البرازيل تبحث عن «التيكي تاكا».. مدربو أوروبا يحيطون بعرش «السيليساو»

brazil national football team
brazil national football team

لم يكن تصريحًا عابرًا، فعندما يتحدث رونالدو نازاريو، الرجل الذي حمل البرازيل على كتفيه في مونديال 2002، فإن كل كلمة منه تُحسب، وبينما كانت وسائل الإعلام تبحث عن هوية المدرب القادم لـ «السيليساو»، خرج "الظاهرة" بقائمة مدربين يرشحهم لتولي المهمة، على رأسها بيب غوارديولا.

مجرد ذكر اسم غوارديولا كخيار لقيادة منتخب البرازيل كان كفيلًا بإشعال الجدل، فالنجم الكتالوني الذي صنع عصرًا ذهبيًا في برشلونة، وقاد مانشستر سيتي إلى الهيمنة الأوروبية، لم يعمل يومًا في أمريكا الجنوبية، ومع ذلك، يرى رونالدو أنه الأنسب، بل اعتبره الأول في ترتيب الترشيحات.

وبعيدًا عن التمني، كان صوت رونالدو هو أول دفعة قوية لفكرة قديمة، هل تتخلى البرازيل أخيرًا عن تقليدها الأقدم وتُعين مدربًا أجنبيًا؟

تاريخ لا يعرف الغرباء

على مدار أكثر من قرن من الزمان، لم يسبق لمنتخب البرازيل أن استعان بمدرب أجنبي، السامبا كانت دومًا شأنًا محليًا، مزيجًا من الإبداع والهوية، لا يقبل الترجمة ولا التعديل، حتى عندما مر الفريق بفترات تراجع أو إخفاق، ظل الاتحاد البرازيلي محافظًا على قاعدته، المدرب يجب أن يكون برازيليًا.

لكن الواقع تغير، منذ الخسارة الثقيلة أمام ألمانيا في مونديال 2014، وحتى الإقصاء من كأس العالم 2022، لم ينجح أي مدرب محلي في إعادة السامبا إلى القمة، وباتت الجماهير تتساءل ماذا لو منحنا الفرصة لنظرة مختلفة؟ لفلسفة جديدة؟ لرجل مثل غوارديولا؟

ترشيح الظاهرة لم يكن الأول من نوعه، فقد سبقه الحديث عن أنشيلوتي ومورينيو وجيسوس، لكن هذه المرة، بدا أن الصوت أكثر جدية، ربما لأن صاحبه يعرف غرفة ملابس السيليساو جيدًا، وربما لأن غوارديولا نفسه بات قريبًا من نهاية حقبة مع مانشستر سيتي، وبدأت بعض الأبواب تفتح.

التيكي تاكا

بعيدًا عن التاريخ والعاطفة، لا يمكن إنكار التحدي الفني الهائل في مزج أسلوب غوارديولا مع روح الكرة البرازيلية، في فلسفة بيب، لا مكان للعشوائية، كل تمريرة محسوبة، وكل تحرك محسوب، وكل هجمة تبدأ من الحارس وتنتهي بذكاء جماعي، بينما في البرازيل، الإبداع يُصنع بالفطرة، والنجوم اعتادوا التحرك بحرية، والكرة لا تُحكم بقواعد صارمة، لكن ماذا لو اجتمع النظام مع الخيال؟ فينيسيوس جونيور ورافينيا تحت قيادة بيب، تتداخل المهارة بالانضباط، وتتحول هجمات البرازيل إلى متعة منظمة، ربما يجد غوارديولا في البرازيل أدوات لم يملكها في أوروبا، وربما تجد البرازيل فيه الحسم الذي افتقدته في السنوات الأخيرة.

الأمر ليس سهلًا، غوارديولا يعشق التفاصيل اليومية، التدريبات، البطولات الطويلة، العمل المستمر، فهل يقبل بمشروع دولي محدود الحصص؟ أم يكون التحدي مغريًا إلى الحد الذي يجعله يتخلى عن عاداته؟

تنفيذ غائب

ترشيح غوارديولا ليس الأول، وربما لن يكون الأخير، فقد سبقه طرح اسم كارلو أنشيلوتي أكثر من مرة، وذُكر مورينيو وجيسوس وأبيل فيريرا، حتى أن الاتحاد البرازيلي تواصل مع بعضهم بالفعل في مراحل سابقة، لكن في النهاية، لا شيء يحدث، الأمر يبدو كأن البرازيل تمارس طقسًا موسميًا، تبحث عن مدرب أجنبي، تتحدث الصحف، تصدر الترشيحات، ثم تعود الإدارة لاختيار اسم برازيلي تقليدي، قد تكون الأسباب سياسية، أو اجتماعية، أو حتى مالية، لكن النتيجة واحدة لا أجنبي قاد البرازيل، ولا مشروع جديد رأى النور.

حتى الآن، لم يخرج أي رد رسمي من الاتحاد البرازيلي على تصريحات رونالدو، ومع ذلك، تبقى كلماته صداها أكبر من مجرد اقتراح، إنها صرخة من أحد أبناء المدرسة القديمة يطلب التغيير، يطالب بكسر الجمود، ويمنح الضوء الأخضر لفكرة حان وقت مناقشتها بجدية.

قد لا يأتي غوارديولا، وقد لا تُكسر القاعدة الآن، لكن تصريحات رونالدو فتحت النقاش، لم يعد الحديث عن مدرب أجنبي نوعًا من الترف، بل خيارًا مطروحًا على الطاولة، وفي عالم تتغير فيه قواعد اللعبة كل موسم، ربما تحتاج البرازيل إلى أن تتحرر من خوفها القديم، فكما كان رونالدو نازاريو أول من كسر الحواجز داخل الملعب، قد يكون الآن أول من يفتح الباب أمام مدرب أجنبي لقيادة السامبا.. حتى لو جاء من كتالونيا.