في البريميرليغ.. «الملاذ الآمن» على الهواء مباشرة!

الكاميرات تتابع اللاعبين في أي مكان
الكاميرات تتابع اللاعبين في أي مكان

اتفاقيات البث تحكم قبضتها على تفاصيل اللعبة

6.7 مليارات جنيه إسترليني تعيد تشكيل العلاقة بين الرياضة والإعلام

يتحول الدوري الإنجليزي الممتاز تدريجياً إلى منصة تجمع بين الرياضة والترفيه، حيث لم يعد اللاعبون يؤدون أدوارهم في الملعب فقط، بل أصبحوا أيضاً وجوهاً تسويقية تدعم صفقات البث الضخمة التي تديرها كبرى الشركات، فلم تعد حدود التجربة الكروية محصورة داخل المستطيل الأخضر، بل امتدت إلى الكواليس والزوايا الخفية، حيث يعاد تشكيل تفاصيل كل مباراة لتواكب توقعات الجماهير خلف الشاشات، ومع أن الكرة تظل جوهر اللعبة، إلا أن هيئات البث أصبحت تفرض إيقاعها الخاص في تقديم المباريات، فتصاغ التفاصيل بما يخدم متطلبات العرض التلفزيوني والجمهور، بعيداً عن الاحتياجات الفعلية داخل أرض الملعب.

تقنيات جديدة

ومع بداية موسم 2025 - 2026، يستعد الدوري الإنجليزي لتقديم ثلاث تقنيات جديدة في التغطية التلفزيونية، تغير العلاقة بين اللاعب والكاميرا بشكل كبير.. ومن أبرز هذه التقنيات، إجراء مقابلات مباشرة مع اللاعبين الذين يتم استبدالهم أثناء المباراة، في السابق، كانت لحظة خروج اللاعب من الملعب فرصة للراحة والتفكير بعيداً عن الضوضاء، أما الآن فسيجد نفسه مباشرة أمام الميكروفون يتحدث عن أدائه ومشاعره، وهو لا يزال يلتقط أنفاسه بعد دقائق من الركض والتعب.

وتخترق الكاميرات واحدة من أكثر المساحات خصوصية في عالم كرة القدم، وهي غرف تبديل الملابس، التي طالما كانت ملاذاً آمناً هادئاً للاعبين والمدربين لتبادل الحديث ووضع الخطط بعيداً عن الأضواء.. ورغم تعهد المنظمين بعدم تصوير النقاشات التكتيكية، إلا أن وجود الكاميرا بحد ذاته يغير طبيعة هذا المكان، فيتحول إلى مساحة مراقبة دائمة، ويبقى اللاعبون تحت أعين الجمهور حتى في لحظاتهم الشخصية.. أما الملعب نفسه، فسيدخل إليه نوع جديد من الكاميرات مخصص لتصوير احتفالات تسجيل الأهداف عن قرب، هذه اللحظة العفوية التي كانت تعبيراً صادقاً عن الفرحة، ستتحول إلى مشهد سينمائي مصمم بدقة، تلتقط فيه الكاميرا كل ابتسامة وكل صرخة، ليعاد بثها آلاف المرات على الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي.

ضغط

كل هذه التغييرات لم تأت من فراغ، بل جاءت استجابة لضغط هيئات البث، التي تسعى لمواكبة الطريقة التي تغطى بها الفعاليات الرياضية في أمريكا، مثل دوري كرة القدم الأمريكية NFL ودوري السلة NBA، حيث لا تقتصر المتعة على الملعب، بل تشمل العرض الكامل الذي يرافق كل مباراة.

وفي هذا السياق، جاءت الصفقة الجديدة بين «سكاي سبورتس» و«تي إن تي سبورتس»، بقيمة 6.7 مليارات جنيه إسترليني لمدة 4 سنوات، وفقاً لصحيفة «تليغراف» البريطانية، لتؤكد أن البث التلفزيوني تحول إلى شريك رئيسي في رسم ملامح اللعبة، بعدما أصبح يؤثر في طريقة تقديمها وأحياناً في جوهرها نفسه، متجاوزاً دوره التقليدي كوسيلة فقط لعرض المباريات.

ورغم ذلك، يحاول المنظمون الحفاظ على جزء من هوية اللعبة، من خلال السماح لكل نادٍ باختيار تقنية واحدة فقط من هذه الابتكارات الثلاثة في كل مباراة.. وتبدو هذه الخطوة وكأنها محاولة لتحقيق التوازن بين حماية اللعبة وتقديم تجربة تلفزيونية ممتعة، لكنها في الحقيقة لن توقف هذا التغيير الكبير، الذي يجعل من كرة القدم جزءاً من صناعة ترفيهية عالمية، تتداخل فيها الرياضة مع متطلبات السوق ورغبات الجمهور.

ومع الوقت.. تتحول المباريات إلى عروض أسبوعية ينتظرها الملايين، تملؤها المشاهد الإنسانية والدرامية والاحتفالات الصاخبة، تصنعها الكاميرات وتعيد تشكيلها على الشاشات، فتأخذ اللعبة شكلاً جديداً يرضي من يتابعها خلف الشاشات أكثر من أولئك الذين يصنعون أحداثها داخل الملعب.