الاستثمار في عقود اللاعبين ثقافة غائبة عن دورينا

ت + ت - الحجم الطبيعي

تشير أرقام غير رسمية إلى أن تكلفة الاحتراف في دوري الخليج العربي تجاوزت 15 مليار درهم خلال 12 موسماً، أنفقت منها الأندية ما يقرب من 33% (5 مليارات درهم) على اللاعبين الأجانب والمدربين، واللافت في الموضوع أن هدر الأندية بسبب فسخ العقود بلغ 1.7 مليار درهم منذ بداية تطبيق نظام الاحتراف في موسم 2008 - 2009.

وبالرغم من ارتفاع نسبة تغيير اللاعبين في دورينا من موسم إلى آخر والتي تصل في صفوف اللاعبين الأجانب بين 60 و80% إلا أن ثقافة الاستثمار في عقودهم غائبة بشكل واضح، ويغادر أغلبهم من بوابة فسخ العقد والتوقيع لأندية خارجية مجاناً.

رؤية مفقودة

لا تملك أنديتنا رؤية اقتصادية واضحة، ولا تبذل جهوداً للاستثمار في اللاعبين على غرار الأندية الأوروبية التي يشكل بيع اللاعبين فها أحد مصادر دخلها الرئيس، كما تواجه أنديتنا مشكلة في إعادة بيع عقود اللاعبين الذين تم الاستغناء عنهم لعدة أسباب من أبرزها غياب الفكر التسويقي وقلة الخبرة في هذا المجال، فهي تحرص على تحقيق الاستفادة منه فنياً وفي حال فشل لا حلّ بديل عن استبداله بغض النظر عن الخسائر المادية.

ومن أبرز الصعوبات التي تواجه أنديتنا في عملية بيع عقد أحد لاعبيها الأجانب هي عدم قدرتها على بيعه بنفس القيمة المالية التي جاء بها، وبذلك تضطر لفسخ عقده أو إعارته لنادٍ آخر مع المساهمة أحياناً في دفع نصف راتبه. ومع غياب ثقافة الاستثمار في عقود اللاعبين، تتفاقم خسائر الأندية التي يشكل الدخل الحكومي 80% من مواردها المالية مقابل 10% من رابطة المحترفين و10 % من سوق الرعاية والإيجارات.

ويحفل دوري الخليج العربي بالعديد من الصفقات الفاشلة رغم أنها تحمل أسماء كبيرة في عالم كرة القدم ولم تنجح الأندية في إعادة تسويقهم مثل الفرنسي يوهان كاباي، الذي انتقل إلى النصر في يوليو 2018 وتم فسخ عقده بعد موسم واحد ولاعب الجزيرة السابق ميركو فوزينتش القادم من يوفنتوس الإيطالي والذي انتهت تجربته مبكراً مع فريق العاصمة بسبب إصابة في الرباط الصليبي وبعد شفائه قررت الإدارة الاستغناء عنه والهولندي ريان بابل، الذي انتقل إلى العين في 2015 وتم فسخ عقده بعد أشهر قليلة وغيرهم من اللاعبين الكبار الذين اكتفت الأندية بإنهاء خدماتهم دون إعادة تسويقهم من جديد.

نماذج ناجحة

ولا يعرف دوري الخليج العربي بكونه مصدراً للمواهب، ولذلك لا يعتبر وجهة مفضلة للسماسرة والكشافين للبحث عن اللاعبين المميزين، ولكنه شهد بعض النماذج الناجحة في الاستثمار في عقود اللاعبين سواء على مستوى داخلي أو من خلال انتقال لاعبين من أندية محلية إلى دوريات خارجية بمبالغ كبيرة، ويعدّ الغاني أسامواه جيان هداف العين السابق من أنجح الصفقات في تاريخ دورينا، حيث نجح الزعيم في بيعه إلى شانغهاي الصيني مقابل 81 مليون درهم بعد أن كلفه 68 مليون درهم، حينما حصل على خدماته من صفوف سندرلاند عام 2011، فقد دفع العين 6 ملايين جنيه استرليني لاستعارته، و6 ملايين أخرى للحصول على خدماته بعقد دائم قبل أن يتمكن من بيعه إلى النادي الصيني، ليصبح أغلى لاعب على الإطلاق يتم تسويقه من دوري الإمارات لأحد الأندية الخارجية.

الشحات

وعلى غرار جيان، استفاد العين كذلك من بيع لاعبه السابق حسين الشحات إلى الأهلي المصري بحوالي 5 ملايين دولار، فيما تمكن الوصل من بيع عقد لاعبه كايو كانيدو إلى العين في الموسم الماضي بـ 6 ملايين دولار.

ومن أبرز الصفقات الناجحة أيضاً في دورينا، انتقال المهاجم السنغالي إبراهيما توريه من عجمان إلى موناكو في 2012 وانتقال فاندرلي من الشارقة إلى النصر في 2016، وانتقال اللاعب السوري عمر خريبين من الظفرة إلى الهلال السعودي بـ 24 مليون درهم وقبله السنغالي ماخيت ديوب إلى شباب الأهلي الذي نجح بدوره في بيع عقده إلى نادي بكين رينهي الصيني، كما استفاد الظفرة من بيع لاعبه الأوراغوياني السابق نيكولاس ميليسي إلى الوحدة في الموسم الماضي.

