ملف

الدفاع الأقـــوى الطريق إلى لقب دورينا

ت + ت - الحجم الطبيعي

«الهجوم القوي يجلب لك الأهداف، أما الدفاع القوي يجلب لك البطولات».. مقولة شهيرة أطلقها المدرب الإيطالي الشهير مارشيلو ليبي الفائز بكأس العالم مع إيطاليا 2006 وأحد أفضل المدربين في تاريخ الكرة الإيطالية والعالمية، وبنفس المعنى والمفردات هناك مقولة أخرى منسوبة للسير اليكس فيرغسون المدرب الأسطوري في تاريخ مانشستر يونايتد وصانع أمجاد النادي الإنجليزي العريق عندما أكد أن «الهجوم القوي يحقق الفوز، أما الدفاع القوي فيحقق البطولات».

ورغم أن الأغلبية الطاغية من عشاق كرة القدم لا يفضلون الأسلوب الدفاعي كونه يفقد اللعبة متعتها، وأن المقولتين ربما ينافيهما المنطق، إذ إن تحقيق الانتصارات بالتأكيد يقود نحو الألقاب إلا أن الواقع يؤكد أن الصلابة الدفاعية هي من تقود للبطولات حتى وإن كنت تمتلك الهجوم الأقوى.

في دوري الخليج العربي تتحقق هذه المقولة بنسبة كبيرة خصوصاً بالنظر إلى الأرقام والإحصائيات التي تشير إلى أن لقب دوري الخليج العربي حققه الفريق الأقوى دفاعياً في 7 مواسم من أصل 11 موسماً منذ تطبيق الاحتراف في 2008 ـ 2009، ولم يكن شرطاً في الوقت ذاته أن بطل الدوري يملك أقوى هجوم.

كما أن الموسم الحالي يتصدره شباب الأهلي وهو أقوى دفاع حتى الآن بـ11 هدفاً، وثاني أقوى هجوم بعد العين الذي سجل 45 هدفاً، فيما سجل شباب الأهلي 36، والأمر لا ينطبق فقط على الدوري الإماراتي وإنما في أغلب دوريات العالم وبدرجات متفاوتة، وبخاصة في الدوري الإيطالي الذي كان بطله خلال السنوات العشر الماضية الأقوى دفاعياً طوال الوقت حتى وإن لم يكن كذلك على الصعيد الهجومي.

منظومة

وهنا تبرز أهمية قوة المنظومة الدفاعية في الفريق الساعي نحو تحقيق البطولات، ففي الموسم الحالي سجلت أندية دورينا 359 هدفاً في 126 مباراة أقيمت حتى الآن في دوري الخليج العربي بمعدل 2.84 هدف في المباراة الواحدة وهو معدل كبير بالطبع ويؤكد على أن الأهداف حاضرة بشكل مميز في مباريات الدوري .

إلا أن هناك فرقاً استقبلت شباكها أهدافاً كثيرة وصلت إلى معدل أكثر من 1.5 هدف في المباراة مما يشير إلى أن المنظومة الدفاعية ليست بالقوة الكافية، وبالتالي فالفريق الذي يطمح إلى البطولات عليه الاهتمام أولاً بالدفاع كونه يؤكد على قوته وصعوبة الوصول إلى مرماه.

واتفق رياضيون على أن الدفاع القوي بالفعل يقود للبطولات، ولكن المنظومة الدفاعية لا تقتصر فقط على رباعي الدفاع ومعهم لاعبو ارتكاز خط الوسط، وإنما الفريق ككل، مؤكدين أن التوازن ما بين الهجوم والدفاع مطلوب وإن كانت الأهمية الكبرى تتجه نحو تقوية خط الدفاع من أجل السير بخطى ثابتة نحو الألقاب.

مشيرين في الوقت ذاته أن الكم الكبير من الأهداف الذي تشهده مباريات دوري الخليج العربي لا يعني قوة المنافسة أو النواحي الهجومية بقدر ما ينم عن ضعف في المنظومة الدفاعية لأغلب الأندية، وتحتاج إلى عمل وجهد أكبر في ظل الأخطاء الدفاعية المتكررة.

متغيرات

من جانبه، أكد محمد مطر غراب المحلل الفني، أن الأرقام يجب أن تصب في صالح البطل سواء في الجانب الهجومي أو الدفاعي وإن كان هذا الأمر لا يحدث في الكثير من الأحيان، مشيراً إلى المتغيرات الحادثة في كرة القدم وعدد اللاعبين الأجانب والاستعانة باللاعبين المقيمين يفرض واقعاً جديداً على البطولات المحلية وقد يعطي مؤشرات مختلفة في المرحلة المقبلة.

وأضاف غراب: بطل دوري الخليج العربي حتى وإن كان الأفضل دفاعياً وليس الأقوى هجوماً إلا أن الفروقات في الإحصائيات وعدد الأهداف خاصة في الجانب الهجومي لم يكن بالفارق الكبير، ونسب التسجيل ليست بعيدة عن بعضها البعض، فالمتصدر الحالي شباب الأهلي هو الأفضل حتى الآن دفاعياً وليس هجومياً ولكن قد تتغير الأمور لأن هناك عوامل ومؤشرات قد تطرأ على مشوار أي فريق خلال الموسم.

