جدولة الديون السر المدفون!

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

اقتصادياً وببساطة شديدة، يُعرف مفهوم «جدولة الديون»، بأنه إعادة تنظيم الآلية والشروط والبنود التي يتم عبرها سداد الديون، من خلال فتح باب جديد للتفاوض بهدف تخفيض تلك الديون المترتبة على جهة ما، تلافياً للوقوع في دائرة إشهار الإفلاس، وهي الخطوة التي ما زالت خطاً أحمر، وسراً مدفوناً لدى أندية كرة القدم الإماراتية. وبقدر تعلق الأمر بالشأن الرياضي الإماراتي، وتحديداً في كرة القدم، فإن اللجوء إلى «جدولة الديون»، غالباً ما يكون ناتجاً عن حصول أزمة مالية لدى الجهة الرياضية المعنية، بسبب إشكالات في عملية وصول الأموال المطلوبة للوفاء بالالتزامات المتعددة بشكل كافٍ، بما يوازي حجم الصرف الخيالي على متطلبات «الساحرة المستديرة»!

السيولة المالية

في الأغلب الأغم، فإن «جدولة الديون» في قطاع كرة القدم، تستهدف تحقيق غايات عدة، في مقدمتها، زيادة السيولة المالية، بما يقود إلى عدم الوصول إلى حافة إشهار الإفلاس، عبر الحصول على تسويات أفضل، وتسهيلات جديدة تبعد الجهة الرياضية، عن الدخول في دائرة الخطر من خلال عقد اتفاق مديونية جديد بشروط ميسرة وآليات أكثر سهولة.

ومنذ دخول أندية كرة القدم الإماراتية في دائرة الاحتراف في الموسم 2008 - 2009، زادت مستويات الصرف على اللعبة بمؤشرات خيالية، وصلت في مواسم عدة، إلى «خانة» المليارات من الدراهم، فيما المحصلة من ذلك الصرف، لم تكن بمستوى الطموحات عند الظهور على مسرح البطولات الخارجية، ما قاد إلى طرح أكثر من تساؤل واستفهام عن جدوى ذلك الصرف، ومخرجاته النهائية.

ارتفاع المؤشر

في خضم ارتفاع مؤشر الصرف المالي خلال فترة الاحتراف، وفي ظل انتشار أزمات مالية عالمية، ظهرت بوادر التأثيرات السلبية المباشرة وغير المباشرة على منظومة عمل أندية كرة القدم الإماراتية، فبرزت مصطلحات حافة الإفلاس، وتراكم الديون، ودمج الأندية، وغيرها من المصطلحات التي انتشرت بشكل علني خلال السنوات الأخيرة.

وبنظرة موضوعية، فإن انتشار تلك المصطلحات في الآونة الأخيرة في الوسط الرياضي، لا سيما كرة القدم، يشير إلى أن هناك أزمة مالية فعلاً في أروقة أندية الإمارات، تتطلب طرح حلول ووضع معالجات، منها إعادة «جدولة ديون» تلك الأندية، تلافياً للوقوف على حافة الإفلاس على الأقل!

الشارع الرياضي

ما يلفت النظر حقاً، أن غالبية أندية الإمارات، إن لم تكن كلها، كثيراً ما تعمد إلى «التعتيم» على الجوانب المالية، إلى الحد الذي تعتبرها سراً مدفوناً، وخطاً أحمر لا يمكن الوصول إليه أو الإفصاح عن تفاصيله المثيرة، التي كثيراً ما يرغب الشارع الرياضي - إعلام وجماهير ونقاد ومتابعين - في التعرف إلى «بعض» خفاياه وقليل من التفاصيل! وما يجعل تعامل أندية كرة القدم الإماراتية مع مفهوم «جدولة الديون» وإعادتها، خطاً أحمر، وسراً مدفوناً، هو أنها ما زالت تستحصل الجزء الأكبر من أموالها من جهات حكومية وليست من شركات أو جهات أهلية أو نتيجة نشاط تجاري وتسويقي مربح، ما يجعل الخوض في تفاصيل وخبايا هذا «العالم الشائك»، أمراً معقداً فعلاً!

