الحلم العربي «2»

أحمد بـن حشـر: 90% من حصــــــــاد العرب الأولمبي نتاج شخصي

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل الفوز بـ 94 ميدالية متنوعة في جميع مشاركات بطلات وأبطال الرياضة العربية في الدورات الأولمبية طوال 100 عام بدأت في الدورة الخامسة في استوكهولم العام 1912 حتى الدورة الثلاثين في لندن 2012، يعد إنجازاً أم خيبة لأمة يفوق تعداد سكانها حاجز الـ 400 مليون نسمة؟

فإذا كان إنجازاً، فما هو المطلوب تالياً كي نرتقي بالإنجاز إلى مستوى الإبهار، وإن كان خيبة، فما الأسباب؟ ما الحلول الناجعة لمواجهة المشاكل والمعوقات والمطبات التي تحول دون زيادة الغلة العربية في الدورات الأولمبية التي تعتبر الحدث الرياضي رقم واحد بامتياز وتنتظره جميع دول المعمورة كل 4 سنوات بأمل وطموحات كبرى لدخول سجل الشرف الأولمبي؟

الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها بكل تجرد وموضوعية يطرحها »البيان الرياضي« عبر ملف متكامل بعنوان »الحلم العربي« لن نغفل في حلقته الأخيرة حتمية طرح الحلول المقترحة، لعل وعسى يزداد الحصاد العربي في الدورة الجديدة في ريو دي جانيرو البرازيلية في ظل مشاركة العديد من النجوم العرب في الدورة القادمة في بلاد »السامبا«.

كلماته، آراؤه، تماماً كما لو أنـــها إطلاقة حارقة تخرج من فوهة بنـــــــدقيته الصارمة، الشيخ أحمد بن حشر آل مكتوم، وهل تخــــطئه العين، صاحب أغلى وأهم وأعز ميدالية في كل محطات تاريخ الرياضة الإماراتية.

وفي جميع ألعابها، ذهبية أولمبياد أثينا في العام 2004، عندما سدد فأصاب الهدف، فاعتلى منصة التتويج، مرتقياً بعلم الوطن إلى قلب السماء، مطلقا العنــــان لنشيد الإمارات في أجواء بلاد اليونان، الشيخ أحمد بن حــشر يجيد تشخيص الوضع الراهن للرياضة العربية.

فيقول بصراحة: مشكلة الرياضة العربية تكمن في جانب كبير منها في الافتقاد إلى فلسفة بناء البطل الأولمبي، و90% من حصاد العرب الأولمبي نتاج شخصي، كونه جاء بجهود مضنية وشاقة من الأبطال أنفسهم!

فإلى نص حوار «البيان الرياض» مع الشيخ أحمد بن حشر آل مكتوم.

ليس ساراً

ما هي رؤيتك للوضع الرياضي العربي حالياً؟

يبتسم، ربما هــــو جزء من كل، الرياضة أحد جوانب الحياة العربية حاليا.

وكيف تقيم الحصاد العربي على المستوى الأولمبي؟

بكل صراحة، مشكلة الرياضة العربية على الصعيد الأولمبي تكمن في الافتقاد الواضح والجلي لفلسفة ومفاهيم وآليات بناء البطل الأولمبي الذي لا يمكن الحصول عليه لمجرد الأماني أو الأحلام أو التطلعات، لا بد من العمل العلمي المبكر، والواقعي في آن واحد.

وكيف يتحقق هذا الأمر؟

التخطيط فالتخطيط، هو الطريق الأسلم والأقصر لبلوغ منصات التتويج الأولمبية، ولنتكلم بصراحة، 90% من حصاد العرب على الصعيد الأولمبي نتاج شخصي جاء بجهود مضنية جدا من الأبطال المتوجين بتلك الميداليات.

مكان التنفيذ

هل من توضيح في هذا الجانب؟

انظر إلى الأسماء التي أحرزت الميداليات في الدورات الأولمبية الأخيرة، وابحث في برامج إعداد وتجهيز أولئك الأبطال ومَن أشرف عليهم وأين تـــم تنفيذ تلك البرامج، سوف نرى أن أغلب الأبطال العرب المتوجين بالميداليات الأولمبية في السنوات الأخيرة، قــــد اعتمــدوا على الإمكانات والبرامج خارج بلدانهم وبجهـــــود شخصية واضحة.

وإلى ماذا يشير هذا؟

بسرعة، يشير إلى غياب فلسفة البناء الأولمبي على الصعيد العربي الرسمي، وإلى ضعف التخطيط إن لم أقل، غياب التخطيط العلمي المبكر، وإلى البدايات أو التأسيس المتأخر للاعب الأولمبي، وضعف الميزانيات المرصودة لبناء البطل الأولمبي، وإلى الكثير من الأمور التي تعيق عملية الانطلاق في هذا »الدرب« الرياضي الطويل.

