الميركاتو.. ساخن غامض شتاء (2 -3)

«الليغا».. حرب سحب البساط من تحت أقدام الإنجليز

ت + ت - الحجم الطبيعي

يقولون إن المقدمات تعطي الدلالات على المعارك، وسوق الانتقالات الشتوية هو معركة بين اقتصادات فرق كبرى تملك الملايين، وتسعى خلف الألقاب والبطولات، وفي سبيل تحقيق تلك الإنجازات، فسبيلهم ووقودهم هم اللاعبون، وكان انتقال الهولندي فيرجيل فان دييك إلى ليفربول الإنجليزي مقابل 75 مليون جنيه استرليني في أغلى صفقة لمدافع في تاريخ اللعبة، مقدمة ودلالة واضحة على ما ستكون عليه سوق الانتقالات الشتوية الحالية، حيث من المتوقع هطول الملايين كالأمطار في صفقات جديدة في الدوريات الخمسة الكبرى ضمن حرب النجوم، في ظل احتياج الكبار والأغنياء لدعم فرقهم في مختلف المراكز.. فمن سيكون الرابح الأكبر في ميركاتو الشتاء، ومن سيفوته القطار؟!

تحدثنا في الحلقة الماضية عن سوق الانتقالات في الدوري الإنجليزي، الذي أصبح في السنوات الأخيرة، عملاق الصفقات والأرقام الخيالية في التعاقدات، حيث تجاوزت الانتقالات في الصيف الماضي بالبريميرليغ حاجز المليار للمرة الأولى في التاريخ، وكانت صفقات مانشستر يونايتد هي الأضخم بين كل الصفقات المعقودة، إضافة لليفربول، في الوقت الذي خفت نجم الدوري الإسباني على صعيد الصفقات، بعد سنوات تعودنا فيها على كون «الليغا» هو الأكثر إبهاراً في حجم الصفقات المعقودة، وخاصة من القطبين الكبيرين ريال مدريد وبرشلونة.

وخلال العام الماضي انسحب ريال مدريد وبرشلونة من سوق الانتقالات، على الصعيد «الرنان»، بمعنى أن الفريقين عقدا صفقات، وتعاقدا مع لاعبين في مراكز مختلفة، ولكنهم من لاعبي الصف الثاني أو الناشئين الصاعدين، بينما انسحب الكبيران من عقد الصفقات الضخمة، والآن باتت الحاجة ملحة لكلا الفريقين لاستعادة البساط من جديد، بعقد صفقات ضخمة، في ظل تقدم النجمين الكبيرين الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو، وضرورة البحث عن بديل لهما، يستطيع الانصهار مع الفريق وتعويض التراجع المتوقع في مستواهما بسبب السن.

ريال مدريد

ولنبدأ بالميرينغي، فريال الذي ضرب الرقم القياسي في أعلى صفقة في التاريخ 3 مرات في السنوات الأخيرة، عندما تعاقد مع الويلزي غاريث بيل من توتنهام هوتسبيرز، وبعده الكولومبي خاميس رودريغيز، وقبله كانت الصفقة التاريخية للبرتغالي كريستيانو رونالدو من مانشستر يونايتد، بخلاف الكثير من الصفقات الضخمة التي عقدها الريال وكانوا بمثابة صدمات لسوق الانتقالات مؤخراً لم يعقد أي صفقات كبرى، وبات الفريق في حاجة للكثير من الدعم في أكثر من مركز، سواء لعدم نجاح بعض الصفقات، أو ضعف بعض المستويات، أو لتقدم الكثير من عناصر الفريق في العمر.

الأمر الذي يضع المدير الفني زين الدين زيدان، في مأزق، فبعد السيطرة المدريدية على البطولات في العام 2017، بدءاً من الدوري الإسباني، ثم دوري أبطال أوروبا الذي احتفظ بلقبه للعام الثاني على التوالي، إضافة للسوبر الأوروبي والإسباني، وأيضاً كأس العالم للأندية، صار ريال مدريد في حاجة ملحة إلى التعاقدات، وظهر واضحاً وجود خلل في الكثير من المراكز بالفريق.

من المحتمل أن يدخل ريال مدريد حامل اللقب وبطل أوروبا في صراع ضمن بازار اللاعبين، لكن الهدف الواضح الوحيد حتى الآن هو حارس منتخب إسبانيا واتلتيك بلباو كيبا اريسابالاغا.

