لم تكن شمس دبي الساطعة مجرد خلفية لصور محمد صلاح على الشاطئ، بل كانت شاهدًا صامتًا على واحدة من أعقد صفقات التجديد في كرة القدم الأوروبية، فبين ناطحات السحاب، وعلى طاولات الاجتماعات المغلقة، بدأت خيوط بقاء «الملك المصري» تتشكل بعيدًا عن أضواء الكاميرات وملاعب أنفيلد.
في صيف مشحون بالقلق، كان ريتشارد هيوز، المدير الرياضي الجديد لنادي ليفربول، ينفذ ما يشبه المهمة المستحيلة، لا مدرب في النادي، عدد من القادة تقترب عقودهم من نهايتها، وصلاح في قلب العاصفة، وسط عروض وتكهنات تربطه بباريس وبايرن والرياض، لكن هيوز اختار أن يخرج بالمفاوضات من بريطانيا، ويحط رحاله في مدينة يعرف أنها الأقرب إلى قلب نجم الفريق، وأقرب أيضًا إلى وكيله رامي عباس.
وفي سلسلة من الرحلات السرية إلى دبي، بدأ هيوز بناء جسور الثقة، الاجتماعات كانت مكثفة، واللغة صامتة لكنها واضحة، ليفربول يريد الاحتفاظ بصلاح، والنجم المصري لا يبحث عن وجهة جديدة بقدر ما يطلب احترام تاريخه في المفاوضات، وفي الكواليس، كانت دبي توفر البيئة الهادئة التي تحتاجها مثل هذه القرارات الكبرى.
الورقة السعودية التي لوّح بها الوكيل لم تكن أكثر من أداة ضغط، بحسب تقرير «ديلي ميل»، فصلاح لم يخطط أبدًا للرحيل، والإدارة كانت على علم بذلك، ومع ذلك، لم تتعامل إدارة الريدز بعناد، بل قدمت عرضًا يليق بمكانة اللاعب، بزيادة قدرها 50 ألف جنيه إسترليني أسبوعيًا، دون المساس بسياسة الأجور العامة للنادي.
الأهم أن المفاوضات لم تكن تقنية فقط، بل إنسانية بالدرجة الأولى، عائلة صلاح، التي تعيش في ليفربول منذ 2017، لعبت دورًا صامتًا لكنه مؤثر، اللاعب نفسه أقر بعد التوقيع أن رغبة أسرته في الاستمرار لعبت دورًا كبيرًا في اتخاذ القرار.