الأمراض والحروب.. أعداء البطولات الرياضية

ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الغرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

 

انضمت أولمبياد «طوكيو 2020» إلى قائمة ضحايا فيروس «كورونا» عقب إعلان اللجنة الأولمبية الدولية والحكومة اليابانية تأجيل الدورة إلى العام المقبل، في واقعة هي الأولى في زمن السلم العالمي، كما تسببت أزمة «كوفيد 19»التي يعيشها العالم في إيقاف وتأجيل كافة البطولات الكروية القارية، والدوريات الكبرى في العالم، وبالنظر إلى التاريخ الطويل، نجد أن الحروب وتأزم العلاقات الدولية تتسبب في إلغاء أو تأجيل البطولات، بالإضافة إلى عامل الأوبئة التي باتت تهدد الرياضة بشكل عام.

الحرب العالمية

دورة الألعاب الأولمبيـة الصيفية لعام 1916 دخلت التاريخ كأول بطولة يتم إلغاؤها، إذ تم اختيار العاصمة الألمانية برلين لتنظيم البطولة، وعند اندلاع الحرب العالمية الأولى سنة 1914، واصلت اللجنة المنظمة الاستعدادات لتنظيم الدورة، لأن الجميع اعتقد أن الحرب سوف تستمر فترة قصيرة، لكن استمرار الحرب دفع اللجنة الأولمبية الدولية إلى إلغاء الدورة السادسة للألعاب الأولمبية.

أما الحرب العالمية الثانية، فلها قصة أخرى، إذ كان من المقرر أن تستضيف طوكيو الدورة الثانية عشرة في 1940، إلا أن حربها ضد الصين دفع اللجنة الأولمبية الدولية لاختيار العاصمة الفنلندية هلسنكي لاستضافة الحدث، غير أن اندلاع الحرب العالمية الثانية حال دون تنظيم الدورة وإلغاؤها رغم تأكيدات فنلندا بأنها قادرة على تنظيمها بشكل جيد حتى في ظروف الحرب، ولكن بعد تعرضها لهجوم من الاتحاد السوفيتي ألغيت الدورة نهائيا وبسبب استمرار الحرب العالمية الثانية، تم أيضاً إلغاء أولمبياد 1944، والتي كانت من المقرر إقامتها في لندن.

خلافات

ولعبت الدعاية السياسية والأزمات الدولية دوراً قوياً في الدورات الأولمبية، ففي دورة الألعاب الأولمبية 1936 التي أقيمت في ألمانيا ، استغل أدولف هتلر الحدث الرياضي الكبير للترويج لأفكاره، و كانت الألعاب الأولمبية 1956 في ملبورن مهددة بالإلغاء بسبب العدوان على مصر واجتياح الاتحاد السوفيتي للمجر، إذ قاطعت الدورة 5 دول هي مصر، ولبنان، والعراق، وهولندا، وإسبانيا، كما أدت التوترات السياسية بين السوفييت والمجريين إلى اشتباك لاعبي الفريقين في كرة الماء، فيما بات يعرف بـ «مباراة الدماء في الماء»، وفي الألعاب الأولمبية 1964 في طوكيو، انسحبت 3 دول، هي الصين، وإندونيسيا، وكوريا الشمالية، بسبب رفض اللجنة الأولمبية الدولية قبول اللاعبين الذين شاركوا في بطولة «جانيفو»، والتي أسستها إندونيسيا كبطولة موازية للأولمبياد وخصصتها للدول النامية، في حين قاطعت العديد من الدول، خاصة الأفريقية أولمبياد 1976 في مونتريال ، لعدم اتخاذ اللجنة الأولمبية الدولية قراراً بإيقاف نيوزيلندا إثر زيارة لمنتخب الرجبي إلى جنوب أفريقيا ولكن أشهر المقاطعات التاريخية كانت ذروة الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي، ففي دورة الألعاب الأولمبية 1980 في موسكو قاطعت الولايات المتحدة الأمريكية والكتلة الغربية البطولة بسبب الغزو السوفيتي لأفغانستان، وبعدها بأربع سنوات، قاد الاتحاد السوفيتي الكتلة الشرقية لمقاطعة أولمبياد 1984 في لوس أنجليس ، وفي دورة الألعاب الأولمبية 1988 في عاصمة كوريا الجنوبية سيول، قام سامارانش بجهود حثيثة لمنع مقاطعة الكتلة الشرقية للبطولة، ما أدى في نهاية المطاف إلى مشاركة معظم دول العالم في الحدث ، ما عدا كوريا الشمالية وكوبا احتجاجاً على رفض اللجنة الأولمبية الدولية إشراك كوريا الشمالية في تنظيم الأولمبياد مع جارتها الجنوبية.

كأس العالم

ولم تسلم كأس العالم أيضاً من مرض الحروب والمقاطعات، إذ سبب قرار«فيفا» باختيار فرنسا لاستضافة النسخة الثالثة من البطولة عام 1938، غضباً في القارة اللاتينية، حيث اعتقد بأن الاستضافة تقوم على التناوب بين القارتين.

ونتيجة لهذا القرار، لم تشارك الأورغواي، والأرجنتين، ثم جاءت الحرب العالمية الثانية لمدة 12 عاماً حتى عادت البطولةلعام 1950 في البرازيل، وشهدت كأس العالم 1960 في بريطانيا، مقاطعة جميع منتخبات أفريقيا وآسيا للتصفيات المؤهلة فيما عدا منتخب كوريا الشمالية بسبب ما رأوه ظلماً من «فيفا» في توزيع المقاعد، حيث خُصص مقعد واحد فقط لأفريقيا وآسيا مجتمعتين((أي نصف مقعد لكل منهما)، بينما مُنحت أوروبا 9 مقاعد وأمريكا الجنوبية أربعة.

ليس الأول

ولن يكون فيروس «كورونا» المرض الأول الذي تسبب في تأجيل وإلغاء بطولات رياضية، ففي 2014 طلب المغرب من الاتحاد الأفريقي لكرة القدم تأجيل «كأس أمم أفريقيا 2015» بسبب انتشار مرض «إيبولا» في القارة السمراء، إلا أن «كاف» رفض الطلب وسحب التنظيم من المغرب وأسنده إلى غينيا الاستوائية.

مفارقات

ورغم الأجواء السلبية التي تلقيها الحروب والأمراض على الأحداث الرياضية، فإنها كانت فأل خير على منتخب الدنمارك، ففي بطولة أمم أوروبا «السويد 1992» كان من المفترض أن يشارك منتخب يوغوسلافيا بالبطولة، إلا أن الحرب الأهلية هناك أدت إلى مشاركة منتخب الدنمارك رغم عدم تأهله المباشر، وليحققوا بعدها إحدى المفاجآت الأوروبية التاريخية، وهي نيل اللقب.

Email