هنا الحل ..«المراحل العمرية» بوابة تطوير «المحترفين»

ت + ت - الحجم الطبيعي

يوماً بعد آخر، تتأكد حقيقة أن فرق المراحل العمرية، تشكل البوابة الرئيسة الأقوى أماناً والأعلى جدوى، والسر الأكثر سحراً في أي جهد أو مشروع لتطوير دوري المحترفين لكرة القدم، سواء في الإمارات أو غيرها من دول العالم، باعتبار الدوري البطولة الأهم لإمداد تشكيلات الأندية والمنتخبات الوطنية باللاعبين الموهوبين، القادرين على إدامة حالة النجاح والتألق والإبداع في مختلف البطولات الخارجية.

وبعد مرور 14 موسماً كاملاً في ظل تطبيق الاحتراف، بات دوري المحترفين الإماراتي بحاجة ماسة إلى وقفة مراجعة للتجربة بكل تفاصيلها المعروفة، و(حسبة) لا بد منها للوصول إلى الغاية المنشودة في رؤية كرة إماراتية مزدهرة تواكب ولو بدرجة معقولة ما وصلت إليه الإمارات من تطور يشهد له العالم في غالبية قطاعات الحياة.

تصورات شتى

وما يجعل وقفة المراجعة ضرورية في هذا التوقيت بالذات، أن رابطة دوري المحترفين الإماراتية قد نظمت مؤخراً النسخة الثانية من منتدى تطوير الدوري الإماراتي في ظل مشاركة عالمية واسعة من أهل الاختصاص والشأن في عموم جوانب كرة القدم، والذين ناقشوا وطرحوا أفكاراً ورؤى وتصورات شتى لتطوير البطولة.

الطريق الأقصر

وبقدر تعلق الأمر بكرة القدم الإماراتية، فإن تطوير بطولة الدوري ، يمثل الطريق الأقصر لبلوغ الغايات المنشودة، والذي لا يكون السير فيه آمناً إلا بالمرور على محطة فرق المراحل العمرية، ليس لأن دوري الإمارات ذو خصوصية عن مثيلاته من الدوريات الأخرى.

ولكن لأن علاج العلة فعلاً يكمن في جانب كبير منه في دائرة المراحل العمرية، مع عدم إغفال الأهمية الفائقة للعوامل الأخرى، الفنية والإدارية والتنظيمية والجماهيرية والتسويقية والإعلامية والمنشآت.

حلم معين

ولا أدل من الأهمية الكبرى لفرق المراحل عند إجراء أي عملية تطوير، من قول النجم العالمي الشهير أندرياس أنيستا في المنتدى الثاني لتطوير دوري المحترفين الإماراتي:

لا بد من إكساب العادات الإيجابية للاعبين في عمر صغير، وأن يدركوا في وقت مبكر جداً، أن كرة القدم حياة كاملة، وليست مباراة من 90 دقيقة، تتطلب الرغبة في تحقيق الهدف، حتى في الحياة الطبيعية، وبعيداً عن النادي والتدريب، لا بد من التركيز باعتباره مفتاح كل شيء، يجب أن يكون لدى اللاعب ومنذ الصغر، تركيز على حلم معين في الملاعب.

البناء الصحيح

نواف مبارك، نجم كرة القدم الإماراتية السابق، رئيس أكاديمية المستقبل الرياضية، شدد على أن أي فكرة تطوير لمنظومة كرة القدم عموماً، وبطولة الدوري العام خصوصاً سواء في الإمارات أو غيرها، لا بد وأن تنطلق من حقيقة أن البناء الصحيح يتوجب أن يكون قبل ممارسة اللعب من قبل الممارسين لكرة القدم.

منوهاً إلى أن الكثير من اللاعبين حالياً لا يتقنون بشكل صحيح، فنون اللعب ومتطلباته الحديثة، من كيفية التحرك السليم بالكرة أو بدونها، وأسلوب التصرف في المواقف الصعبة خلال مجريات المباراة، وفاعلية التمركز وغيرها من المتطلبات المهمة في كرة القدم.