وينتهي عقد الحارس البالغ 23 عاماً مع النادي الباسكي في يونيو المقبل، لكن هناك توجه لأن يدفع ريال البند الجزائي البالغ 20 مليون يورو من أجل تحريره وضمه إلى صفوفه خلال الشهر الحالي.

وقال الفرنسي في تصريحات سابقة: «أعتقد الآن نحتاج إلى دعم بعض المراكز في الفريق.. إن لدينا لاعبين متميزين، ولكننا في حاجة إلى بعض الدعم في الصفوف، حتى نصبح أفضل».

وكان لتصريح زيدان استجداء لفلورينتينو بيريز رئيس النادي المدريدي، الذي سحب يده من الصفقات الكبرى الصيف الماضي، وربما كانت صدمة صفقة خاميس رودريغيز الذي لم يوفق مع الفريق، وأعير لنادي بايرن ميونخ في الصيف الماضي، ليقضي أغلب فترته هناك مصاباً، وأيضاً صفقة غاريث بيل الذي كان يتعرض لإصابات جديدة خلال فترة تعافيه من إصابة سابقة، وتكون النتيجة غيابه لشهور عن صفوف الفريق، وهو الأمر الذي أثر على مردود اللاعب الويلزي، والصفقتان كلفتا خزائن الريال ما يتجاوز المئتي مليون يورو.

ولم يكن لهما المردود الفني المطلوب، ولكن في ظل تراجع مستوى البرتغالي كريستيانو رونالدو واقترابه من سن الاعتزال، أصبح لزاماً على فلورنتينو بيريز البحث عن نجم جديد، يدعم به الفريق ويكون صورة الريال الإعلانية والإعلامية، ولعل البلجيكي إيدين هازارد أحد أبرز الوجوه المرشحة للقيام بهذا الدور.

وكان هازارد الذي ينتهي عقده في 2022 مع تشلسي، قد أبدى رغبته في الرحيل عن الدوري الإنجليزي، وجاء الأمر في شكل تصريح من والد اللاعب، الذي قال إن ولده يتمنى اللعب لريال مدريد، وهو ما كان بمثابة مغازلة لبيريز للبدء في التفاوض، وستكون ورقة غاريث بيل إحدى أهم الأوراق التي سيلعب بها فلورنتينو بيريز رئيس نادي ريال مدريد، لإقناع النادي اللندني على التخلي عن هازارد، وقد يلعب بيريز بورقة الصفقة التبادلية، لتقليل التكلفة على النادي الملكي.

وليست صفقة هازارد الوحيدة المطروحة في سوق الانتقالات لريال مدريد، فتقول صحيفة الماركا، إن المصري محمد صلاح ربما سيكون هدفاً للفريق الملكي في سوق الانتقالات، وتشير الصحيفة إلى اهتمام الفرنسي زين الدين زيدان باللاعب المصري، الذي يمتلك السرعة والقدرة على الاختراق الهجومي، إضافة إلى الهدوء في الملعب، وربما يعيب اللاعب فقط كثرة إضاعته للأهداف، الأمر الذي لا يتحمله ريال مدريد في وجود الفرنسي كريم بنزيمة الذي يعد أكثر لاعبي الفرق الكبرى إضاعة للأهداف، وبالتالي فوجود لاعبين لديهما أزمة في اللمسة الأخيرة قد يتسبب في كارثة هجومية للملكي.

وبالحديث عن كريم بنزيمة، فمن الصعب أن يرحل اللاعب عن النادي في الوقت الحالي، ولكن الضرورة تؤكد احتياج ريال مدريد لمهاجم بمواصفات اللاعب في المركز «رقم 9» القادر على تسجيل الأهداف، وصناعتها في الوقت نفسه، وهذا المركز ربما ليس متوفراً في العالم، ولكن الألماني الشاب ليون غروتسيكا لاعب نادي شالكه، ربما يكون حلاً متوفراً في الوقت الحالي، ولكن الصفقة قد يعيقها سيطرة بايرن ميونيخ على السوق الألمانية، وبالتالي في حالة دخوله في الصفقة، فسيصعب الأمر كثيراً على ريال مدريد.

