ضمن رؤية دولة الإمارات في تمكين الأجيال الجديدة من خلال المبادرات النوعية والبرامج الرياضية المتخصصة، جاء إطلاق برنامج «أجيال المستقبل» محطة رائدة لصقل المهارات وبناء الشخصية المتكاملة للناشئة.
وذلك من خلال نسخة جديدة نظمت في إمارة الفجيرة، تحت مظلة مبادرة «صيف الفجيرة»، وبمشاركة تجاوزت 850 من أبناء الإمارة.
وشكل البرنامج نموذجاً عملياً لما يمكن أن تقدمه الرياضة من تأثير تربوي وتنموي عميق، عبر بيئة تدريبية تجمع بين الجانب الفني والانضباط القيمي، ما جعله يحظى بتفاعل واسع واهتمام رسمي كبير.
«البيان» رصدت تفاصيل هذه التجربة من قلب الحدث، من خلال تصريحات خاصة من القائمين على البرنامج في نادي الفجيرة للفنون القتالية، الذين تحدثوا عن الأهداف والتحديات والنتائج، إلى جانب الخطط المستقبلية لتطوير المبادرة وإدماجها ضمن منظومة متكاملة تسهم في تطوير الرياضة الإماراتية.
تمكين الناشئة
أنس العداربة
في تصريحات لـ«البيان»، أكد الكابتن أنس العداربة، المدير الفني لنادي الفجيرة للفنون القتالية، أن برنامج «أجيال المستقبل» يجسد أحد المسارات المهمة التي تعتمدها دولة الإمارات في تمكين الناشئة من خلال الرياضة.
مشيراً إلى أن النسخة الأخيرة التي نظمت في إمارة الفجيرة مثلت محطة فنية وتربوية متكاملة تسهم في صقل المهارات وتعزيز المفاهيم التربوية الصحيحة منذ سن مبكرة، داخل بيئة تدريبية آمنة ومحفزة.
وأوضح العداربة أن الجهاز الفني يحرص على ترسيخ مجموعة من القيم الأساسية، مثل الالتزام، والانضباط، والعمل الجماعي، والاحترام المتبادل، إلى جانب تطوير المهارات الرياضية لدى المشاركين.. قائلاً:
«نركز في البرنامج على تنمية القدرات الحركية، والمرونة، والتوازن، ورد الفعل، مع إدخال مفاهيم التكتيك والأساسيات الفنية لكل لعبة، بطريقة مبسطة تتناسب مع أعمارهم ومستوياتهم المختلفة».
وحول أثر البرنامج، أشار إلى أن الفريق الفني لمس تطوراً ملحوظاً في الأداءين البدني والفني للعديد من المشاركين، لا سيما في جوانب الثقة بالنفس وسرعة الاستيعاب، مؤكداً وجود خطة فنية لضم العناصر المتميزة إلى فرق النادي حسب الفئات العمرية، ومتابعتهم ضمن برامج أكثر تخصصاً بعد انتهاء البرنامج.
وفي ختام تصريحاته، شدد العداربة على أن مثل هذه المبادرات تشكل ركيزة أساسية في بناء منظومة رياضية وطنية قادرة على إنتاج جيل مؤهل بدنياً وفنياً لتمثيل المنتخبات الإماراتية، مشيراً إلى أن النجاح المحلي في الفجيرة هو نموذج يمكن تعميمه على مستوى الدولة، ضمن رؤية شاملة لتطوير القطاع الرياضي من القاعدة.
رؤية وطنية
نادر أبو الشاويش
يرى نادر أبو الشاويش، مدير نادي الفجيرة للفنون القتالية، أن برنامج «أجيال المستقبل» يشكل إحدى الأدوات الاستراتيجية التي تعزز توجه دولة الإمارات نحو بناء قاعدة رياضية متينة من الفئات العمرية الصغيرة، من خلال نموذج عملي ينفذ على أرض الواقع في إمارة الفجيرة، ويعتمد على آليات منهجية لاكتشاف المواهب وتطويرها.
ووصف أبو الشاويش البرنامج بأنه «المضخة الرئيسية» التي ترفد فرق النادي بالعناصر الواعدة، مشيراً إلى أن خطط التطوير للمرحلة المقبلة تتجه نحو توسيع الفئات المستهدفة، وتصميم برامج تدريبية أكثر دقة، مدعومة بالأدوات التقنية الحديثة التي بدأ النادي باستخدامها بالفعل.
وأوضح أن الإقبال الكبير على النسخة الحالية من البرنامج يعكس تنامي الوعي المجتمعي بأهمية المبادرات الرياضية في توجيه طاقات الشباب خلال الإجازة الصيفية، بما يتماشى مع الرؤية الوطنية لتطوير الرياضة القاعدية ورفد المنتخبات الوطنية مستقبلاً بعناصر مؤهلة.
كما أشار إلى أن الخطة المستقبلية تتضمن إدماج فئات عمرية جديدة وفقاً لاحتياجات الموسم الرياضي المقبل، إلى جانب تعزيز الاعتماد على التكنولوجيا في تحليل الأداء وانتقاء المواهب بشكل أكثر دقة وفعالية.
واختتم أبو الشاويش حديثه بالتأكيد على جدوى هذه المنظومة، مستشهداً بإنجاز اللاعبة ماجدة الكتبي، التي أحرزت أخيراً أول ميدالية آسيوية في التايكواندو باسم الإمارات، خلال مشاركتها مع المنتخب الوطني في بطولة آسيا التي أقيمت في ماليزيا، مشدداً على أن هذا النموذج يعكس نتائج الاستثمار الصحيح في القاعدة.
إدارة وتنظيم
إيهاب استيتيه
في السياق الإداري والتنظيمي، لفت إيهاب استيتيه، مدير قسم العمليات بنادي الفجيرة للفنون القتالية، إلى أن برنامج «أجيال المستقبل» شكل تحدياً لوجستياً متكاملاً، نظراً لحجمه وتعدد مكوناته اليومية.
وأوضح أن أبرز الصعوبات تمثلت في تنسيق الجداول الزمنية لتفادي تضارب الفعاليات، وإدارة عملية النقل اليومي للمشاركين من وإلى مواقع التدريب، إلى جانب ضمان توفير المستلزمات التدريبية في الوقت المناسب وبمستوى جودة يتماشى مع معايير النادي.
كما لفت إلى أن التواصل مع أولياء الأمور برز كتحد إضافي، خصوصاً من حيث الاستجابة السريعة للاستفسارات وتوفير المعلومات بوضوح، بما يضمن رضا الأسر ويعزز ثقتهم في البرنامج.
وفيما يتعلق بالتنسيق الداخلي، أوضح استيتيه أنه تم تشكيل لجنة مشتركة من الأقسام المعنية، شملت العمليات والتدريب والإدارة، مع اعتماد منصة تواصل داخلية لمتابعة المستجدات لحظياً، الأمر الذي مكن الفريق من معالجة أي طارئ بشكل فوري وضمان انسيابية التنفيذ.
أما اختيار الأنشطة، فجاء وفق معايير محددة، شملت توافق المحتوى مع الفئات العمرية المستهدفة، وتحقيق التوازن بين الجوانب الرياضية والترفيهية والتثقيفية، مع التركيز على تعزيز القيم السلوكية مثل الانضباط والعمل الجماعي، والاستفادة من التغذية الراجعة للنسخ السابقة.
واختتم إيهاب استيتيه حديثه بالإشارة إلى وجود خطة أولية لتوسيع نطاق البرنامج في العام المقبل، استناداً إلى النجاحات التي تحققت، مع تطوير نموذج تشغيلي أكثر كفاءة يتيح تحويله إلى فعالية موسمية ثابتة ضمن منظومة العمل الرياضي في دولة الإمارات.