بصراحة، إلى ماذا تعزو كل ذلك؟

الأمر لا يحتاج إلى كثير من الجهد أو التفكير، السبب الرئيس يعود إلى النقص الواضح والكبير جدا في مستويات الوعي الرياضي المجتــــــمعي، ما جعل ذلك النقص بمثابة الآفة الخطيرة جدا التي أصابت جسد الرياضة العربية في الوقت الحالي.

كارثة المحسوبية وماذا أيضاً؟

وأيضا، هناك المحسوبية في تولي المناصب الرياضية على المستوى العربي، حتى باتت تلك الجزئية كارثة كبرى تصيـــب الرياضة العربية بين فترة وأخرى، ابتعاد الأبطال من أصحاب الإنجاز الأولمبي عن تولي مهام إدارة الشؤون الرياضية أو عدم استثمار خبراتهم في وضـــــع الخطط والاستراتيجيات طـــويلة المدى لبناء الأبطال الأولمبيين، كارثة حقيقية تصـــــيب الرياضة في الكثير من البلدان العربية، بدليل حجم الحـــــصاد العربي في الدورات الأخيرة.

ما هي الكيفية التي تراها الأنسب في بناء البطل الأولمبي؟

ضرورة، بل حتمية أن يبدأ تأسيس اللاعب مبكرا، من المدرسة، ثم الأكاديمية والنادي فالمنتخب، وهي مراحل لا بد وأن يقطعها ويمر بها أي لاعب موهوب يريد بلوغ منصة التتويج الأولمبي، ولا بد من أن يُقرن كل ذلك بوجود دعم مالي كاف، خصوصا وأن بعض الألعاب كالرماية، لا يمكن تنفيذ أي برنامج إعداد بناء أولمبي حقيقي ما لم ترصد لذلك ميزانيات كافية.

هل توفر الوعي الرياضي لدى المجتمع كاف لبناء بطل أولمبي؟

لا طبعا، ليس كافيا، ولكنه مهم للبدء ببرامج البناء، لا بد من أن يبدأ الوعي من بوابة المدرسة مرورا بالأسرة فالشارع من خلال المهرجانات الرياضية الهادفة وصولا إلى تعزيز وتنمية دور الأندية والمراكز الرياضية وبناء الأكاديميات الرياضية التخصصية.

سلسلة حلقات

إذن، العملية تبدو عبارة عن سلسلة حلقات مترابطة مع بعضها، أليس كذلك؟

نعم، بالضبط هي كذلك، البناء الأولمبي عبارة عن حلقات مترابطة، خسارة أو مغادرة أي منها، يجعل البناء في حالة خلل واضح.

وكيف تلحق الرياضة العربية بالركب العالمي في المجال الأولمبي؟

المهمة ليست سهلة بكل تأكيد، ولكنها ليست مستحيلة أيضا، لا بد من مضاعفة جهودنا العربية في مجال البناء الأولمبي واختصار الوقت، وتوفير الدعم المالي الكافي، وزيادة الحوافز المشجعة على ممارسة النشاط الرياضي النوعي.

هل ترى في التجنيس حلاً؟

لا أبداً، ليس فيه حل!

غش صريح

والمنشطات، كيف تنظر إليها بالنسبة للرياضيين الذين يتخذونها مبرراً للظفر بميدالية أولمبية؟

تناول المنشطات من قبل بعـــض الرياضيين ليس سبيلاً شرعياً للفوز بميدالية أولمبــــية، بل هي دليـــل عجز الرياضي عن التنافس الشريف في ميادين الرياضة الرحبة.

إلى ماذا تعزو الغياب شبه التام للمرأة الرياضية العربية عن المسرح الأولمبي؟

اعتقد أن العادات والتقاليد العربية وراء غياب المرأة الرياضية عن المسرح الأولمبي، ولكن يتوجب على القائمين على الشأن الرياضي العربي العمل بجد وإخلاص من أجل تنشيط دور المرأة الرياضية، ولكن دون اختراق العادات والتقاليد العربية الأصيلة.

كم سنة تكفي لصناعة بطل بإمكانه المنافسة بقوة في الألعاب الأولمبية؟

أعتقد أن 4 سنوات كافية لصناعة نجم أو بطل أولمبي، ولكن ليس كل مَن ذهب للأولمبياد فاز بميدالية، البناء يحتاج إلى خطوة تأسيس حقيقية من الصغر من خلال إدخال الرياضي إلى الأكاديميات المتخصصة في عمر صغير ثم يتدرج من المدرسة إلى النادي فالمنتخب.