أما في خط الوسط فريال مدريد في حاجة إلى دعم سريع في ظل تقدم العمر بالكرواتي لوكا مودريتش العقل المدبر لريال مدريد، الذي في حالة تراجع مستواه مع اقترابه من سن الاعتزال، فقد يعاني ريال مدريد خللاً في وسط الملعب، ولكن حتى اللحظة، لم يبد ريال مدريد اهتماماً، بالتعاقد مع لاعب وسط، وعلى الرغم من العديد من الشائعات التي ترتبط دائماً بالملكي، التي أغلبها يكون مدفوعاً من وكلاء اللاعبين، فلم يتردد سعي ريال مدريد للتعاقد مع لاعب وسط.

برشلونة

بإمكان برشلونة المتصدر أن يقول إنه أجرى تعاقده الكبير لشهر يناير مع اقتراب عودة الفرنسي عثمان ديمبيلي من الإصابة بعد فترة قليلة على انضمامه إلى النادي الكاتالوني من بوروسيا دورتموند الألماني أوائل الموسم الحالي، فهو فعلياً لم يلعب مع برشلونة سوى القليل من الدقائق في الدور الأول، قبل أن يسقط مصاباً، وبالتالي فعودته في الدور الثاني تمثل تعاقداً جديداً للبلاوغرانا.

لكن ذلك لا يعني بأن فريق المدرب ارنستو فالفيردي سيكون مكتوف الأيدي هذا الشهر، بل تشير التقارير إلى أنه جدد اهتمامه بلاعب وسط ليفربول الإنجليزي والمنتخب البرازيلي فيليبي كوتينيو الذي كان هدفاً للعملاق الإسباني الصيف المنصرم لكن «الحمر» رفضوا التخلي عنه.

وتشير التقارير من صحيفة «موندو ديبورتيفو» إلى أن النادي الكتالوني، تقدم بعرض رسمي إلى ليفربول الإنجليزي، للحصول على خدمات اللاعب البرازيلي مقابل 110 ملايين يورو، إضافة إلى 40 مليون يورو تحت بند الزيادات والمكافآت المشروطة بمستوى اللاعب مع الفريق الكتالوني، وإسهامه في تحقيق الألقاب وتسجيل الأهداف.

إلا أن الهم الأكبر لبرشلونة سيكون في خط الدفاع مع انتقال الأرجنتيني خافيير ماسكيرانو إلى الدوري الصيني، ما سيعزز إمكانية التعاقد مع الكولومبي العملاق ييري مينا من بالميراس البرازيلي.

وكانت التقارير الإسبانية قد أكدت توصل برشلونة إلى اتفاق مع غريميو البرازيلي للتعاقد مع لاعب وسطه آرثر، أحد أبرز النجوم الصاعدة في وسط الملعب بالدوري البرازيلي، ولم تحدد الصحف البرازيلية قيمة الصفقة.

وإن كانت شبكة «جول» الإنجليزية قد أكدت أن غريميو وصيف كأس العالم للأندية الأخيرة بأبوظبي، قد اشترط الحصول على 50 مليون يورو للتخلي عن اللاعب الشاب (23 عاماً)، وفي سبيل إدراك الرقم بدأ غريميو ووكيل أعمال اللاعب في مخاطبة ريال مدريد الغريم التقليدي للدخول في الصفقة، لرفع قيمة النجم البرازيلي الشاب.

وحول التعاقدات مع اللاعبين الجدد والصفقات قال فالفيردي المدير الفني للفريق: «الصفقات هي لدعم الفريق، واستكمال النواقص.. لست مخولاً للإعلان عن صفقات، نرفع باستمرار تقاريرنا باحتياجات الفريق والترشيحات، وتتخذ الإدارة ما يلزم حيال ذلك.. إذا كان السؤال هل نحتاج لاعبين.. نعم دائماً نحتاج إلى الدعم وهذه هي سنة الحياة».

وفي المقابل قالت صحيفة «إكسبريس» الإنجليزية، إن المهاجم الشاب باولو ديبالا، لا يزال على رادار البلاوغرانا، للتعاقد معه شتاء، وهو النجم الأرجنتيني الذي قالت عنه صحيفة «ميرور» الصيف الماضي، إن مواطنه ليونيل ميسي أوصى بعدم التعاقد معه، وهو الأمر الذي نفاه ميسي وديبالا، ولكن الأرجح سواء كانت كلمات الـ «الميرور» حقيقة أم لا، فديبالا سيكون خطة بديلة للفريق الكتالوني في حالة تعثر صفقة كوتينيو، التي إن اكتملت، فلن يكون برشلونة في حاجة إلى ديبالا.

