بعد «كورونا».. المدرجات تنتظر العلاج بـ«الجماهير»

حسن الجسمي

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعد الحضور الجماهيري للمباريات الكروية المحلية أبرز تحديات عصر ما بعد فيروس كورونا، حيث سيكون الحضور الجماهيري للملاعب علاجاً لمدرجات خاوية في كثير من مباريات دوري المحترفين، وستكون الاحتياطات الصحية حاضرة بقوة لمصلحة الجماهير انتظاراً لوجودهم في الملاعب ومساندة أنديتهم، من حيث التعقيم للمدرجات والتباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات والقفازات وكل الإجراءات التي ستتخذ عند عودة النشاط، وكلها تصب في مصلحة أمن وسلامة الجماهير، التي يُفترض أن تكون متعطشة لمشاهدة ومتابعة المباريات، وتضع رابطة المحترفين «تحديات الحضور الجماهيري» في أهم أولوياتها خلال المرحلة المقبلة، لاكتمال كل عناصر النجاح لمختلف مسابقاتها، بعد أن تميزت بالتنظيم الإداري للمباريات واحتلت به الريادة الآسيوية خلال السنوات الماضية.

وخلال السنوات الخمس الأخيرة، شهد دوري الخليج العربي تراجعاً في عدد متابعيه بشكل كبير وتحديداً منذ موسم 2015، بابتعاد عدد كبير من المشجعين عن متابعة المباريات، للعديد من الأسباب ومنها التشفير «سابقاً»، وعدم وجود بنية تحتية جاذبة، وتواضع المستوى الفني، وإحباط المشجعين نتيجة إخفاقات المنتخب الوطني، وعدم فوز الأندية بألقاب قارية، وظروف الطقس، إضافة للتشديدات والموانع التنظيمية، فأصبحت المدرجات شبه خاوية رغم كل الجهود المبذولة لجذب الجماهير من قبل اتحاد الكرة ورابطة المحترفين من خلال رصد العديد من الجوائز القيمة، والتي وصلت إلى رصد سيارات فاخرة توزع بالمجان على الفائزين من حضور المباريات، ومع ذلك لم تحقق هذه الجوائز النجاح المنشود للحضور الجماهيري.

يوم المباراة

وكانت هناك خطوة مهمة متمثلة في تفعيل يوم المباراة لضمان الحضور الجماهيري، والتي تهدف إلى خلق بيئة آمنة وصحية وممتعة لرواد الملاعب، مع وضع معايير الأمن والسلامة والخدمات المقدمة للجماهير، والإجراءات التي تم تنفيذها لتوفير بيئة مريحة ومحفزة لجذب الجماهير.

والمتابع للمدرجات يجد أن الحضور من الجماهير أغلبه من أعضاء روابط المشجعين، ويلاحظ غياباً تاماً للأجيال الجديدة من الشباب الذين لهم اهتمامات أخرى خلاف كرة القدم، وهذا مؤشر سلبي للمشجعين في المستقبل، ما يشكل لغزاً، يجب على الأندية والمهتمين التكاتف لحله وإيجاد وسائل جذب لتلك النوعية من الجماهير، حتى لا نفاجأ في المستقبل بأن المدرجات كلها خاوية، ولعل أبرز تحدٍّ في كيفية جذب أبناء الجاليات المقيمة في الدولة.

أيام الهواية

ويتساءل البعض عن سر الحضور الجماهيري للمباريات في عهد الهواية، ونقول إن الإغراءات المتوافرة للجماهير الآن لم تكن متوافرة في السابق، وهناك نقطة غائبة متمثلة في الإثارة الإعلامية، والتي كانت تساهم في جذب الجماهير للمدرجات، وفي ظل تطبيق سياسة الغلق التي تتبعها الأندية سواء إعلامياً أو بغلق التدريبات والتصريحات المعلبة الصادرة عن المكاتب الإعلامية للأندية، غابت الإثارة الإعلامية وشعر الجمهور بعدم الانتماء للكيان في ظل تغييبه عما يحدث داخل ناديه، فامتنع عن الحضور للمدرجات.

وبسؤال حسن الجسمي، المحلل الرياضي والمتحدث الرسمي السابق لاتحاد الكرة، عن أسباب العزوف الجماهيري، قال: هناك أسباب متعددة ومنها الأبرز ضعف المستوى الفني لمعظم الفرق، وحالة الإحباط التي تصيب الجماهير نتيجة الإخفاقات المتتالية في العديد من البطولات، مع إخفاقات المنتخب الوطني، وتواضع مستوى عدد من فرق الدوري، ما يضعف من رغبة الجماهير في المتابعة، وعدم وجود بنية تحتية جاذبة للجماهير، وابتعاد الأجيال الجديدة عن متابعة منافسات الدوري نظراً لوجود اهتمامات أخرى غير الكرة لديهم، وإذا كان البعض يرى أن المناخ سبب من الأسباب، فأرد بمثال الحضور الجماهيري في مباراة للكريكت في نفس توقيت ومناخ وظروف مباريات الدوري التي حضرها 50 ألف مشجع، وكذلك الدوري السعودي الذي وصل عدد متابعيه إلى 100 ألف مشجع، في ظل ظروف مناخية مشابهة، والحقيقة أن حرارة الطقس لا توقف الشغف بمتابعة المباريات في الملاعب.

أخشى على القدم

وأوضح حسن الجسمي قائلاً: أخشى على لعبة كرة القدم في الإمارات من الدخول في عالم النسيان، مع ألعاب اليد والسلة والطائرة وغيرها، في ظل هذا التراجع المخيف، ولذلك لا بد من تكاتف الجميع لعودة الشعبية للعبة، من خلال التنافس القوي وجذب الأسماء الكبيرة والموهوبة، والترويج الجيد للمسابقة، وإذا كان البعض يردد أن جمهورنا ليس كروياً فأقول له إن عدداً كبيراً من جماهيرنا يذهبون إلى أوروبا، لمتابعة الدوريات لأنهم يحبون اللعبة الحلوة، ويجدون هناك بيئة جاذبة للمشجعين من كافتيريات ومطاعم وكافة الخدمات المتميزة والتي تعود عليها جمهورنا عند إنهاء تعاملاته في مختلف الدوائر والمؤسسات.

الإثارة الإعلامية

وأبدى حسن الجسمي استغرابه من عدم الوجود الجماهيري رغم الإغراءات، وقال لقد اتبعت الرابطة العديد من الوسائل الجاذبة للجمهور، ولكن عليها اتباع سياسة الإثارة الإعلامية بالتعاون مع شركائها من القنوات التلفزيونية ومختلف وسائل الإعلام وهذه الطريقة كانت أحد أهم أسباب جذب الجماهير للمدرجات أيام الهواية، لأن الإثارة الإعلامية تساهم في روح التحدي سواء بين اللاعبين أو الجماهير والسرية والانغلاق وأسوار الموانع العالية تجلب الفتور الجماهيري، وحينما تحضر الجماهير للمدرجات سيصبح دخل التذاكر من موارد الأندية لمزيد من التطوير والارتقاء.

Email