الزمالك استعاد شخصية البطل والمنافسة ثلاثية على لقب الدوري المصري
قبل أكثر من عقدين، بدأ اسم أيمن الرمادي يسطع في كرة القدم العربية، متنقلاً بين الملاعب برؤية فنية واضحة، وقدرة على بناء الفرق وصياغة شخصيتها التنافسية، من نجاحاته البارزة في الكرة الإماراتية إلى محطاته المضيئة في الكرة المصرية، نسج الرمادي مسيرة حافلة بالتحديات والإنجازات جعلت اسمه من أبرز المدربين العرب.
في الإمارات، قاد عدداً من الأندية مثل الشارقة، والظفرة، ونادي الإمارات، وعجمان، وحتا، واتحاد كلباء، وخورفكان، محققاً إنجاز الصعود إلى دوري المحترفين 8 مرات، بينها 4 مع نادي دبي، ومرة مع كل من الشارقة، واتحاد كلباء، وحتا، وعجمان، وتوج بكأس الاتحاد مع دبي موسم 2009، كما ترشح لجائزة أفضل مدرب في الإمارات خمس مرات (2008 مع الظفرة، 2012 مع دبي، 2018 و2019 و2020 مع عجمان).
وعلى الصعيد الخارجي، حقق كأس السلطان قابوس عام 2011 مع ظفار العماني.
وفي مصر، تولى تدريب أسوان عام 2022، ثم قاد سيراميكا كليوباترا للفوز ببطولتين في كأس الرابطة، وكانت محطته الأخيرة مع الزمالك التي توجها بكأس مصر، مؤكداً قدرته على صناعة الفارق في أصعب الظروف.
الرمادي خص «البيان» بأول حوار له بعد تجربته مع الزمالك، متحدثاً عن رؤيته لدوري أدنوك للمحترفين، والدوري المصري، وحظوظ «الأبيض» في بلوغ كأس العالم 2026، وكاشفاً كواليس تجربته مع الزمالك.
قراءة فنية
جاءت بداية حديث الرمادي مع «البيان» عن دوري أدنوك للمحترفين، مشيداً بدرجة التنظيم العالية والترتيبات المميزة التي يتمتع بها، وأشار إلى أن المسابقة تحمل طابعاً فريداً من حيث تنوع الأبطال على مدار المواسم الماضية، قائلاً: «من الصعب أن ينجح الفريق البطل في الاحتفاظ باللقب لعامين أو ثلاثة أعوام متتالية، وهذا ما شهدناه بوضوح خلال السنوات العشر الأخيرة، وهو ما يعكس قوة المنافسة وتوزع موازين القوى بين الأندية».
وانتقل الرمادي للحديث عن المنتخب الوطني وحظوظه في التأهل إلى كأس العالم 2026، حيث أبدى ثقته الكبيرة في الجهاز الفني بقيادة الروماني أولاريو كوزمين، موضحاً: «شخصية كوزمين تنعكس على اللاعبين بشكل إيجابي، وأثق بقدراته على قيادة الأبيض لعبور الملحق الآسيوي والتأهل للمونديال، رغم إدراكي أن المهمة ستكون صعبة».
وعن الدوري المصري، كشف الرمادي عن رؤيته لشكل المنافسة في الموسم الجديد، حيث قال: «أعتقد أن المنافسة على بطولة الدوري ستنحصر بين الثلاثي الزمالك والأهلي وبيراميدز، بينما ستكون هناك منافسة شرسة على المركز الرابع بين فرق سيراميكا كليوباترا والمصري والبنك الأهلي».
محطة الزمالك
تحدث الرمادي عن تجربته القصيرة مع نادي الزمالك، مؤكداً أنها، رغم الصعوبات، حملت جانباً مضيئاً للغاية على الصعيد الفني داخل الملعب، قائلاً: «خلال أقل من أسبوعين، وتحديداً بعد معسكر الإسماعيلية، تمكنا من معالجة الكثير من السلبيات الفنية، وتغيير الحالة الذهنية والنفسية للاعبين بصورة كبيرة، الأداء في آخر مباراتين بالدوري أمام بتروجيت وفاركو كان مرضياً وجيداً، ليس مثالياً، لكن بالنظر إلى ضيق الوقت وكثرة الغيابات بسبب الإصابات، كان مؤشراً على اكتساب اللاعبين أفكاراً خططية مميزة في فترة وجيزة، وساعدنا على ذلك تركيز اللاعبين وحبهم للتدريبات».
وعن أصعب اللحظات، أوضح الرمادي أن البداية كانت مليئة بالتحديات، قائلاً: «واجهت عدداً كبيراً من الإصابات في الفريق، والحالة الذهنية والنفسية للاعبين في الأسبوع الأول لم تكن جيدة، وتفاقم الأمر بإصابة محمد شحاتة وناصر منسي ومحمود بن تايج بعد أسبوع واحد، ما زاد من صعوبة المهمة، واضطرني إلى إجراء تغييرات في الجهاز المسؤول عن الجانب البدني، التحدي الآخر تمثل في الحرب الكلامية من بعض المنتقدين الذين شككوا في قدرات اللاعبين، وكان دوري أن أقنعهم بأنهم قادرون على مجاراة أي فريق والتفوق عليه، ونجحت في ذلك بفضل الله، ثم بدعم جمهور الزمالك».