الفرق السعودية

وما دفعنا إلى الخوض في مفهوم «جدولة الديون» الشائك والغامض حقاً في أندية كرة القدم الإماراتية، هو تطبيق الفرق السعودية الناشطة في دوري المحترفين، للمفهوم بشفافية عالية لإطفاء ديونها لعام 2021، وبإشراف مباشر من قبل وزارة الرياضة السعودية، عبر لجنة الكفاءة المالية. وضمت قائمة الأندية السعودية في دوري المحترفين لكرة القدم، والتي تم إطفاء ديونها، وسداد المبالغ المترتبة بذمتها، الاتحاد والنصر والتعاون والوحدة والشباب والاتفاق والرائد والطائي والفيحاء والخليج وضمك، إضافة إلى نادي الباطن، والذي لم يُمنح شهادة الكفاءة المالية، لعدم استيفائه المعايير المطلوبة.

الكفاءة المالية

وكشفت لجنة الكفاءة المالية السعودية، النقاب عن أن نسبة السداد الإجمالية لديون أندية الدوري السعودي للمحترفين لكرة القدم، بلغت 78.27 %، ونسبة إعادة جدولة الديون وصلت إلى 18.95 %.، فيما بلغت نسبة السداد الإجمالية لأندية دوري الدرجتين الأولى والثانية، 97.62 %، ونسبة الجدولة 2.37 %، لأندية العين والأهلي والحزم والكوكب وأحد والجبلين والعروبة والجيل وهجر ونجران وجدة والأخدود والنهضة والساحل والشعلة وبيشة والفيصلي والخلود والقادسية والدرعية.

وتندرج الخطوة في إطار استراتيجية وزارة الرياضة السعودية لدعم الأندية لموسم 2022 - 2023 وبما أفضى إلى إطفاء ملايين الريالات من خلال تطبيق آليات جديدة، وشروط تعاقدية أكثر سهولة للأندية، وبما يقود إلى عدم العودة ثانية إلى الوقوع في دائرة الديون.

محكمة «كاس»

ولفت عادل درويش، الناقد الرياضي، المتخصص في مجال الاقتصاد الرياضي، إلى أنه لا بد من تطبيق نظام الكفاءة المالية على أندية دوري «أدنوك» للمحترفين في الإمارات، وأندية الدرجة الأولى، معللاً ذلك بارتباط غالبية الأندية بعقود مالية ينتج عنها التزامات ربما يتم تصعيدها لجهات دولية، الاتحاد الدولي ومحكمة «كاس»، مطالباً بضرورة تطبيق الفكرة على أندية دوري «أدنوك» لمدة موسمين، ثم يتم التعميم على جميع أندية كرة القدم الإماراتية.

نظام تسجيل

ودعا عادل درويش إلى ربط نظام تسجيل اللاعبين والمشاركة في البطولات بالحصول على شهادة الكفاءة المالية أسوة بالممارسات العالمية في الدوريات الأوروبية والآسيوية، وآخرها الدوري السعودي للمحترفين، منوهاً إلى أن الكفاءة المالية، تعد مؤشراً مهماً لمعرفة الملاءة المالية العامة، والاستحقاقات ومدى التزام إدارات الأندية، بالمسؤولية التضامنية لتعاقداتها في ظل توقيع عقود بمبالغ كبيرة، تقود إلى أوضاع مالية شائكة تصعب كثيراً من مهمة إعادة جدولة تلك الديون لضخامة المبالغ المترتبة على الأندية.

خطاب تعهد

كما شدد الناقد الرياضي، المتخصص في مجال الاقتصاد الرياضي، على حتمية عدم إخلاء وإعطاء براءة ذمة لأي إدارة رياضية عليها التزامات مالية نتيجة التعاقدات، وبعد «رحيل» تلك الإدارة، لا بد من التوقيع على خطاب المسؤولية التضامنية، وتعهد بتحمل المسؤولية الكاملة لتلك التعاقدات، لافتاً إلى أن ذلك، يسهم كثيراً في رفع مستويات الكفاءة المالية للأندية، وتجنب التوقيع على عقود مكلفة مالياً، وعدم الوقوع في دائرة الخسائر التي تعاني منها الكثير من الأندية، منوهاً إلى أن النجاح يتوجب ألا يقاس بعدد البطولات فقط، بل بالنجاح الإداري في إدارة المؤسسة بكفاءة مالية محترفة.

توصيات "البيان"
01 تشكيل لجنة الكفاءة المالية في رابطة الأندية المحترفة

02 الحصول على شهادة الكفاءة المالية عند إبرام التعاقدات

03 إلزام الأندية بالكشف العلني عن حجم ميزانياتها السنوية

04 الإفصاح عن أبواب الصرف وقنوات الدعم المالي

05 تقديم حساب ختامي مالي سنوي بصورة شفافة

Email