الباب أمام بعض الكفاءات لا سيما أنه كان فيه مركز لإعداد القادة، وكان الأفضل أن يتخصص اللاعب في لعبة واحدة فقط، لأن معظم اللاعبين في الألعاب الفردية لا يميلون للعب الجماعي والعكس، والشيء نفسه لرؤساء الاتحادات، الأفضل عدم الازدواجية، والتركيز في مهمة واحدة فقط.


عموري وخليل ومبخوت.. يتفوقون على الأجانب


سألنا سلطان بن صقر السويدي ما الفرق بين الرياضة أيامكم والآن؟
بالطبع، لكل زمان رجاله، ونحن كنا نؤسس ونضع النظم لكل الألعاب، وكان هناك رغبة من الجميع للالتفاف حول الهدف وتوحده رغم أن الدعم لم يكن بهذا الحجم لأنه كان اتحادياً فقط، أما الآن فهناك مؤسسات اتحادية ومجالس رياضية، ما شعب من القرارات والتوجه.


هل هذا يعد سلبياً أم إيجابياً؟
أعتقد أنه يشوبه بعض السلبيات، شخصياً أؤمن بمركزية التخطيط، ولا مركزية التنفيذ، وحالياً أصبحت المجالس الرياضية أقوى قانونياً ومادياً من هيئة الشباب والرياضة، لأنها منحت صلاحيات كبيرة مثل تنظيم البطولات وغيرها، فيما تقلص دور العمل الرسمي، ومن الواضح أن هذا التطور فرض نفسه.


ما رأيك في الاحتراف الحالي؟
هو احتراف منقوص، لأننا لم نستطع الارتقاء بالمنظومة الاحترافية كما ينبغي مثل الدوريات الأوروبية، بمعنى أن تصرف الكرة على نفسها بالكامل، إذ كيف نقول احتراف، والتمويل من الحكومات المحلية، ولو توقف دعمها ستنهار المنظومة الاحترافية بالكامل.
أيضاً.. حتى الآن من يدير الكرة في الاتحاد والأندية مجالس إدارات متطوعة أي هاوية، فكيف للهواة أن يديروا مسابقات للمحترفين.. من المفترض أن العقليتين مختلفتان!


لكن هناك شركات للأندية تدير كرة القدم؟
هذا صحيح، لكنها في النهاية تدار من مجلس إدارة هاو، يجب أن تكون الشركات مستقلة ويتفرغ مجلس النادي لتطوير الممارسة الرياضية في مختلف اللعبات بجانب الأمور الثقافية والاجتماعية.


ما هي الشخصيات التي أثرت في حياتك الرياضية؟
الراحل غانم عبيد غباش نائب رئيس النادي الأهلي السابق، وقاسم سلطان رئيس الأهلي الأسبق، وأحمد المدفع القطب الشرقاوي، والحاج خميس سالم رئيس مجلس إدارة الوصل السابق.


موقف لا تنساه؟
عندما ترأست بعثة المنتخب في التصفيات المؤهلة للمونديال بسنغافورة، كانت المباراة الأخيرة أمام كوريا الجنوبية، وكان الفوز فيها أو التعادل يصعد بنا إلى إيطاليا 90، وفوجئنا قبلها بيومين بإصابة 3 لاعبين مهمين بينهم عدنان الطلياني قائد المنتخب ومبارك غانم، بجانب إيقاف كل من عبد الرزاق إبراهيم، وناصر خميس، وحينذاك قال لي زاجالو إن غياب الطلياني وغانم سيضيع حلم الصعود، فاجتمعت مع زاجالو وطبيب الفريق وكلا اللاعبين، وعندما شاهدت التورم الضخم في ركبة عدنان أيقنت أنه لن يستطيع اللعب، وأكد الطبيب أن الحل الوحيد هو حقن كلا اللاعبين «بالكورتيزون»، فقلت لهما القرار لكما، فكان رد عدنان الطلياني قاطعاً، وقال إنه سيلعب وإنه سيتحمل المسؤولية كاملة عند المشاركة حتى لو اعتزل بعدها، وإن المهم هو وصول الإمارات إلى المونديال، وتشاء الأقدار أنه يلعب ويحرز هدف التعادل الذي أهلنا، وكان أمر لا يصدق، وللحق هذا اللاعب ضرب المثل في العطاء وحب الوطن، ويعد نموذجاً للأجيال الحالية والقادمة في الالتزام والتفاني، ويكفي أنه طوال تاريخه لم يفتعل مشكلة واحدة.


بمناسبة المونديال.. لماذا يتأخر هذا الحلم دائماً؟
من المفارقات أننا صعدنا حين كان يتأهل فريقان فقط من آسيا، الآن يصعد 4 فرق وملحق للخامس ومع ذلك نصعبها دائماً على أنفسنا، ومن الممكن أن يفعلها المنتخب، فما تزال الفرصة قائمة أمام اليابان وأستراليا، بشرط أن ينسى اللاعبون نتائج المباريات السابقة وأن يتعاملوا مع المباراتين على أنهما مباريات كؤوس لا بديل فيهما عن الفوز.


الاهتمام الكبير بكرة القدم.. هل أثر على الألعاب الأخرى؟
بالطبع، وشخصياً أتحمل جزءاً من المسؤولية في هذا الجانب، لأن الانحياز جارف للكرة، وأهدر حق الألعاب الأخرى رغم أنها الأقرب لتحقيق إنجازات أولمبية ودولية. هناك تفاوت ضخم بين ميزانية الكرة والألعاب الأخرى، بدليل ما يحصل عليه لاعبو الكرة مقابل الآخرين.


هل يستحق لاعبو الكرة كل هذه المبالغ التي تعد بالملايين؟
الكرة أصبحت سوقاً يخضع للعرض والطلب وبه وسطاء، ومهما وضعت سقفاً للتعاملات ستخترق، وهناك مبالغة كبيرة وأرقام فلكية في عقود بعض اللاعبين الأجانب رغم أنهم ليسوا على المستوى المطلوب، وأعتقد أن لدينا لاعبين أفضل من الأجانب مثل عموري وأحمد خليل وعلي مبخوت.


من ترشح للفوز بالدوري هذا الموسم؟

أعتقد أن حظوظ الجزيرة والوصل هي الأفضل، فكلاهما يمتلك فريقاً متكاملاً والبديل الكفء، وأتمنى ألا تنحصر المنافسة بين فريقين فقط، لأن ذلك ينهي الإثارة مبكراً.

Email