ضغوط الأندية تغير ملامح المونديال

إثارة في مباريات مونديال الأندية
إثارة في مباريات مونديال الأندية

بينما تتابع الجماهير مباريات كأس العالم للأندية التي انطلقت 14 الجاري، بدأ الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) دراسة خطة جديدة لزيادة عدد الأندية المشاركة إلى 48 فريقاً بداية من نسخة 2029، بحسب ما ذكرته صحيفة «الغارديان» البريطانية.

الخطة الجديدة جاءت بعد ضغوط مباشرة وغير مباشرة من أندية كبرى غابت عن النسخة الحالية، رغم حضورها القوي على الساحة الأوروبية والعالمية، مثل برشلونة وأرسنال وليفربول، وترجع هذه الأندية غيابها إلى النظام المعتمد في توزيع المقاعد بين القارات، الذي حرمها من فرصة المشاركة رغم نتائجها الجيدة، وقطع الطريق أمامها نحو الجوائز المالية الضخمة التي خصصها «فيفا» وتصل إلى مليار دولار، ومع هذا الواقع، بات الاتحاد الدولي أكثر انفتاحاً على مقترح التوسعة، خصوصاً إذا أثبتت نسخة 2025 نجاحها الجماهيري والتجاري، وهو ما قد يمهد لإدماج فرق ذات ثقل تاريخي وجماهيري في النسخ المقبلة، حتى دون تتويج قاري مباشر.

تسويق

ويعتمد «فيفا» في مشروع التوسعة على قوة الأندية التسويقية، لا سيما تلك التي تملك جماهير بالملايين حول العالم، فالرهان هنا على الأسماء التي تملك تأثيراً إعلامياً واقتصادياً. وفي هذا السياق، قد تصبح خطوة نحو صناعة منتج كروي أكثر جاذبية للرعاة وشركات البث والمنصات الرقمية، وهو ما تسعى إليه المؤسسات الكروية الكبرى لتعويض تراجع الاهتمام ببعض البطولات القارية والمحلية.

ومنذ الإعلان عن النظام الجديد، كان واضحاً أن «فيفا» ينظر للبطولة باعتبارها مشروعاً عالمياً طويل الأمد، يستهدف من خلاله تعزيز مكانة الأندية الكبرى في الأسواق الدولية، خصوصاً في أمريكا وآسيا، عبر الاعتماد على القاعدة الجماهيرية الضخمة ونجوم الصف الأول، وتندرج هذه التوجهات تحت السياسة العامة للاتحاد، التي بدأت بتوسيع كأس العالم للمنتخبات إلى 48 منتخباً بدءاً من 2026، إلى جانب اعتماد الرقم نفسه في مونديال السيدات ابتداءً من نسخة 2031.

وتطرح الخطة الجديدة تساؤلات حول قدرة الاتحادات القارية على توزيع المقاعد بشكل يراعي موازين القوى، خصوصاً أن النظام المعتمد حالياً في نسخة 2025 استند إلى مقاعد ثابتة، ما أدى إلى استبعاد فرق قوية أثبتت حضورها القاري، وأثار موجة جدل بشأن عدالة التمثيل، ويخشى البعض من أن يتحول التوسع المرتقب إلى باب خلفي لضم أندية لا تستند إلى إنجاز رياضي بقدر ما تملك قاعدة جماهيرية أو قيمة سوقية مرتفعة.

خريطة معقدة

ومن التحديات الأساسية التي ستواجه «فيفا» في النسخة الموسعة، صياغة نظام تأهل متوازن يراعي كل قارة دون أن يفقد البطولة قيمتها التنافسية، وتملك القارة الأوروبية مثلاً وفرة من الفرق القوية، لكن منحها عدداً أكبر من المقاعد قد يضعف الحضور من القارات الأخرى، وفي المقابل، تتطلع آسيا وأفريقيا إلى حصة أكبر تعكس تطور أنديتها وتوسع شعبيتها.

في المقابل، يرى خبراء أن رفع عدد الفرق إلى 48 قد يمنح البطولة أبعاداً أكثر تنوعاً، ويخلق فرصاً لظهور فرق من قارات لم تكن تمثل بانتظام في النسخ السابقة، ويرى البعض أن زيادة عدد المشاركين قد تفتح المجال أمام مواهب جديدة، وتعيد توزيع الاهتمام الإعلامي، وتقلل من احتكار البطولات من قبل الأسماء نفسها.

اختبار واقعي

ومنذ انطلاق صافرة البداية في النسخة الحالية التي تقام على الأراضي الأمريكية، يكثف «فيفا» مراقبته لمؤشرات البطولة، بدءاً من نسب الحضور الجماهيري، مروراً بمعدلات البث، وصولاً إلى التفاعل الرقمي والعوائد التجارية، باعتبارها جميعاً معايير رئيسية لقياس النجاح، وتشير التقديرات إلى أن نجاح هذه النسخة قد يفتح الباب أمام تطبيق نظام موسع في نسخة 2029، وسيعمل الاتحاد الدولي على دراسة مقترحات عدة لاختيار الدولة المنظمة، مثل الصين، أو المملكة العربية السعودية، أو دولة من أمريكا الجنوبية مثل البرازيل أو الأرجنتين، وتأتي هذه الخطوة ضمن توجه «فيفا» نحو توزيع أوسع لفرص الاستضافة بين القارات، مع التأكيد على أن البطولة ستقام في دولة واحدة، وليس في أكثر من دولة كما هو الحال في كأس العالم للمنتخبات.