أندية «الثانية».. مصروفات بالملايين والعائد صفر

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تعيش أندية الدرجة الثانية الخاصة ظروفاً معقدة بسبب قلة الموارد المالية، وزيادة المصروفات، التي تتراوح من 800 ألف إلى مليون درهم للنادي الواحد، ما يعني أن المصروفات بالملايين، لكن العائد في النهاية صفر، حيث لا يوجد أي مقابل للأندية في ختام الموسم، سواء من اتحاد الكرة أو من غيره، خاصة أن «الرعاية» غير موجودة أصلاً، كما لا توجد جوائز أو مكافآت للفائزين، وهو الأمر الذي أجبر بعض الأندية على الانسحاب، وتسريح اللاعبين.

وتتراوح مصروفات الأندية المشاركة في دوري الدرجة الثانية من نادٍ إلى آخر حسب عدد اللاعبين في قائمة كل فريق، ومعظمها تدور حول المليون أو أقل، لكنها في حدها الأدنى لا تقل عن 7 آلاف درهم في كل مباراة للفريق الضيف، و15 ألفاً للفريق المستضيف وتشمل إيجار الملعب، وسيارة الإسعاف والمسعف، وفحص «كورونا»، والحكام، بالإضافة لما يصرف تحت بند النثريات ومكافآت خاصة للاعبين.

800.000

وحصل «البيان الرياضي» على كشف بمصروفات نادٍ خاص يلعب بالدرجة الثانية، تراوح متوسطها ما بين 800 ألف درهم إلى مليون درهم، منها 144 ألف درهم إيجار لملعب المباريات، و150 ألفاً إيجار ملعب التدريب، و100 ألف رواتب المدربين والإداري والطبيب، و36 ألفاً للذهاب لمباريات خارج ملعبه، و20 ألفاً لإصدار بطاقات اللاعبين، و10 آلاف درهم للملابس والمعدات، و48 ألفاً لمصروفات التغذية والنثريات، و150 ألفاً لسكن وإعاشة الأجانب، و40 ألفاً مصاريف حكام المباريات، و55 ألفاً لفحوصات «كورونا»، و15 ألفاً لسيارة الإسعاف، بينما تبلغ مكافأة الفوز للفريق ألف درهم عن المباراة الواحدة.

دعم ورعاية

واستطلع «البيان الرياضي» آراء عدد من مالكي ورؤساء الأندية، وشدد مبارك الكتبي، مالك ورئيس فريق يونايتد سبورت لكرة القدم، على أهمية المحافظة على المستثمرين في الرياضة بمنحهم تسهيلات استثمارية وسياحية، وقال: «الأندية الخاصة المشاركة بدوري الدرجة الثانية تعيش وضعاً متأزماً بسبب سوء الحالة الاقتصادية وقلة الموارد المالية لأنها لا تجد الدعم، ويجب استقطاب رعاة في الدوري حتى تستفيد الأندية من عوائد الرعاية لمساعدتها على مواجهة المصروفات والتي يدفعها صاحب النادي من جيبه».

وأضاف: «ما يؤسف له أن اتحاد لكرة يأخذ من أندية الثانية ولا يعطيها فهو يطبق عليها كل لوائح أندية المحترفين من رسوم مشاركة، وفحص، وغرامات على اللاعبين، والجمهور في حال الشغب وغير ذلك، ولا يمنح الفرق أصحاب المراكز الأولى أي مكافآت مالية في نهاية الموسم، وهذا الأمر سبب معاناة هذه الأندية مادياً، ما اضطر بعضها للانسحاب بعد إفلاسها».

تسهيلات

وأعرب الكتبي عن أمنياته بدعم أندية الثانية مادياً أو حتى بتسهيلات تساعدها على الاستمرار، وقال على أندية الدرجة الأولى أن تسهم في هذا الدعم عن طريق شراء لاعبين من أندية الثانية، موضحاً أنه إذا تم شراء لاعب واحد بسعر 80 ألف درهم فهذا المبلغ سيساعد كثيراً في مصروفات النادي خلال الموسم، وأدعو الإعلام للاهتمام بمنافسات الدرجة الثانية في القنوات الرياضية والصحف حتى تجذب الرعاة.

