الأزياء التراثية.. رسائل خاصة في كأس أمم أفريقيا بالمغرب


تطلق القارة الأفريقية رسائلها الأولى، بعيداً عن الخطط التكتيكية وقوائم التشكيلات والمؤتمرات الصحفية في المغرب، وتأتي الرسائل عبر الأقمشة والألوان والتعبير الثقافي، في مشهد يعكس خصوصية البطولة القارية الأبرز. وتحولت المطارات ومداخل الفنادق مع توافد بعثات المنتخبات على مختلف المدن المغربية، إلى منصات مفتوحة لهوية أفريقية نابضة، تذكر بأن كأس أمم أفريقيا، تظل بطولة لا تشبه أي تظاهرة كروية أخرى في العالم.
ويجد الحدث القاري تعبيره الأكثر صدقاً خارج المستطيل الأخضر، حين تختار المنتخبات الوصول مرتدية أزياءها التقليدية، مستغلة المنصة العالمية للبطولة لإبراز التاريخ والانتماء والذاكرة الجماعية.


وفي تناقض واضح مع البطولات الكبرى الأخرى، حيث تصل المنتخبات بملابس موحدة وبحضور صامت، تؤكد كأس أمم أفريقيا مرة أخرى أنها منافسة متجذرة في الهوية بقدر ارتباطها بكرة القدم.
ولفت وصول منتخب مالي الأنظار، بعد ظهوره بأزياء «البوغولان» التقليدية ذات الألوان الترابية العميقة، وعكست الأقمشة المنسوجة يدوياً والزخارف الرمزية تقاليد نسيجية تعود لقرون، ويحمل كل نقش فيها دلالات مرتبطة بالقوة والحماية والانتماء للأجداد.


ويعد «البوغولان»، المصبوغ بالطين المخمر، أكثر من مجرد لباس، إذ يختزل تاريخاً من المقاومة وحكايات الصيادين والمحاربين، وجسد هذا الاختيار رسالة تتجاوز الجانب الجمالي، خصوصاً في ظل إعلان مالي سنة 2025 عاماً للثقافة، ليصبح الوصول إلى كأس أمم أفريقيا، تأكيداً على تلاقي كرة القدم والتراث.
واختار منتخب بنين الهدوء لغة لحضوره الأول في المغرب، وظهر «الفهود» بأزياء احتفالية واسعة، تميزت بخطوط نظيفة ونقوش دقيقة ارتبطت تاريخياً بالكرامة والتقاليد الملكية في الثقافة الالبنينة، ووازن التصميم بين الأصالة والأناقة العصرية، ليعكس ثقة رصينة انسجمت مع طريقة استعداد المنتخب لانطلاق مشواره في بنسليمان.


وجسد وصول منتخب زيمبابوي التقاء الحداثة بالتقاليد، وارتدى «المحاربون» سترات احتفالية موحدة، حملت ألوان المنتخب ورموزه الوطنية بطريقة أنيقة وغير مبالغ فيها، وعكست اللمسات الدقيقة في الإكسسوارات صورة فريق منظم ومتماسك، في رسالة تؤكد الحضور بعزم ووحدة وتركيز كامل.
واعتمد منتخب بوركينا فاسو أسلوباً هادئاً وبسيطاً في وصوله، وبرزت الأزياء التقليدية ذات اللون الكريمي، المرفقة بتطريزات ذهبية عند الياقة، في إشارة إلى الزي الاحتفالي لمنطقة الساحل، ومنحت الألوان الهادئة إحساساً بالسكينة، بينما عزز التناسق الجماعي صورة فريق متوازن ومستعد.


وحافظ منتخب نيجيريا على سمعته في الحضور اللافت، عبر أزياء تقليدية باللون الأخضر الداكن، وحملت القمصان تطريزات مستوحاة من ثقافات اليوروبا وشمال نيجيريا، جمعت بين العمق التراثي والتصميم العصري، وأضاف بعض اللاعبين قبعات ونظارات شمسية، في مزج يعكس جرأة معاصرة وهوية أفريقية واضحة.
واختار منتخب السنغال النقاء عنواناً لوصوله، وظهر «أسود التيرانغا» بأزياء بوبو بيضاء مزينة بتطريزات ذهبية دقيقة، عكست الوقار والاحترام، وانسجمت الإطلالة مع الهوية الكروية للمنتخب، القائمة على الانضباط والهدوء والثقة المتوازنة.


ووصل منتخب جزر القمر بأسلوب بسيط وغني بالرمزية، وعكست الأزياء ذات الألوان الكريمية والبيضاء تأثيرات سواحلية وعربية وجزرية، في تعبير عن التلاحم والتواضع، وحدد هذا الحضور نبرة هادئة تسبق مباراة الافتتاح أمام المغرب، قائمة على الفخر الصامت لا الاستعراض.