في صباح ربيعي هادئ من أبريل، تسللت أخبار جديدة إلى شغاف قلوب عشاق الساحرة المستديرة، حاملة بشرى طال انتظارها، الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، يطرح تذاكر إضافية لمباريات كأس العالم للأندية، التي تستضيفها الولايات المتحدة الأمريكية بين شهري يونيو ويوليو المقبلين.
لكن الخبر لم يكن مجرد إعلان رسمي على موقع إلكتروني، وكان بمثابة دعوة مفتوحة لكل من حلم يوماً بمشاهدة ميسي ومبابي وهالاند وجود بيلينغهام وغيرهم من أساطير اللعبة على أرض الواقع، دون أن تكون العوائق المادية سداً منيعاً أمام الحلم.
خدمة الجماهير
طرح التذاكر بأسعار منخفضة لم يكن مجرد إجراء تنظيمي عابر، بل خطوة اقتصادية مدروسة من قبل «فيفا»، فمع ارتفاع تكاليف السفر والإقامة حول العالم، أصبح من الضروري أن يُعاد التفكير في تكلفة التجارب الرياضية الكبرى، حتى لا تظل حكراً على فئة محددة من الأثرياء.
وفي هذا الإطار، أشار الاتحاد الدولي إلى أن فئة التذاكر الأرخص ستكون متاحة بشكل أوسع، ما يعكس توجهاً جديداً، يهدف إلى تعميم المتعة الكروية، وتحقيق أرباح مستدامة عبر الإقبال الجماهيري الواسع، بدلاً من التركيز على أسعار مرتفعة وحضور محدود.
ألوان 86 علماً
البطولة هذا العام لا تشبه سابقتها، 86 دولة ستكون ممثلة بلاعبين على أرض الملعب، ما يفتح الباب أمام مشاركة جماهيرية غير مسبوقة، حيث تتقاطع الأعلام واللهجات والأهازيج في مدرجات الملاعب الأمريكية.
وبدأت قصص المشجعين تتشكل بالفعل، هناك من حجز تذكرته الأولى لمباراة كرة قدم، وآخرون يعدّون العدّة لرحلات جماعية بأعلام بلدانهم، ووسط هذا الحراك، ظهرت مجموعات منظمة من جماهير أمريكية من أصول لاتينية وعربية وآسيوية، تستعد لصنع مشهد غير تقليدي في قلب الحدث.
التحدي الأمريكي
تمثل هذه النسخة من مونديال الأندية، اختباراً مهماً للولايات المتحدة، قبيل احتضانها لكأس العالم 2026، فالجمهور، والبنية التحتية، وتجربة المشجعين، والخدمات الذكية، جميعها ستكون تحت المجهر.
وسبق أن تعرضت أمريكا لانتقادات في بطولات سابقة، تتعلق بالتنظيم الكروي الجماهيري، لكن هذه الفرصة تمثل نقطة تحول لتصحيح الصورة، وتقديم نموذج ناجح في التعامل مع حدث عالمي، والرهان لا يشمل فقط الملاعب، بل يشمل المنصات الرقمية، وتجربة النقل، وخدمة الضيافة، وكل ما يصنع الفارق في عيون الجماهير.
المسرح جاهز
لا تكتمل الحكاية بدون أبطالها، فينسيوس جونيور، جود بيلينغهام، رودري، هاري كين، كيميش، مبابي، موسيالا، وكوكبة من النجوم سيكونون حاضرين تحت أضواء البطولة، لكن الاسم الذي يخطف القلوب، يظل هو ليونيل ميسي، اللاعب الذي فاز بجائزة أفضل لاعب في العالم ثماني مرات، وجوده وحده كافٍ لدفع الآلاف نحو شباك التذاكر، دون حساب.
وجود هؤلاء النجوم يرفع من قيمة الحدث، ليس فقط فنياً، بل تسويقياً، فهم لا يجذبون الجماهير فقط، بل يحرّكون شركات الرعاية والإعلام والجمهور الرقمي العريض.
الجاليات والذكريات
في مقاهي نيويورك وميامي وشيكاغو، تتزايد أحاديث الحنين والانتماء بين الجاليات العربية المقيمة في أمريكا، البعض يترقب مشاركة الأهلي المصري، وآخرون ينتظرون مشاهدة الهلال السعودي والعين الإماراتي والترجي التونسي والوداد المغربي، أو أندية من أمريكا الجنوبية، تمثل روحهم الرياضية، هؤلاء لا يشاهدون الكرة فقط من منظور رياضي، بل باعتبارها وسيلة لإحياء مشاعر الوطن البعيد، وتأكيد الهوية وسط عالم متعدد الثقافات.
فرصة إنسانية
ليست كل تذكرة تُشترى من أجل المتعة فقط، بل هناك من يرى فيها لحظة حياة، شاب من كينيا يقيم في أمريكا، قال في تعليق عبر منصة «إكس»: «لم أكن أتصور أنني سأشاهد هالاند وميسي في نفس البطولة، وبنصف راتبي الأسبوعي فقط»، وهناك عائلة من كولومبيا خصصت جزءاً من مدخرات ابنتها الدراسية، لتعيش حلماً عائلياً في مدرجات البطولة، هؤلاء هم من جعلوا القرار أكثر من مجرد سياسة بيع... جعلوه قصة إنسانية تستحق أن تُروى.
تجربة ذكية
ولأن الحلم يبدأ بضغطة زر، فإن «فيفا» وفرت كل التسهيلات الرقمية لحجز التذاكر بسهولة، المنصة الرسمية للبيع، أتاحت للمستخدمين اختيار المباريات، والمدرجات، وحتى التوصيل عبر البريد الإلكتروني، أو تطبيقات الهواتف، وفي خطوة لافتة، تم ربط المنصة بتجارب تفاعلية، تسمح للمشجعين بمشاركة صورهم في المدرجات افتراضياً قبل الحدث، ما يشير إلى تحول في مفهوم التسويق الرياضي، يعتمد على الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز.