في البرواز

عاشق الظل

ت + ت - الحجم الطبيعي

في طفولته.. دأب على الاختلاء بنفسه بعيداً عن الرفاق.. يفكّر في أصل الأشياء، لفت نظره ظله المرسوم على الأرض وهو يمشي تحت الشمس، كان يركض، فيتحرك ظله معه أينما ذهب.. عشق خياله وتلاعب معه يميناً ويساراً، يراقب طوله الممتد، ثم تقلصه رويداً رويداً مع انحراف الضوء، يعلم منذ الصبا، أن الشمس هي سر الظل.

مع كرة القدم كان أصغر أبناء الفريج.. لكنه كان ناضج الفكر، يتلاعب بالكرة كما لو كانت ظله، يطوعها بين قدميه، يتحكم فيها.. يسددها بإتقان إلى حيث يريد، أصبح معروفاً في منطقة المنامة بدبي، وفي مدرسة شرحبيل بن حسنة الابتدائية كان يتألق في دوري الفصول، لمحه مدرس التربية الرياضية يحيى إسماعيل، نصحه باللعب لأي ناد من أندية دبي لصقل موهبته.

عن طريق خاله عيسى صنقور كابتن فريق الإمارات والمنتخب الوطني هرول مع بعض أبناء الفريج إلى نادي الشباب عام 1984، لعب تحت 8 سنوات في مدرسة الكرة، وتولى تدريبه الكابتن محمد مهدي، الذي اهتم به، واقتنع بموهبته المبكرة، وأيقن أنه لاعب مختلف، فأعده بدنياً ليتمكن من التعامل مع الكرة بما يملك من مهارات.. انطلق بعدها مع فرق الناشئين، فلعب تحت 10 سنوات مع المدرب علي السوداني، ثم الدكتور نهاد العجمي تحت 13 سنة، ومنه إلى فريق تحت 15 مع المدرب عبيد حسن، وفريق 17 سنة مع الكابتن عيسى العبار، وما إن شاهده «لوروا» المدرب الفرنسي للفريق الأول، حتى ضمه عام 93 وعمره لم يكن قد تجاوز الـ 17 ربيعاً، حيث كان يلعب حينذاك في فريق الـ 19 سنة مع المدرب خلف كريم، زاد نضجه الكروي وتألق مع نادي الشباب، فانضم للمنتخب الوطني عام 98، واستمر في العطاء الكروي حتى اعتزل في يناير 2010 خلال مهرجان شارك فيه نجوم الإمارات أمام الأهلي المصري.

في كل مراحله مع الكرة، ظل على عهده.. بقي عاشقاً للظل، خجولاً ملتزماً ومعتدلاً.. لم تفتنه أضواء النجومية التي بات عليها وهو يلعب في نادي الشباب ونجماً في منتخب الإمارات، بل كان ينزوي بعيداً.. يخلو بنفسه ويتدبر في قول الله تعالى: «لَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً».

إنه وليد عبيد عبد الله حسن البلوشي المولود يوم 12-3-1976 في منطقة المزهر بديرة مدينة دبي، الذي كان يمارس الكرة الطائرة، ويحب مشاهدة مباريات كرة اليد، بجانب لعبه لكرة القدم، يقرأ في التاريخ، ويبحث عن الحكمة.. من تصريحاته الطيبة، أنه حين لعب قبل اعتزاله في نادي حتا، قال عن ناديه الشباب: سأشتريهم حتى لو باعوني.. لا أعتقد أن عشرتي بهم ستهون بهذه السهولة فأنا لم أنسهم ومتأكد أنهم ما زالوا يذكرونني بالخير.

هكذا كان وظل وليد عبيد.. نجماً يعيش في الظل ويعيش في سكينة، يحرص على صداقاته القديمة في الملاعب، مع عادل مطر وعبد السلام جمعة في الوحدة، وإبراهيم هبيطة من الشباب ومحمد علي وكاظم علي من النصر.

لذلك.. يستحق هذا النجم الخلوق أن يكون واحداً من نجوم البرواز.

 

Email