فترة أطول

وفي حال تأخر إدخال الرياضي إلى الأكاديميات، كم سنة يحتاج البناء الأولمبي؟

في هذه الحالة، فإن بناء أو صـــناعة بطل أولمبي تحتاج إلى فترة أطول لا تقل عن 8 سنـــوات، وأعتـــقد هذه هي مشكلة الرياضة العربية، وهـــي أننا نبدأ متأخرين في الأغلب الأعم، فنــــتأخر عن الركب الأولمبي المتقدم.

ماذا تتوقع للرياضة العربية في دورة ريو دي جانيرو البرازيلية؟

متفائلون »شوي«، أتوقع حصد بعض الميداليات، لدينا أمل في رماة الكويت، وعدائي دول المغرب العربي وأبطال مصر والعراق.

وماذا عن أبطال الإمارات، ماذا تتوقع لهم؟

»أشم ريحة« ميدالية من رماتنا، وتحديداً من الشيخ سعيد بن مــــكتوم آل مــــكتوم، ومن سيف بن فطيس، وهما مـــعاً بحاجة إلى قليل من الحظ لصــناعة الإنجاز الأولمبي، أما خالد الكعبي، فأعتقد أن مشاركته لأول مــــرة في الأولمـــبياد تعتـــبر إنجازاً، وعليه أن يفكر في الدورة التالية في العام 2020.

32 إنجازاً

باعتبارك بطلاً أولمبياً، كيف تبث روح الإنجاز لدى الأبطال الذين تشرف على إعدادهم أولمبياً؟

البطل الأولمبي عندما يتحول إلى مدرب أو خبير، يصبح دوره كبيراً جداً، وربما أكبر من دوره كلاعب، مهمة التدريب جسيمة كونها تتطلب أساليب مختلفة لاستثمار إمكانات اللاعب واستثمار أفضل ما لديه، وهي مهمة شاقة لا يقدر عليها إلا العارف ببواطــــن ومذاق وحلاوة الميدالية الأولمبية!

وهل نجحت؟

يبتسم، الإجابة وباختصار، تتمثل في 32 إنجازاً مع فريق »ناس«، أبرزها تأهل 3 أبطال إلى الدورة الأولمبية الجديدة في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية!

مرارة

سألت الشيخ أحمد بن حشر عن سر تحدثه شبه الدائم بمرارة عن الواقع الرياضي العربي، فأوضح قائلا: أنا ابن الواقع الرياضي، وأنا رياضي وأعرف بالضبط ما يدور في الدائرة الرياضية، وأعلم حجم معاناة الرياضيين خصوصاً على صعيد الإعداد للدورات الأولمبية.

وبكل صراحة، عشت جزءاً من تلك المعاناة قبل وأثناء وبعد حصولي على ذهبية أولمبياد أثينا 2004، أشعر أحياناً، كأن المعاناة كتبت على الرياضي الحالم بالظهور على المسرح الأولمبي.

لعبة المليارات غائبة.. الفردية حاضرة

يبدو غريباً جداً أن تكون كل الميداليات الـ94 التي حصدها العرب في دورات الألعاب الأولمبية طوال قرن كامل من الزمن، قد تحققت بسواعد وأقدام نجوم ونجمات الألعاب الفردية حصراً.

فيما سجلت كرة القدم، اللعبة التي باتت تلتهم ليس الملايين، بل المليارات في السنوات الأخيرة، غياباً تاماً عن منصة التتويج الأولمبي، ما جعل الرياضات الفردية طريق العرب الأوحد العابر نحو منصات التتويج الأولمبي منذ ألعاب أمستردام العام 1928 وحتى النسخة الأخيرة في لندن 2012.

وفيما تبيض الألعاب الفردية ذهباً وفضة وبرونزاً على العرب، سجلت الرياضات الجماعية بكافة ألعابها، غيابا تاما عن منصات المجد الأولمبي، ما يضع علامة استفهام كبيرة جدا على مجمل منظومة العمل العربي في مجال الألعاب الجماعية، خصوصاً ما يتعلق بالبرامج والخطط التي من المفترض أن تفضي إلى تحقيق ولو إنجازاً واحداً طوال الـ 100 الماضية، ولكن!

لعبة المليارات

وإذا كان العذر حاضرا والمبرر جاهزا والشماعة مشرعة فيما يتعلق بغياب ألعاب جـــــماعية كالسلة والطائرة واليد والطاولة، فـــإن الغياب التام للعبة كرة القدم عن منصة التتويج الأولمبي..