وفيما يخص التغييرات التي طرأت على الفريق، أوضح الرمادي أن استعادة اللاعبين لثقتهم بأنفسهم كانت العامل الأهم في التحول، قائلاً: «عملنا على تعديل المفاهيم الخططية، فازدادت رغبتنا في الاستحواذ على الكرة واللعب بحرية أكبر، كما أجرينا تغييرات شاملة في أسلوب اللعب الهجومي والدفاعي، في آخر مباراتين بالدوري، نجحنا في تسجيل خمسة أهداف ولم نستقبل سوى هدف واحد، وعالجنا المشكلات المرتبطة بالكرات الثابتة في الجانب الدفاعي، واعتمدنا طريقة لعب 4-3-3 بأسلوب يمنح اللاعبين مرونة أكبر في التحرك داخل الملعب، وهو ما أعاد للفريق شخصية البطل التي تفرض نفسها داخل الملعب».
إشادة خاصة
وعن سبب عدم استمراره مع الزمالك لفترة جديدة، فقد فضل الرمادي عدم الخوض في التفاصيل، لكنه شدد على أن الأمر كان مرتبطاً بإجراء تغييرات جذرية، قائلاً: «لا يمكن أن أواصل العمل إلا إذا كان كل شيء منضبطاً ومثالياً، لأن جمهور الزمالك بجماله ووفائه يستحق عملاً احترافياً دقيقاً، ولاعبو الفريق، وجميعهم محترمون وأوفياء، يستحقون أن نوفر لهم بيئة عمل احترافية، ونثق في قدراتهم ونحترمها».
وأعرب الرمادي عن احترامه الكبير للاعبي الزمالك، مؤكداً أنهم كانوا مثالاً في الانضباط والرغبة في التعلم رغم ضغط الفترة القصيرة التي قاد خلالها الفريق، قائلاً: «على الرغم من قصر المدة وكثرة الضغوط، كان اللاعبون مثاليين في تلقي المعلومات، وكنا نقضي وقتاً أطول من المعتاد في محاضرات الفيديو دون أن يشعروا بالملل، بل برغبة عالية في الاستفادة».
وكشف الرمادي أن جميع لاعبي الزمالك الذين عمل معهم كانوا أصحاب قدرات عالية وحضور لافت، لكنه أشار إلى أن بعض الأسماء فاجأته بشكل خاص، موضحاً: «سيف جعفر وناصر ماهر كانا المفاجأة الأكبر بالنسبة لي، فهما يمتلكان إمكانيات هائلة، أما مصطفى شلبي، فهو لاعب بإمكانات كبيرة أيضاً، لكنه كان يمر بضغط نفسي حال دون ظهوره بكامل قدراته».
وعن إمكانية عودته لتدريب الزمالك مستقبلاً، أوضح الرمادي: «لا أحد يستطيع التنبؤ بالمستقبل، فهذا في علم الغيب، لكن وجهة نظري الشخصية أن العودة ليست في القريب العاجل، فالفريق حالياً يقوده المدرب البلجيكي يانيك فيريرا، وله كل الاحترام، وبإذن الله سأخوض تجربة أخرى، وهذا هو الأفضل لي على المستوى الشخصي، مع كامل حبي وتقديري للاعبين وجماهير الزمالك».
وجهة مقبلة
وبعيداً عن أجواء المنافسات، أوضح الرمادي أن حصوله على فترة راحة قصيرة كان ضرورياً بعد موسمين متتاليين مليئين بالضغوط، قائلاً: «خلال عامين في مصر، وبتوفيق من الله، حققت ثلاث بطولات؛ اثنتين مع سيراميكا كليوباترا في كأس الرابطة، وقدمنا عروضاً قوية في مباراتي السوبر المصري بالإمارات، ثم حصدت بطولة غالية هي كأس مصر مع الزمالك، وبعد كل هذه الضغوط، كان لا بد لي من التوقف قليلاً لالتقاط الأنفاس قبل العودة مجدداً للعمل».
أما عن احتمالية العودة إلى الإمارات، فأكد الرمادي أن العمل في الكرة الإماراتية يمثل له شرفاً كبيراً، قائلاً: «عملت في الإمارات مع 11 نادياً على مدار 23 عاماً، والإمارات صاحبة فضل كبير علي، وهي بلدي الثاني بعد مصر».
وفي ما يتعلق بالمعايير التي ستحدد وجهته التدريبية المقبلة، شدد الرمادي على أن «وجود مشروع مقنع وإدارة محترفة» سيكون العامل الأهم في اتخاذ القرار.
وفي ختام حديثه، وجه الرمادي عبر «البيان» رسائل شكر وتقدير لعدد من الشخصيات والجهات، قائلاً: «أتوجه بالشكر إلى طارق أبو العينين، عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري لكرة القدم والمشرف العام السابق على فريق سيراميكا كليوباترا، وإلى معتز البطاوي، المدير الرياضي للنادي، على العمل الاحترافي الذي جمعنا لمدة عامين مع فريق سيراميكا، والذي لولا بعض المعوقات الخارجية لواصلنا خلاله مشروعاً رائعاً كان سيضع الفريق في مكانة أخرى».
وأضاف: « أيضاً أشكر مجلس إدارة نادي الزمالك على ثقته في قدراتي ومنحي فرصة العمل مع نادٍ كبير وعريق بحجم الزمالك، وكل التقدير أيضاً للجمهور الأوفى، جمهور نادي الزمالك، وكذلك لجمهور أسوان الأصيل الطيب، لما قدموه لي من دعم ومساندة خلال فترتي مع الناديين».