ولم يتلق برشلونة حتى الآن رداً جديداً من ليفربول حول مصير هذه الصفقة خلال الساعات القليلة الماضية، في الوقت الذي أعلن فيه النادي الكتالوني استعداده لدفع القيمة المالية التي يطلبها ليفربول والتي يقدر بـ 160 مليون يورو مقابل التخلي عن كوتينيو لكي يتسنى له الحصول على خدمات اللاعب هذا الشتاء.

ووصل برشلونة إلى اتفاق نهائي مع كوتينيو في الصيف الماضي يقضي بانتقال نجم منتخب البرازيل إلى صفوفه بموجب تعاقد يمتد لخمس سنوات.

بيد أن ليفربول لم يعط الضوء الأخضر بعد لرحيل اللاعب ويبدو أن السبب وراء هذا هو رغبة النادي الإنجليزي في رفع قيمة الصفقة.

أتلتيكو مدريد

ربما في أغلب الأحوال الصراع دائماً على عقد الصفقات في الدوري الإسباني يكون بين الغريمين، ريال مدريد وبرشلونة، باعتبارهما الكبيرين، والمنافسين الأبرز على الدوري الإسباني، وفي الوقت نفسه هما الأغنى في الليغا، بينما الباقون يعانون من شح الأموال، نتيجة التقسيم غير العادل لحقوق البث التلفزيوني.

ولكن مؤخراً دخل مع الغريمين طرف ثالث، صار منافساً قوياً على اللقب، ومزعجاً للكبيرين، وأصبح أتلتيكو بقيادة الأرجنتيني دييغو سيميوني، كبيراً بأمواله، التي حققها من الحصول على لقب الليغا منذ ثلاث سنوات، ومنافسته للثنائي، في الدوري الإسباني، وأيضاً دوري أبطال أوروبا، الذي وصل فيه للنهائي العام، ولكن أتلتيكو الذي باع الكثير من اللاعبين من قبل، أصبح أكثر ميلاً للشراء والتعاقد لدعم الفريق.

وتحقيق الاستمرارية، ولكن أتلتيكو اصطدم بعقوبة الاتحاد الدولي لكرة القدم، التي حرمته من التعاقدات بسبب الإخلال بالشروط الموضوعة للتعاقدات مع اللاعبين صغار السن، الأمر الذي عرقل مسيرة أتلتيكو وأوقف كل مفاوضاته الصيف الماضي، لينسحب من ميركاتو بداية الموسم، وهو الآن قد شمر عن سواعده مبكراً وأصبح أول أندية الليغا إعلاناً عن التعاقدات، بإتمام صفقة التعاقد مع مهاجم تشلسي السابق، ولاعبه السابق أيضاً دييغو كوستا.

فبات أتلتيكو أحد أكثر الأندية استعادة لطيوره المهاجرة، فبعد أن باع من قبل «إل نينو» الإسباني فيرناندو توريس إلى ليفربول، وقضى رحلة برحيله إلى تشلسي ثم ميلان على سبيل الإعارة، واستعاده الروخا بلانكوس في النهاية، ها هو يفعلها مجدداً بالتعاقد مع دييغو كوستا، الذي باعه من قبل لتشلسي، واستعاده هذا الشتاء.

وبات بإمكان أتلتيكو مدريد تسجيل لاعبين جدد في صفوفه بعد انتهاء فترة الحظر الذي فرضه عليه الاتحاد الدولي «فيفا» بسبب مخالفته قواعد التعاقدات، ما سمح لمهاجمه السابق دييغو كوستا ولاعب وسط اشبيلية فيتولو في إنهاء انتقالهما إلى نادي العاصمة الإسبانية بعدما وقعا معه الصيف المنصرم.

وتشير الشائعات في الصحف الإسبانية، إلى احتمالية استعادة اللاعب التركي أردا توان من برشلونة الإسباني، وهي الشائعة صعبة التحقق لتقدم لاعب الوسط التركي في العمر وتراجع مستواه بشكل كبير، الأمر الذي لن يحبذه الأرجنتيني سيميوني، الذي يعتمد بشكل كبير في طريقة أدائه على اللياقة البدنية والقوة الجسمانية.

 

Email