وعدم تمكن أي منتخب عربي من تحقيق ولو إنجاز أولمبي واحد، يبدو محيرا ولغزا غامضا، لسبب بسيط، يتمثل بالميزانيات الخيالية التي ينفقها العرب على لعبة لم تعد فاتورتها تكتفي بـ »خانة« الملايين، بل زحفت إلى دائرة المليارات في السنوات الثلاث الأخيرة.

إنفاق جنوني

ورغم تلك الميزانيات الخيالية التي تنفق على كرة القدم العربية، إلا أن حصيلة أو نتيجة ذلك الإنفاق الجنوني ما زال »صفريا« وبامتياز على الصعيد الأولمبي.

وهو الأمر الذي يتوجب على صانع القرار الرياضي العربي، الالتفات إليه عاجلا لتأثيره المباشر المعروف على مستقبل الألعاب الأخرى، خصوصا الفردية التي تعد الدجاجة الوحيدة التي بمقدورها الإنتاج في الرياضة العربية، نتيجة الإنفاق غير المنضبط على لعبة كرة القدم في عموم أقطار الوطن العربي.

توزيع الميداليات

وتتوزع الميداليات الأولمبية التي حققها العرب عبر أبطال الألعاب الفردية حصرا، على 40 ميدالية متنوعة في ألعاب القوى التي جاءت في المقدمة، و14 ميدالية في الملاكمة التي حلت ثانيا، و12 في رفع الأثقال ثالثا، و11 في المصارعة و5 في السباحة، و4 في الجودو، ومثلها في الرماية، و2 في الفروسية، فيما حلت التايكواندو والمبارزة في مؤخرة الترتيب بميدالية واحدة يتيمة لكل منهما.

47 برونزية

وتنوع الحصاد العربي من الميداليات الأولمبية بين 24 ميدالية ذهبية، و23 ميدالية فضية، و47 ميدالية برونزية، ويلاحظ أن ارتفاع عدد الميداليات البرونزية مقارنة مع الميداليات الذهبية تحديدا، يجعل الترتيب العربي متأخرا جدا في لائحة الترتيب العام للدول التي دخلت لائحة المجد الأولمبي سواء بعد كل دورة أو لمجمل الحصاد الأولمبي منذ الدورة الأولى للأولمبياد في أثينا العام 1896 حتى الدورة الأخيرة في لندن 2012.

03

تأجلت 3 دورات من بين جميع دورات الألعاب الأولمبية البالغة 30 دورة أقيمت في مختلف مدن العالم آخرها لندن في العام 2012..

حيث تسبب نشوب الحربين العالميتين الأولى والثانية في 1914 و1940 وتواصل الثانية حتى 1944، بإلغاء الدورات السادسة في العام 1916 والثانية عشرة في العام 1940 والثالثة عشرة في العام 1944.

05

بدأت المشاركة العربية في الأولمبياد اعتباراً من الدورة الخامسة التي أقيمت في مدينة استوكهولم السويدية في العام 1912، بعد غياب دام 4 دورات للرياضيين والرياضيات العرب عن المسرح الأولمبي في الدورات الأولى 1896 في أثينا اليونانية، والثانية 1900 في باريس الفرنسية، والثالثة 1904 في سان لويس الأميركية، والرابعة 1908 في لندن البريطانية.

09

شهدت الدورة التاسعة من الألعاب الأولمبية التي أقيمت في أمستردام الهولندية 1928 فوز الرياضة العربية بأربع ميداليات عبر أبطال مصر، ذهبيتان برفع الأثقال والمصارعة، وفضية وبرونزية في الغطس، وهي بداية جيدة إلى حد ما للرياضة العربية على المسرح الأولمبي خصوصا إذا ما قورنت بنتيجتها »الصفرية« في الدورة العاشرة 1932 في لوس أنجلوس.

إنجازات

حقق الشيخ أحمد بن حشر العديد من الإنجازات أبرزها:

ذهبية الخليج 77

ذهبية العرب 98

برونزية ناشئي العالم وذهبية آسيا

ذهبية جراند بري الإيطالية

برونزية العالم بالهند

بطولة العالم للنخبة في روما

ذهبية الماسترز في براغ

ذهبية الرماية في دورة الألعاب الأولمبية أثينا 2004

مشكلتنا الكبرى في الافتقاد إلى فلسفة بناء الأبطال

نقص الوعي الرياضي آفة .. والمحسوبية كارثة

التقاليد وراء غياب المرأة الرياضية العربية

4 سنوات كافية لصناعة نجم أولمبي

Email