إيجار

ويرى يوسف إسماعيل الحمادي، مالك ورئيس نادي الفلاح، أن اتحاد الكرة يتعامل مع أندية الثانية بطريقة تجارية، حيث تفرض لجنة المسابقات رسوماً وغرامات على الأندية، وهو ما يضاعف متاعبها المالية وقال: «دفعت خلال 3 مواسم أكثر من 2 مليون درهم من جيبي الخاص مصروفات للفريق».

وقال: «سبق وطالبنا بتخصيص ملعب للمباريات لكننا لم نجد المساعدة، وطالبنا بسيارات إسعاف، لكننا لم نجد التعاون، ونحن نعاني من عدم وجود ملاعب للتدريب والمباريات فنضطر للإيجار، وسبق أن طالبنا بقطعة أرض نبني عليها المقر وملعب ومحال نستفيد من عائد إيجارها وتساعدنا في استمرار نشاطنا ولكن دون جدوى، ودخلنا في مناقصة على أراضٍ قبل سنة وحتى الآن لم تفتح مظاريف المناقصة».

منصرفات عالية

عن مصدر مصروفات النادي قال: «عملت من قبل كوكيل للاعبين باتحاد الكرة واستفدت من عوائد تسويق بعضهم في تسيير شؤون النادي، ولكنني لم أستطع تجديد الرخصة لارتفاع رسومها إلى 20 ألف درهم، بالإضافة لمكتب لا يقل إيجاره عن 20 ألف درهم، وتعتبر رسوم الرخصة في الإمارات الأعلى بالمنطقة، ففي السعودية وعمان مثلاً الرخصة لا تزيد على 5 ألف درهم، ولا أستطيع أن أدفع في العام 50 ألف درهم على الأقل، بالإضافة إلى مصروفات الفريق الأخرى، ولذلك صرفت النظر عن الأمر».

تخصيص

وأضاف الحمادي: «الحل يكمن في تخصيص قطعة أرض لكل نادٍ يبني عليها مقره وملعبه ومحلات تجارية يستفيد من عائد إيجارها، بالإضافة لإيجاد راعٍ للبطولة، وهذا لا يتوفر إلا باهتمام الإعلام من قنوات وصحف، وتخصيص مكافأة للفريق البطل، فليس من المعقول أن ندفع الغرامات ولا نجد مكافأة، فالاتحاد يأخذ من الأندية ولا يعطيها في النهاية جائزة مالية تعينها في تغطية ما صرفه طوال الموسم».

مساواة

وقال سلطان برغش مالك ورئيس فريق بينونة: «أقوم بدفع رواتب شهرية للاعبين غير مكافآت الفوز في المباريات، ولا يوجد دعم، والاتحاد يأخذ ولا يعطينا شيئاً كما هو الحال في أندية الأولى مثلاً، وهذا الوضع لا يساعد على التطوير والذي لن يكون إلا بمساواة الجميع بوجود موارد خاصة للأندية، لا أن نقوم بمنح أندية موارد ونمنعها عن آخرين خصوصاً وأنه لا يوجد راعٍ بسبب عدم الاهتمام الإعلامي بالمنافسات، وكل الأندية تعتمد في تسيير شؤونها على اجتهادات شخصية».

عقبات

وأضاف: «من العقبات الكبيرة التي تواجهها أندية الثانية لوائح المسابقة وشروطها والتي لا تتيح لك الفرصة والزمن لتجهيز فريقك إذا صعد للدرجة الأولى قبل فترة كافية لأن الصعود يترتب عليه القيام بتغييرات كبيرة، حيث إن أغلب اللاعبين في الدرجة الثانية هم أجانب وهذا غير مقبول في الدرجة الأولى والتي لا تقبل سوى 4 أجانب فقط والباقي مواطنون، وبالتالي يجب على الفريق الصاعد أن يسرح اللاعبين الأجانب ويقدم قائمة جديدة للاعبين المواطنين، فإذا لم تعلن هذه الشروط قبل فترة كافية فلن أستطيع تجهيز الفريق الجديد وبالتالي أخسر كل جهود الموسم».