ونجح بني ياس في بيع عقد لاعبيه السابقين إلى شباب الأهلي، الأول التشيلي كارلوس مينوز الذي أشارت مصادر صحافية أن صفقة انتقاله بلغت حينها 40 مليون درهم والثاني الإسباني بيدرو كانيدو في الموسم الماضي.

خالد إسماعيل: الاختيار الفاشل يهدر المال

أكد خالد إسماعيل نجم منتخبنا الوطني والنصر سابقاً أن فشل الأندية في إعادة بيع عقد اللاعب أو تسويقه مرتبط بعملية الاختيار، مشيراً إلى أنه بقدر ما تكون عملية الاختيار ناجحة بقدر ما يوفق اللاعب مع الفريق وبالتالي يفرض نفسه مرة أخرى في سوق الانتقالات ويحافظ على أسهمه مرتفعة ومشدداً على ضرورة تكليف مختصين أصحاب رؤية فنية تقوم بتحديد حاجات الفريق ومتابعة اللاعبين في أنديتهم قبل التعاقد معهم، وقال: «الاختيار الصحيح يضمن الاستقرار للفريق ويجنب الإدارة إهدار المال، للأسف بعض الأندية ما زالت تعتمد على اليوتيوب أو على السماسرة وهي طريقة غير احترافية».

وأضاف: «تضمن قوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم كافة حقوق اللاعب وعلى النادي أن يدفع كل مستحقاته في حال قام بفسخ العقد من جانب واحد». وأرجع خالد إسماعيل فشل الأندية في استثمار عقود اللاعبين إلى قلة الخبرة الفنية، مؤكداً: «يجب أن تحرص الأندية على نجاح اللاعب فنياً مع الفريق، وفي حال العكس وإنهاء عقده، عليها أن تفكر في الخروج بأقل الأضرار المادية، ولكن الاستثمار في اللاعب مرتبط بعملية الاختيار الصحيح باعتماد كشافين». وأوضح خالد إسماعيل أنه من الصعب إعادة بيع عقد لاعب أو إعارته في حال فشل في إثبات نفسه، لذا تلجأ أغلب الأندية إلى الحلول السهلة بفسخ عقده، وقال: «الطريقة التي تعمل بها الأندية في الاختيار لا تساعدها على الاستثمار». وأضاف: «للأسف هناك مصالح شخصية داخل الأندية، الأولوية للتعاقد بأي شكل من الأشكال وبالنسبة لهم لا يوجد مشكلة في تغيير لاعب أو اثنين أو حتى كل الأجانب في موسم واحد.

منذر علي: الأندية لا تملك رؤية استثمارية

أكد منذر علي، لاعب الوصل سابقاً، أن عدد اللاعبين الذين يمكن الاستثمار في عقودهم قليل جداً في دوري الخليج العربي رغم أن هناك نماذج ناجحة كان بالإمكان أن تقتدي بها الأندية مثل كايو كانيدو في الوصل وعمر خريبين لاعب الظفرة سابقاً وزميله السنغالي ماكيت ديوب وهداف العين السابق أسامواه جيان، وقال: الأندية ليس لديها رؤية استثمارية، تحتاج إلى أصحاب الخبرة في هذا المجال، عندما نتحدث عن الاستثمار في عقود اللاعبين يجب أن نتكلم عن الدوري الإنجليزي وخاصة نادي أرسنال زمن المدرب الفرنسي أرسين فينغر صاحبة النظرة الثاقبة في انتقاء المواهب، حيث نجح في استقطاب العديد من اللاعبين الصغار ثم تم بيعهم بأسعار كبيرة. وأضاف: الاستثمار يجب أن يكون في اللاعبين الصغار لأن الاستثمار في اللاعبين الكبار يحتاج إلى الملايين وحتى الفائدة لن تكون كبيرة منهم، تجربة كايو كانيدو وفابو ليما في الوصل من أفضل النماذج في تاريخ دوري الخليج العربي. وأوضح منذر علي أن تسويق اللاعب بعد فسخ عقده يعتمد على مستوى اللاعب نفسه وعمره، مشيراً إلى أنه من الصعب إعادة بيع عقد لاعب ظهر بمستوى متدنّ طيلة الموسم وأن لا أحد يجازف بشرائه في المقابل يمكن تسويق لاعب ظهر بمستوى مميز حتى إذا كان متقدماً في العمر. وكشف لاعب الوصل السابق أن فرص الاستثمار في اللاعبين البرازيليين على سبيل المثال قليلة لأن عيونهم على أوروبا، مشدداً على ضرورة الاختيار الناجح للاعبين حتى يسهل على النادي بيعهم بعد ذلك، وقال أن اغلب أنديتنا تبدأ في التفكير في البحث عن لاعبين نهاية الموسم وهي تفتقد ثقافة المتابعة قبل التعاقد معه وهناك برامج متطورة تساعدها على تقييم اللاعب .

