ركلات الجزاء الشهد والدموع

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تعتبر «ركلات الجزاء» التي تنقسم إلى «إدارية» أثناء المباراة، و«ترجيحية» عقب نهايتها، الأكثر إثارة وجنوناً في ملاعب كرة القدم، والأبلغ تأثيراً في نتائج المباريات، وهي التي تصنع الأفراح والأحزان؛ لأنها قد تكون سبباً في بلوغ العديد من المنتخبات والأندية منصات التتويج أو إهدار البطولات، لتصبح مثل «الشهد والدموع» للفائز والخاسر. 

بدأت عقوبة ركلات الجزاء في كرة القدم عام 1891 وكانت تسمى حينها «ركلة الموت»، أما ركلات الجزاء الترجيحية التي تقام عقب نهاية المباريات للفصل بين الفريقين في النتيجة بعد نهاية الزمن الرسمي بالتعادل، بدأت للمرة الأولى عام 1970 بمقترح من الحكم الألماني كارل وولد، وحظيت الفكرة حينها بتأييد كبير، وقبل العمل بها كان يتم تحديد الفريق الفائز عن طريق القرعة أو إقامة مباراة ثانية فاصلة.

وتختلف طريقة تنفيذ المخالفة من لاعب إلى آخر، فهنالك من يفضل تسديد الكرة بقوة، وآخرون ينفذونها بدقة في أقصى الزاوية، وسابقاً كانت الطريقة الأشهر تسديدها في منتصف المرمى، أي في المكان الذي يقف فيه الحارس، وهي الطريقة التي تسمى بـ «بانينكا» على اسم اللاعب التشيكوسلوفاكي انتونين بانينكا الذي يعد أول من سدد ركلة الجزاء في مكان الحارس عام 1976 وأحرز بها هدفاً في مرمى سيب ماير حارس منتخب ألمانيا خلال نهائي كأس أمم أوربا لتصبح بعدها طريقة شائعة.

أشهر اللاعبين

واشتهر عدد من اللاعبين على مستوى العالم بإجادة تنفيذ ركلة الجزاء، منهم الأسطورة السويدية زلاتان إبراهيموفيتش الذي أحرز 54 هدفاً من أصل 62 ركلة جزاء سددها بشعار باريس سان جيرمان، وأيضاً البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي كان المتخصص الأول مع فريقه الأسبق ريال مدريد، وكذلك الأرجنتيني ليونيل ميسي الذي اشتهر بطريقة متميزة في التنفيذ، وهنالك أيضاً الإيطالي توتي، والانجليزي لامبارد، فيما يعد مواطنه جيمس ميلنز صاحب الرقم القياسي في إحراز الأهداف من ركلات جزاء عندما أحرز مع ليفربول 8 أهداف متتالية من منطقة الجزاء.

ركلات مهدرة

أما أشهر الركلات المهدرة والتي تسببت في خسائر فادحة، وما زالت حاضرة في ذاكرة الجماهير، ركلة الترجيح التي أهدرها الفرنسي ديفيد تريزيجيه في نهائي كأس العالم 2006 أمام إيطاليا وكانت سبباً في خسارة منتخب بلاده للقب، وأيضاً إهدار الأرجنتيني ميسي لركلة ترجيح في نهائي كوبا أمريكا 2016 أمام تشيلي التي توجت باللقب.

وأيضاً من الركلات المهدرة تلك التي نفذها الغاني أساموه جيان أمام الأورجواي أثناء سير المباراة وحرمت بلاده تحقيق إنجاز التأهل لنصف نهائي المونديال عام 2010 وما زال الغانيون يتحسرون عليها، والكثير من الركلات التي أخفق كبار نجوم العالم عبر التاريخ في تحويلها إلى أهداف.

