مرموش لاعب مؤثر.. والكرة العربية تسير في الاتجاه الصحيح

عمر مرموش يتألق مع سيتي
عمر مرموش يتألق مع سيتي

في عالم التدريب، لا تُقاس التجارب دائماً بعدد البطولات أو الألقاب المحققة، بل أيضاً بالأثر الإنساني والفني الذي يُخلّد في الذاكرة، فبعض اللاعبين يتركون لدى المدرب بصمة لا تُنسى، ويمنحون كل محطة طابعاً خاصاً مليئاً بالدروس والتفاصيل.

وهنا نتحدث عن الأمريكي من أصول إيطالية، بيليغرينو ماتارازو، مدرب شتوتغارت الألماني السابق، الذي رافقته خلال رحلته وجوه شكّلت لحظات نضج وتجارب حقيقية ساعدت في صياغة شخصيته على الخطوط الجانبية.

أحد هذه الأسماء هو عمر مرموش، اللاعب المصري الذي يشق طريقه حالياً في الدوري الإنجليزي مع مانشستر سيتي، بعدما جمعتهما تجربة سابقة في نادي شتوتغارت؛ تجربة كانت بمثابة محطة مميزة في مشوار الطرفين، رسّخت لدى ماتارازو صورة لاعب موهوب بقدر نضجه وتأثيره داخل الملعب وخارجه.

وفي حديث خاص لـ«البيان»، استعاد ماتارازو ذكرياته مع مرموش، قائلاً: «عمر ليس فقط لاعباً موهوباً، بل إنسان مميز أيضاً. لطالما صنع الفارق بلمساته الحاسمة ومهاراته في المواجهات الفردية، كان تأثيره يظهر سابقاً على فترات، لكنه تطوّر وأصبح أكثر نضجاً وانضباطاً أمام المرمى».

وأضاف: «مرموش يمتلك الطموح والرغبة في التعلم، إلى جانب ذكاء عاطفي نادر، يجعله قريباً من الجميع داخل الملعب وخارجه. أنا مؤمن تماماً بأنه يملك كل ما يلزم للنجاح في الدوري الإنجليزي».

اهتمام

وأبدي ماتارازو اهتماماً متزايداً بتطور كرة القدم في المنطقة العربية، مشيداً بالنمو الملحوظ في مستوى الاحترافية والاستثمار والشغف الجماهيري، وأكد أنه منفتح تماماً على خوض تجربة تدريبية في العالم العربي إذا توفرت البيئة المناسبة، قائلاً:

«أبحث عن مشاريع ذات مغزى، وإذا ظهر مشروع قوي في المنطقة العربية مع أشخاص مناسبين وطموحات واضحة، فلن أتردد في خوض هذه التجربة».

رحلته في البوندسليغا كانت غنية بالدروس، لا سيما مع شتوتغارت وهوفنهايم، حيث خاض تحديات عديدة، أبرزها قيادة شتوتغارت للعودة إلى دوري الأضواء، وإنقاذ هوفنهايم من الهبوط، قبل أن ينجح في قيادته إلى التأهل إلى الدوري الأوروبي.

وقال في هذا السياق: «الفوز بالمباريات أمر رائع، لكن الإنجاز الحقيقي هو بناء فريق يؤمن بنفسه، في شتوتغارت نجحنا في تقديم كرة هجومية، وفي هوفنهايم تفوقنا على أندية بميزانيات ضخمة، وهذا يُحسب للاعبين».

فخر

وتابع: «في شتوتغارت، أفتخر بأنني ساعدت الفريق على العودة إلى البوندسليغا، وحققنا موسماً أول قوياً بأسلوب لعب ديناميكي وشجاع، وفي هوفنهايم كان بلوغ الدوري الأوروبي إنجازاً كبيراً، خاصة بعد إنقاذ الفريق من الهبوط في الموسم الذي سبقه. تفوقنا على أندية لديها ميزانيات واستثمارات أكبر، وهذا جعل الإنجاز أكثر تميزاً».

وأضاف: «أعتز كثيراً بدوري في تطوير المواهب، مثل انتقال ماكسيميليان بيير إلى بوروسيا دورتموند، وتوم بيشوف إلى بايرن ميونيخ، وهما لاعبان تطورا كثيراً تحت إشرافي.

وفي الوقت نفسه، عملت عن قرب مع لاعبين أصحاب خبرة ونجوم كبار مثل ماريو غوميز، وغونزالو كاسترو، وأندريه كراماريتش، وأوليفر باومان، بالنسبة لي، كان إيجاد التوازن بين تطوير الشباب وتمكين اللاعبين المخضرمين من أداء أدوار قيادية داخل الفريق من العلامات الفارقة في مسيرتي التدريبية».

وعن تجربته كمساعد مدرب مع جوليان ناغلسمان في نادي هوفنهايم، قبل أن يعود لاحقاً لقيادته مديراً فنياً، قال ماتارازو: «كانت تجربة مميزة تحت قيادة أحد أكثر العقول ابتكاراً في كرة القدم. تعلمت خلالها الكثير، خاصة في دوري أبطال أوروبا، وكانت تلك المرحلة خطوة مهمة في تكويني التدريبي».

ويعزو المدرب، الذي تلقى تعليمه الأكاديمي في مجال الرياضيات التطبيقية، نجاحه إلى مرونته التكتيكية وتحليله العميق للمباريات، قائلاً: «الكرة الحديثة باتت معقدة تكتيكياً، لذلك أحرص دائماً على إعداد اللاعبين للتعامل مع مختلف السيناريوهات داخل المباراة، مع الحفاظ على متعة اللعب وروح التنافس.

أستخدم تمارين تقوم على قواعد تحفيزية، مثل تمرينات الروندو المصممة خصيصاً لتشكيل سلوك اللاعبين داخل الملعب، وغرس عادات جماعية فعّالة تُسهم في تحسين الأداء واتخاذ القرار تحت الضغط».

وعن رؤيته لمقومات النجاح في اللاعبين الشباب، أوضح ماتارازو أن اللياقة البدنية والمهارة الفنية والتكتيكية مهمة بلا شك، لكنها لا تكفي وحدها، قائلاً:

«العوامل الذهنية هي التي تصنع الفارق الحقيقي، مثل العزيمة، والثقة بالنفس، والاستعداد للتضحية، فهذه الصفات هي التي تحدد ما إذا كان اللاعب قادراً على النجاح والاستمرار في أوروبا، سواء كان عربياً أو من أي بلد آخر».

وعندما سألناه عن مستقبله، لم يُخفِ طموحه في مواصلة التقدم، لكنه بدا واقعياً، حيث قال: «ما يهمني هو السير في الاتجاه الصحيح. أبحث دائماً عن بيئة أستطيع من خلالها إحداث تأثير حقيقي، سواء في نادٍ أو مع منتخب، بشرط أن يكون العرض مناسباً من حيث المشروع والتوقيت. تدريب المنتخبات يبقى خياراً مطروحاً إذا توافرت الظروف الملائمة».