عدد المباريات

وأضاف مبارك قائلاً: إقامة دوريات لفرق المراحل العمرية، مطلب في غاية الأهمية، ولكن يجب أن تكون تلك الدوريات كافية من حيث عدد المباريات التي يخوضها الصغار خلال الموسم.

وألا تغفل متطلبات اللاعب الصغير من وضع أسس صحيحة للبناء منذ الصغر، حتى عندما يصل إلى مراحل متقدمة في مشواره مع كرة القدم، يكون في أتم الجاهزية الفنية لتقديم أفضل ما لديه سواء مع ناديه أو المنتخبات الوطنية.

ودعا مبارك إلى حتمية غرس الإصرار والتحدي لدى اللاعبين منذ الصغر، وأن يكون لكل لاعب حلم يسعى بجد ويعمل بإخلاص من أجل بلوغه، مشدداً على أهمية غرس رغبة اللعب للمنتخبات الوطنية لدى اللاعبين الصغار، معتبراً ذلك بمثابة مؤشر إلى جدوى أحلام لاعب صغير في عالم كرة القدم.

وشدد نواف مبارك على أن غالبية مدارس وأكاديميات كرة القدم الأوروبية، تعمد إلى التعاقد مع أفضل خبراء كرة القدم للعمل مع فرق المراحل في تلك الأندية، استشعاراً منها بأهمية البناء الصحيح ومنذ الصغر، مطالباً بضرورة أن تحذو أندية الإمارات حذو الأندية الأوروبية في كيفية العمل والبناء في فرق المراحل.

مشيراً إلى أن التجربة الأوروبية في مجال العمل في فرق المراحل، غالباً ما تنتج لاعبين موهوبين عدة في كل موسم، ما يعزز من مسيرة الفرق الأولى في تلك الأندية.

مشوار النجاح

أحمد كشري، المدرب في قطاع المراحل في نادي الشارقة، لفت إلى أن مشوار النجاح في العمل في مجال كرة القدم، لا بد وأن يبدأ مبكراً من خلال العمل بتركيز عال على الصغار سواء في مدارس الأندية أو الأكاديميات، منوهاً إلى أن تطبيق أي فكرة للتطوير لبطولات الدوري العام، يتوجب أن تضع في الحسبان كيفية البناء في مجال فرق المراحل العمرية.

حجر الزاوية

ولفت أحمد كشري، إلى أن إقامة دوريات تشتمل على مباريات كافية لفرق المراحل العمرية في كرة القدم، يمثل حجر الزاوية في تنفيذ أي فكرة للتطوير والارتقاء، سواء لعموم مفاصل كرة القدم الإماراتية أو لبطولة الدوري العام.

مشيراً إلى أن الكرة الإماراتية زاخرة بالمواهب التي لا تحتاج إلا إلى وضع آليات احترافية سليمة في الاحتضان والاستيعاب من قبل مدارس الأندية أو الأكاديميات، وتقديم تلك المواهب جاهزة فنياً وثقافياً إلى المنتخبات الوطنية، داعياً إلى حتمية أن يكون لكل الأندية، فرق عدة في عموم المراحل العمرية، معتبراً ذلك، مؤشراً هاماً على جدية العمل في قطاع المراحل في كرة القدم.

أعوام عدة

أشار أحمد كشري إلى أنه ومن واقع تجربة عمله شبه اليومي ولأعوام عدة متواصلة مع فرق المراحل العمرية، لمس حجم الأهمية الكبرى لتلك الفرق في وضع أي برنامج للتطوير والارتقاء بكرة القدم في الإمارات أو غيرها.

لافتاً إلى أن العمل مع فرق المراحل ربما يكون أكثر صعوبة ومشقة من العمل مع فرق الكبار، معللاً ذلك بحتمية تطبيق أساليب احترافية حديثة في البناء، وفي الإعداد الفني والبدني وفي كل الجوانب الأخرى ذات الارتباط الوثيق بالعمل مع فرق المراحل.

Email