بينما يستعد عشاق كرة القدم حول العالم لمتابعة كأس العالم للأندية التي تنطلق السبت المقبل، وتستمر حتى 13 يوليو المقبل في الولايات المتحدة، تعيش مدينة لوس أنجلوس في ولاية كاليفورنيا أجواء مختلفة تماماً.. فبدلاً من أن تكون ساحة للاحتفال والفرح، تحولت بعض شوارعها إلى مسرح للاحتجاجات والتوترات الأمنية، وبينما تنتظر الجماهير مشاهدة نجوم فرق كبرى مثل باريس سان جيرمان وأتلتيكو مدريد وإنتر ميلان، تبدو كرة القدم كأنها ضيف في مدينة مشغولة بهموم أخرى أكبر من الملاعب.
ويُعد ملعب «روز بول» في مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا واحداً من أبرز الملاعب التي تستضيف مباريات كأس العالم للأندية 2025، حيث يتسع لنحو 88500 متفرج، ويُصنف كمعلم تاريخي وطني في الولايات المتحدة، ويحتضن ست مباريات من البطولة، أبرزها مواجهة باريس سان جيرمان وأتلتيكو مدريد يوم 15 يونيو، ولقاء إنتر ميلان ومونتيري في 18 يونيو، إلى جانب مباريات قوية أخرى مثل ريفر بليت ضد مونتيري، وأتلتيكو مدريد ضد بوتافوغو، وأوراوا ريد دايموندز أمام مونتيري.
وتعيش آلاف العائلات من أصول لاتينية، كثير منها لا يملك أوراق إقامة قانونية، في المناطق القريبة من ملعب «روز بول»، وكانت هذه العائلات تنتظر انطلاق البطولة بفارغ الصبر، خاصة من يشجعون الفرق التي ستلعب في المدينة، لكن مع تصاعد التوترات الأمنية، تحول الحماس إلى قلق.. فحتى الأمور البسيطة مثل الذهاب إلى الملعب أصبحت محفوفة بالمخاطر، خاصة بالنسبة للأسر التي تخشى أن يؤدي خروج أحد أفرادها لحضور المباراة إلى ترك باقي العائلة في مواجهة خطر الترحيل أو المداهمة المفاجئة، وهو ثمن لا يمكن تحمله من أجل 90 دقيقة.
توتر
ويخيم القلق على الأجواء في مدينة لوس أنجلوس، داخل الملاعب وخارجها، في ظل حالة من التوتر المستمر التي تفرضها الاحتجاجات المتصاعدة، إذ تعيش الفرق المشاركة ظروفاً استثنائية، كونها تقيم معسكراتها في مدينة مشتعلة بالتوترات الأمنية، ويتدرب اللاعبون وسط أصوات الهتافات والاشتباكات التي لا تهدأ في الشوارع المحيطة، وتلقت بعض الفرق بالفعل تعليمات أمنية مشددة من اللجنة المنظمة، تتضمن خطط طوارئ واضحة، وإرشادات دقيقة حول كيفية التصرف في حال وقوع أي طارئ أثناء التجمعات أو التنقلات، أو حتى أثناء المباريات نفسها، وامتدت حالة القلق لتشمل أدق التفاصيل اليومية، بدءاً من التنقل بالحافلات، وصولاً إلى دخول غرف الملابس، ولا تقع هذه الضغوط على اللاعبين وحدهم، بل تطال أيضاً الأجهزة الفنية، حيث اضطر عدد من المدربين إلى تعديل برامجهم التدريبية تجنباً لأي احتكاك مع الأوضاع الخارجية، كما طلبت بعض الفرق تعزيزاً في إجراءات التأمين، في محاولة لتقليل فرص التعرض لأي مفاجآت غير محسوبة.
أما المدرجات، فهي الأخرى قد لا تخلو من القلق، وسط ترقب حذر لما قد تحمله من رسائل تتجاوز حدود التشجيع الرياضي المعتاد، فبدلاً من الأهازيج والأعلام، قد تتحول المدرجات إلى وسيلة للتعبير عن الغضب الشعبي، في ظل تصاعد التوترات المرتبطة بسياسات الهجرة، وتزداد احتمالية أن يلجأ بعض المشجعين إلى رفع لافتات سياسية أو شعارات احتجاجية، تعكس الرفض الشعبي لتصرفات التعامل مع المهاجرين، وهو ما قد يضع المنظمين في مأزق حقيقي، مثل هذه المظاهر، إن وقعت، قد تضع الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» في موقف معقد، كونها لا ترتبط بالجوانب الأمنية فقط داخل الملعب، بل تمس صورة البطولة عالمياً، وتفتح الباب أمام أزمة سياسية وإعلامية يصعب على الاتحاد السيطرة على تبعاتها، خاصة في ظل وجود تغطية إعلامية مكثفة ومراقبة دقيقة من وسائل الإعلام الدولية.
ورغم أن أنظار العالم تتجه نحو الملاعب الأمريكية، إلا أن الواقع في الشوارع لا يمكن تجاهله.. فما يحدث يُلقي بظلاله على الجميع، من جماهير ولاعبين وأجهزة فنية، خاصة من يعيشون في مناطق التوتر.. بعضهم يخشى حضور المباريات، وآخرون يشعرون بعدم الأمان حتى أثناء التنقل أو التجمع حول الملاعب، وتعكس هذه التفاصيل حجم التحديات التي تحيط بالبطولة خارج المستطيل الأخضر.