«مدربو الأزمات».. ضجيج في زمن المحترفين

ت + ت - الحجم الطبيعي

هنا في الإمارات، وهناك في غيرها من بلدان المعمورة، ظهرت فئة من مدربي فرق كرة القدم، ارتبطت أسماؤهم بصورة وثيقة بالأزمات، حتى بات بالإمكان إطلاق تسمية «مدربي الأزمات» عليهم، ودون أدنى تردد، نظراً لكثرة الضجيج الذي يثيرونه في أوساط «الساحرة المستديرة».

وتكرار ظهورهم بدور «البطل» في مسلسلات تلك الأزمات، رغم أن الزمن هو زمن محترفين، ومن المفترض أن تكون فيه الأزمات بعيدة، أو على الأقل، لا تحدث بهذا الحجم، وتلك الصورة الفاقعة إلى حد الرسوخ في أذهان محبي كرة القدم، لعقود طويلة من الزمن!

ليس مستغرباً

وليس مستغرباً ولا نادراً أبداً في عالم كرة القدم، أن يتسبب مدرب ما في حدوث سوء فهم حول أمر ما، تماماً كما يصدر الأمر ذاته من بعض الإداريين وكثير من اللاعبين، ولكن المستغرب والنادر واللافت حقاً، هو أن يتحول سوء الفهم إلى مشكلة، سرعان ما تتطور إلى أزمة خانقة، يتقاذفها الناس عبر مختلف وسائل الإعلام الرياضي، ومواقع التواصل الاجتماعي.

وحفلت سنوات الاحتراف الـ 12 الماضية لكرة القدم الإماراتية، بالكثير من الحلقات المثيرة من مسلسل «مدربي الأزمات»، من خلال تصريحات وسلوكيات، أقل ما يقال عنها، إنها فعلاً خارجة عن النص في الكثير من التفاصيل، ما أدى إلى بلوغ تلك السلوكيات مرتبة الأزمة بامتياز!

ويقف الروماني أولاريو كوزمين، المدرب الأسبق لفريقي شباب الأهلي والعين، في طليعة «مدربي الأزمات»، لتعدد وتنوع حلقات مسلسله من تلك الأزمات، مع فرسان دبي والزعيم، إلى الحد الذي جعل منه أشبه بالنار الملتهبة المتنقلة هنا في الإمارات، وهناك في دوريات دول مجاورة، منها السعودية، وغيرها في منطقة الخليج العربي.

ومن أبرز الأزمات التي ارتبطت بكوزمين، تلك المتعلقة باستعداده للتبرع لفريق العين بمبلغ 500 ألف يورو، لتغيير ملابس الزعيم، ما أدى إلى إيقافه من قبل اتحاد الإمارات لكرة القدم 3 مباريات، وتغريمه 500 ألف يورو، وفسخ عقده مع الزعيم في عام 2013.

100 ألف

كما تعرض كوزمين إلى الإيقاف من قبل اتحاد الإمارات لكرة القدم لمدة 6 أشهر، وتغريمه 100 ألف درهم، بناء على شكوى نادي العين لرحيل المدرب إلى فريق «الأهلي»، دون موافقة الزعيم، رغم سريان العقد، وذلك في عام 2013. ولم تقتصر أزمات كوزمين على دوري الإمارات، بل سبقتها أزمته المعروفة مع كرة القدم السعودية، عندما رمى قميص فريقه الهلال، في ليلة تتويجه بلقب الكأس، رغم الحضور الرسمي العالي المستوى، ورفضه الصعود إلى منصة التتويج، ما أدى إلى صدور قرار منعه من تدريب أي فريق سعودي في 2009.

ولم يخرج الأرجنتيني مارادونا، المدرب الأسبق لفريق الوصل، عن درب «مدربي الأزمات»، عندما ثارت غيرته «دفاعاً» عن زوجته من مدرج ملعب «الشباب»، بحجة «تجاوز» مشجع على زوجته، ما أدى إلى تحول جزء من مدرجات الملعب، إلى حلبة صراع، لم يوقفه إلا تدخل رجال الشرطة في الوقت المناسب في عام 2012!

الإيطالي والتر زينغا، المدرب الأسبق لفريق النصر، انضم إلى فئة «مدربي الأزمات» في كرة القدم الإماراتية، بالخلاف، وليس بالاختلاف في وجهات النظر المعتادة، وذلك مع زميل صحافي رياضي، وإطلاقه وصفاً خارج المألوف، ومستفزاً للناس في عام 2012!

أما الروماني الآخر الذي مر على دورينا من فئة «مدربي الأزمات»، فهو سوموديكا المدرب الأسبق لفريق «الشعب»، حينما فجر أزمة، كادت أن تكون خانقة، برفضه قرار تجميده عن العمل من قبل إدارة نادي «الشعب»، قبل أن ينصاع للأمر الواقع، ويقبل بأمر «الشعب» في عام 2013.

الإسباني كيكي فلوريس المدرب الأسبق لفريق شباب الأهلي، تلقى صفعة على الرأس، من ماجد ناصر حارس المرمى الأسبق لفريق الوصل، وذلك في مباراة الفريقين، بسبب إشارة مثيرة من كيكي بأصابعه نحو رأسه، في دلالة لم يكن تفسيرها صعباً على ماجد ناصر، الملقب بـ «قلب الأسد»، في عام 2011!

ثقافة

سالم ربيع المدرب الوطني المعروف في الجهاز الفني لفريق الوصل الأول لكرة القدم، شدد على أن عدم إلمام غالبية المدربين الأجانبالعاملين مع فرق الدولة، بثقافة مجتمع الإمارات، يعتبر سبباً مباشراً للمشكلة، مستبعداً فكرة التعمد أو القصد المسبق من قبل المدرب في صناعة المشكلة، التي قد تكون سبباً لإنهاء علاقته مع ناديه، أو تعرضه لعقوبات كبيرة، كما حصل لبعض المدربين، عندما بالغوا في صناعة المشاكل، وافتعال الأزمات في السنوات الماضية!

وشدد على أن بعض المدربين قد يفتعل مشكلة ما، بهدف صرف الأنظار عن فريقه، خصوصاً في أوقات المباريات الحاسمة، أو عند اشتداد المنافسة مع أكثر من طرف، فيعمد مدرب فريق منافس إلى إخراج لاعبيه من دائرة الضغط بافتعال مشكلة ما، داعياً إلى حتمية ألا يقع المدرب في ورطة رفع مشكلته من دهاء فني، إلى تطاول أو اتهام، أو التقليل من مكانة أشخاص أو فئة مجتمعية، أو نادٍ في الدولة، كما حدث من أحد المدربين قبل أكثر من 5 سنوات!

ودعا سالم ربيع، الذي عمل مدرباً مساعداً مع الإيطالي والتر زينغا، المدرب الأسبق لفريق النصر، خلال الفترة - 2013، إلى ضرورة تضمين عقود المدربين، بنداً للعقوبة، بهدف ردع المدربين، خصوصاً أولئك الذين اعتادوا على افتعال الأزمات، وإدخال ناديه في دوامة المشاكل مع أندية أخرى وأشخاص آخرين، مطالباً جميع المدربين، لا سيما الأجانب، بحتمية الاطلاع الكافي على ثقافة وعادات وتقاليد مجتمع الإمارات، لتجنب عواقب عدم المعرفة، متمنياً على إدارات أندية الإمارات، العمل على تنوير المدربين الأجانب العاملين لديها بتلك الثقافة والعادات والتقاليد.

 

Email