عمر الصادقي: لا أحد يفكر فيما بعد الشراء

أكد التونسي عمر الصادقي، وكيل اللاعبين أن تسويق اللاعبين الأجانب من الملفات المهمة التي يجب أن تطرح بشكل جدي في المستقبل القريب لأن فسخ العقود كلف ميزانيات الأندية مبالغ كبيرة، وقال: إنها مشكلة حقيقية، تتعلق أساساً بعدم تفكير الأندية في مرحلة ما بعد الشراء لأن أغلب الصفقات تفوح منها رائحة السمسرة، إضافة إلى أن شركات كرة القدم ليست شركات حقيقية لا يتم محاسبتها عن كل درهم تصرفه وهناك غياب تام للمسؤولية.

وأضاف متسائلاً: هل سمعتم عن تحمل مسؤولية فشل صفقة لاعب أو قدم أحد الإداريين استقالته بسبب فشل اختيار لاعب؟ في أوروبا مثلاً يتحمل المدير الرياضي مسؤولية اختيار اللاعب، ويحصل على عمولة من ناديه في حال نجح في بيع اللاعب. وأوضح عمر الصادقي أن اعتماد الأندية في دوري الخليج العربي على التمويل الحكومي يجعل مجالس الإدارات تنفق بلا قيود، وتابع: نحتاج إلى عقلية احترافية تدير الأندية، ووضع استراتيجية واضحة في اختيار اللاعبين. (دبي - البيان الرياضي)

نجم محمد: صياغة العقود تحتاج إلى مراجعة

أكد العراقي نجم محمد وكيل اللاعبين أن سبب غياب ثقافة الاستثمار في عقود اللاعبين الأجانب هو عدم تطبيق المعنى الحقيقي للاحتراف وأن طريقة صياغة العقود تحتاج إلى مراجعة، وقال: تغيير الأجانب بهذا الشكل الكبير من موسم لآخر هدر للأموال، على الأندية أن تغير طريقة عملها خاصة من ناحية الاختيار، ليس منطقياً أن يقوم نادٍ بالتعاقد مع لاعب بإمكانيات محدودة لمدة 3 مواسم دون أي شرط، ثم يمنحه تعويضاً لكامل المدة المتبقية في العقد حتى لو لعب 3 أشهر فقط. وأضاف: المشكلة تتكرر كل موسم لغياب ثقافة الاحتراف، ومنح الرواتب والحوافز يتم دون أي ضوابط وهذا أكبر خطأ تقع فيه الأندية، يجب أن يرتبط راتب اللاعب في جزء منه بعدد مشاركاته في المباريات. وصرح نجم محمد أنه عندما يطلب المدرب تغيير أحد اللاعبين يقوم النادي بمنحه مستحقاته المتبقية في العقد ويسمح له بالمغادرة، وتابع: يجب أن تركز الأندية على تسويق اللاعب والبحث عن حل يقلل من خسائرها وليس الذهاب مباشرة لفسخ العقد. وأوضح نجم محمد أن اللاعب لا يجهد نفسه في البحث عن فريق آخر لأن الحصول على أمواله بالكامل أمر محسوم بالنسبة له، لذا يجب على النادي وضع ضوابط وشروط ضمن العقد لتجنب الخسائر. (دبي - البيان الرياضي)

عادل العامري: الفسخ بالتراضي «الطامة الكبرى»

وصف عادل العامري وكيل اللاعبين أن هدر الأموال في فسخ العقود بالتراضي بـ«الطامة الكبرى»، ولكنها ليست مستغربة من إدارات الأندية التي لا تنفق من مالها الخاص، وقال: كان من الأفضل تسويق هؤلاء اللاعبين والاستثمار في عقودهم بشكل احترافي ولكن غياب أصحاب الخبرة في الإدارات يحول دون ذلك، هناك حرص كبير على استقطاب اللاعبين والتوقيع معهم لموسمين أو أكثر ثم الاستغناء عنهم خلال 6 أشهر أو موسم واحد، للأسف يتعاملون مع المسالة ببساطة، لاعب لم ينجح وانتهى الموضوع، والحل في فسخ العقد وتعويضه عن المدة المتبقية. وأضاف: حسن إدارة الأموال والتصرف فيها مسؤولية كبيرة، المسألة لا تتعلق بكيفية التعاقد مع لاعب ولكن كيف تنجح في تسويقه في حال عدم التوفيق مع الفريق، هناك بكاء وتذمر من ارتفاع أسعار اللاعبين ولكن لا أحد تذمر من هدر أموال النادي بتلك الطريقة. وصرح عادل العامري أن الأندية تفتقد للكفاءات داخلها وأن لا يجوز أن يلعب الإداري أدواراً مختلفة ليست من اختصاصه، مشيراً إلى أن إدارات الأندية الأوروبية تحرص دائماً على عدم خسارة النادي دولاراً واحداً من وراء اللاعب .(دبي - البيان الرياضي)

لمشاهدة الملف ...PDF اضغط هنا

Email