فرحة هيستيرية

يظهر تأثير ركلات الجزاء خصوصاً الترجيحية أيضاً في كونها كانت سبباً في وفاة بعض اللاعبين والمشجعين، نتيجة الضغوط النفسية التي تصاحبها، ففي ديسمبر 2019 توفي رامون كورونيل لاعب فريق يونيون دي جولد في الدوري الأرجنتيني إثناء فرحة هيستيرية سيطرت عليه عقب تصديه لركلة ترجيح كانت سبباً في فوز فريقه وتوقف قلبه، وفي مطلع العام الحالي أشارت وسائل إعلام مصرية إلى وفاة المواطن المصري خالد بيومي نتيجة أزمة قلبية عقب خسارة منتخب بلاده أمام السنغال في نهائي كأس أفريقيا بركلات الترجيح، كان سببها الضغوط النفسية التي خلفتها ركلات الترجيح.

ومن المواقف الطريفة تناقلت وكالات أنباء أواخر مايو الماضي تعرض المهاجم يوسافا يافا في الدوري البلغاري لتهديد بالقتل من مدرب الحراس عندما أراد تنفيذ ركلة جزاء في مباراة فريقه أمام لوكوموتيف، وتعرض لضرب من رئيس النادي في أرضية الملعب أمام مرأى الجميع، لأن مدرب الحراس ورئيس النادي كانا يخشيان من إهداره لركلة الجزاء بعد إصراره على التسديد ليتم اختيار لاعب آخر كان يحظى بثقة رئيس النادي وكانت المفاجأة أن من تم اختياره أخفق في التنفيذ.

مهمة صعبة

من جانبه قال يوسف عبد العزيز لاعب منتخبنا الوطني السابق ونادي الجزيرة إن تنفيذ ركلة الجزاء مهمة صعبة على الرغم من أن البعض يراها سهلة، موضحاً أن تنفيذها يعتمد على الموهبة في المقام الأول ثم صقلها بالتدريبات، مع التركيز والهدوء في مواجهة الحارس، ذاكراً أن إهدارها يظل عالقاً عند اللاعب لسنوات طويلة، مبيناً أنه أهدر ركلة ترجيح عام 2010 عندما كان لاعباً بالجزيرة أمام الاتفاق في نهائي كأس الخليج العربي الذي فاز فيه فخر أبوظبي، مبيناً أنه رغم السنوات الطويلة ما زال يذكر تلك اللحظات، معترفاً أنه لم يكن يجيد تنفيذها.

وقال عبد العزيز: من خلال تواجدي في كرة القدم لاعباً وإدارياً ومتابعاً أعتقد أن أفضل من نفذ ركلات الجزاء في الملاعب الإماراتية محمد عمر وعيسى علي سابقاً، بجانب علي مبخوت حالياً، هؤلاء يتمتعون بموهبة فطرية وهدوء لم أر له مثيلاً حتى من أبرز نجوم كرة القدم في العالم.

تركيز تام

بدوره قال الدكتور ناصر العامري اختصاصي الطب النفسي والمحاضر الدولي إن تنفيذ ركلات الجزاء يتطلب من اللاعب أولاً عملية التنفس بطريقة صحيحة والتركيز التام وعدم النظر إلى الزاوية التي سيسدد بها الكرة، مشيراً إلى أن الدراسات أثبتت أن حارس المرمى يقرأ نظرة اللاعب ويتوقع مكان الكرة بطريقة صحيحة، وأبان العامري أن «الخوف» يتسبب في ارتخاء العضلات وإهدار الركلات، لأن اللاعب حتى عندما يشعر بأنه ركل الكرة بقوة فإن تسديدته تكون ضعيفة، وبالتالي يتمكن حارس المرمى من صدها أو استلامها.

وأكد العامري أن الخبرة تلعب دوراً كبيراً خصوصاً في المباريات الجماهيرية، مبيناً أن تكرار التجارب يقود للتنفيذ الصحيح، ونصح اختصاصي الطب النفسي اللاعبين بالتركيز والتنفس وعدم منح حارس المرمى فرصة لقراءة إفكاره، مبيناً أن العامل النفسي يلعب دوراً مهماً جداً في التعامل الصحيح مع ركلات الجزاء الإدارية أو الترجيحية.

 

Email