السندباد

ت + ت - الحجم الطبيعي

أقبل الليل، وبدأ الظلام ينساب على منطقة هور العنز بدبي، يتوغل بين فراغات البيوت، فيما ينبعث من بعضها ألسنة خافتة من شعاع يضوى في لون يميل إلى الصفرة.. على أعتاب إحداها، وقف الأب يتلفت يميناً ويساراً، لعله يرى ابنه الذي خرج بعد العصر ولم يعد.. غادر مكانه وتجول في الفريج، باحثاً عنه، سأل ربعه، دلوه على مكانه..

كان يتكوم وحده تحت زخات المطر الخفيف، في ركن من أركان المدرجات الحمراء، لم يعبأ ببرد الشتاء، ولا بكتل الهواء الباردة الوافدة مع عناقيد السحب الركامية المتلاحقة عند المساء.. كان يترقب بداية التدريب لفريق الأهلي الأول لكرة القدم، مغرم هو بمشاهدة النجوم..

لم يكترث بالوقت، ولا بأي ساعة هو، إنها الطفولة التي لا تعرف سوى الفرح والمرح، لم يكن قد تعدى التاسعة من عمره، عندما شاهده والده وهو مستغرق تماماً في متابعة اللاعبين، ومنهم عمه على جمعة، أثناء أداء التمرينات البدنية.. كان سعيداً بريئاً، مستغرقاً في متابعة المران، أدرك الوالد أن ابنه يعشق هذه اللعبة، نظر إليه، وجد الخوف في عينيه، طمأنه، هدأ من روعه، وعده أن يحقق أمنيته..

اصطحبه في اليوم التالي مع شقيقه أحمد إلى النادي.. انضم إلى فريق تحت 10 سنوات، وما لبث حتى انتقل مع شقيقه إلى فريق تحت 11 سنة، واستمر كلاهما في التدرج مع فرق الناشئين، حتى وصلا إلى الفريق الأول، وخلال هذه السنوات، أسهم مع فريق تحت 17 سنة في الفوز ببطولة مجلس التعاون الخليجي عام 1998 بالسعودية.

في العام ذاته، تم تصعيده إلى الفريق الأول، عن طريق المدرب فوزي التعايشة، الذي كان يعمل حينذاك مساعداً لبتروفيتش اليوغسلافي.. وفي أول اختبار صعب لعب أمام نادي الشعب، حيث طلب منه الجهاز الفني مراقبة النجم الكبير عدنان الطلياني، وقد نجح في هذه المباراة، التي انتهت بالتعادل 1-1، بعد ذلك انضم إلى منتخب الشباب أيام المدرب الإيراني حشمت مهجراني، ليلعب بطولة آسيا بإيران عام 98، وفي عام 2000، ضمه الفرنسي هنري ميشيل إلى المنتخب الأول.

كان يعتبر حمدون نجم العين، مثله الأعلى محلياً، وهاني رمزي عربياً، وعالمياً نيستا لاعب إيه سي ميلان.

إنه محمد قاسم جمعة البلوشي، المولود في 9-11-1981، في هور العنز بدبي، الذي لعب للأهلي، وأصبح سندباداً للكرة، بعد أن تنقل للعب في العديد من الأندية، كما لعب مع منتخب الإمارات في مناسبات كثيرة، أهمها كأس آسيا عامي 2004 و2007.

عاش في الأهلي ما يقرب من 20 عاماً، وأمضى فيه وحده 11 موسماً، نجح خلالها في الانضمام للمنتخب الوطني لفترات طويلة، ومن ثم تولى شارة قائد الفريق، وحقق مع الأهلي 7 ألقاب مختلفة، ما بين دوري وكأس، وأخيراً كأس اتصالات، وكان ضمن قائمة الفريق التي شاركت في كأس العالم للأندية 2009. لذلك استحق أن يكون واحداً من نجوم البرواز.

 

 

Email