7500

وعن مصروفات النادي أسبوعياً قال: «الفريق يتدرب ثلاثة أيام بالأسبوع، بالإضافة للعب مباراة وهذا الأمر يكلفني 7500 درهم إذا كانت المباراة خارج ملعبي، أما إذا كانت داخل ملعبي فنتكلف 15 ألف درهم لأننا نقوم بإيجار ملعب المباراة، وفي الموسم كله تبلغ المصاريف نحو 750 ألف درهم بعد تقليص أمور كثيرة، والرواتب لوحدها تكلفني 55 ألف درهم، بالإضافة للسكن والفحوصات الطبية، والسوشال ميديا، والملاعب والحكام والإسعاف، والأوتوبيسات وفحوصات مورونا ونثريات أخرى».

الجميع يخسر

ويرى برغش أن استمرار اتحاد الكرة في نظرته لأندية الثانية كأحد المصادر التي تدر عليه الدخل دون دعمها يؤدي في النهاية لخسارة الجميع لأنه من السهل جداً أن يتحجج أي نادٍ بأنه لم يعد باستطاعته الدفع ويغلق أبوابه وبالتالي يخسر الجميع، وقال: «نحن نطالب بتسهيلات لمجابهة المصروفات الكبيرة كالإعفاء من رسوم الحكام لموسمين وتوفير ملعب واحد للمباريات فمثلاً في أبوظبي توجد ثلاثة أندية يمكن أن تلعب مبارياتها على ملعب واحد بالتناوب وبالتالي توفر قيمة الإيجار».

انسحاب

وأكد عبد العزيز عبدالله مدير مركز كواترو، الذي سبق وصعد لدوري الدرجة الأولى في أغسطس 2021 قبل أن ينسحب لظروف داخلية خاصة، أن الأندية الخاصة لا تجد أي دعم من أية جهة لا مادياً ولا معنوياً، وقال: «نصرف من جيوبنا دون انتظار أي عائد في نهاية الموسم إلا كأس وميداليات، وهذا الأمر لا يشجع على الاستمرار؛ لذلك انسحبت بعض الأندية، لأنه لا يمكن أن تصرف خلال الموسم نحو مليون درهم والعائد صفر»، وقال: «الأندية تحتاج للدعم المادي والإعلامي فلا قنوات تهتم ولا صحافة تكتب وتبعاً لذلك فلا يوجد رعاة للمسابقة».

أعباء مالية

وأضاف: «عدم وجود حوافز مالية لأصحاب المراكز الأولى في نهاية الموسم تسبب في عدم استمرار بعض الأندية بعد أن تضاعفت أعباؤها المالية، كما أن إتاحة الفرصة لتسجيل عدد كبير من الأجانب في الفريق على حساب المواطنين يتسبب في مشاكل كبيرة، فمن السهل تسجيلهم في البداية، ولكن سيصنعون مشكلة للفريق بسبب الأعباء المالية المرتبة على وجودهم، ويجب أن يكون نظام المسابقة شبيهاً بالدرجة الأولى، فلا يمكن أن أنافس وأصعد للأولى وأضطر لتسريح 75 % من اللاعبين، وأستقدم فريقاً جديداً من المواطنين حسب لوائح الدرجة الأولى، حيث إن المطلوب 4 أجانب فقط، وحتى عند تسريح هؤلاء الأجانب نتكلف مبالغ أخرى لإلغاء إقامات وتذاكر سفر ومكافآت نهاية الخدمة».

تقنين ولوائح

يرى عبد العزيز عبدالله، أن دوري الثانية يحتاج للتقنين واللوائح، فكثير من المباريات لم تلعب لأسباب مختلفة مثل عدم فحص «كورونا»، وعدم وجود سيارة إسعاف، أو نقص عدد اللاعبين، وهذا دليل على أن بعض الفرق التي تشارك لا تلتزم بالشروط لأنها غير جادة في المشاركة لعدم وجود أرضية قوية، فالفريق يشارك بسهولة في الدوري، ولكن بعد فترة تتضاعف مصروفاته المالية ويجد نفسه في ورطة، فلا يلتزم بالحضور لظروف مختلفة ترتبط بالصرف المالي؛ ولذلك يجب أن تكون الفرق المشاركة عبارة عن مؤسسات رياضية مسجلة، ولكن ليس أي شخص جمع عدداً من اللاعبين مع مدرب ولاعب وملعب للمباريات ودفع الرسوم يكون فريقه مؤهلاً للانضمام والاستمرار في المسابقة.

Email