فوز

وواصل محمد مطر غراب قائلاً: الجانب الدفاعي في غاية الأهمية ولكن في الوقت ذاته أي فريق بحاجة إلى الفوز، قد تفوز بهدف واحد في كل مباراة ولكن في حال واجهت فريقاً منظماً دفاعياً هو الآخر ستجد صعوبة في التسجيل، وبالتالي قد تسقط في فخ التعادل وهو ما لا يخدمك كفريق في مشوار البطولة، هناك العديد من النظريات في كرة القدم أحدها بالتأكيد الاعتماد على الدفاع.

وتابع: تبقى المنظومة الدفاعية في شباب الأهلي الموسم الحالي هي الأفضل بينما تعاني باقي الفرق، إلا أن شباب الأهلي لديه الكثير من الجوانب التي بحاجة إلى إعادة حسابات لأن الوقت الحالي لا يكفي أن تمتلك دفاعاً قوياً فقط وإنما تحتاج كذلك إلى خط وسط وهجوم قويين.

تتويج

بدوره، أكد أيمن الرمادي المدير الفني لفريق الكرة بنادي عجمان، أن تقوية المنظومة الدفاعية أساس عمل مدرب كرة القدم في المقام الأول، ويشكل العمل على الحالات الدفاعية 80% من عمل المدير الفني بعكس النواحي الهجومية التي تعتمد في أغلب الأحيان على القدرات والإمكانيات الفردية والمهارية للاعب المهاجم.

وقال الرمادي: أي فريق يسعى للتتويج بالبطولات لابد أن يمتلك منظومة دفاعية قوية، وبخاصة في استخلاص الكرة واسترجاعها من الفريق المنافس.

وعلى سبيل المثال الكثيرون يعتقد أن أسلوب المدرب الإسباني غوارديولا أو غيره من المدربين العظام في التدريب يعتمد على القوة الهجومية وهذا الأمر غير صحيح وإنما تكمن قوتهم في كيفية استرجاع الكرة من المنافس سريعاً، وهو أمر يتعلق في الأساس بالنواحي الدفاعية، كما أن شخصية المدرب تظهر بصورة أكبر في الحالات الدفاعية التي تعد من أهم مهام عمل المدرب بنسبة 100%.

احتراف

وأضاف مدرب عجمان: فرنسا فازت بمونديال 2018 بفضل العمل الدفاعي الجماعي المميز، ولو عدنا بالذاكرة للوراء، فالمنتخب البرازيلي في مونديال 1982 كان يملك فريقاً مرعباً في الجانب الهجومي بوجود لاعبين أفذاذ مثل زيكو وسقراط وفالكاو وإيدير وغيرهم، ولكن رغم ذلك لم يتمكن من الفوز بالكأس الذي فازت به إيطاليا.

وبالتالي الفريق الأقوى هجومياً قد يفوز في بعض المباريات ولكن ليس في كل المباريات بعكس الفريق المنظم دفاعياً، كما أن التحول من الدفاع للهجوم أصبح في غاية الأهمية في كرة القدم، ولذلك إذا كانت المنظومة الدفاعية غير جيدة لا يمكنك التحول للهجوم بالشكل الصحيح.

وتابع: المنظومة الدفاعية في دوري الخليج العربي ليست جيدة بما فيه الكفاية وتتأثر بعدة عوامل أهمها كثرة الإيقافات مما يتسبب في عدم ثبات الخط الخلفي خاصة وأن ثبات التشكيلة الدفاعية مهم للغاية وتخلق نوعاً من التفاهم والانسجام بين عناصر الدفاع، بالإضافة إلى أن بناء أي فريق يبدأ من حراسة المرمى والدفاع، فضلاً عن عدم الاحتراف الكامل والحقيقي للاعبين في الدوري الإماراتي.

وأوضح أن إدارات الأندية تهتم في المقام الأول بالتعاقد مع لاعبين مهاجمين لما يملكونه من قدرات فردية عالية، وهو أمر قد لا يبدو مناسباً مع كل الفرق، والتي يجب أن تتعاقد مع احتياجاتها أولاً حتى ولو كانت في مراكز دفاعية.

يوسف جابر: المنظومة الدفاعية في الدوري تحتاج إلى التطوير

أكد يوسف جابر مدافع شباب الأهلي ومنتخب الإمارات الوطني، أن المنظومة الدفاعية في دوري الخليج العربي بحاجة إلى عمل أكبر من أجل التطوير، مشيراً إلى أنه لم يعد هناك العدد الكافي من المدافعين الأقوياء من أصحاب الخبرة مثلما كان الحال في سنوات سابقة.

وأضاف يوسف جابر: «رغم أن لقب دوري الخليج العربي في غالب الأحيان يحسمه الفريق الأفضل من الناحية الدفاعية، إلا أن هناك أخطاء دفاعية كثيرة تحدث خلال المباريات، وهو أمر طبيعي في كرة القدم، وأعتقد أن دوري الخليج العربي يحتاج إلى تركيز أكبر على المنظومة الدفاعية خاصة في ظل العدد الكبير من الأهداف الذي تشهده المباريات».

شخصية

وأكد لاعب شباب الأهلي ومنتخب الإمارات: «أي فريق ستستقبل شباكه أهدافاً سهلة طالما لا يملك دفاعاً قوياً حتى ولو امتلك خط هجوم ووسط قويين، وبالتالي قوة المنظومة الدفاعية تؤكد شخصية الفريق البطل، وأنه لا يمكن هزيمته بسهولة، ولذلك فالتوازن مطلوب في أغلب المباريات،.

ولكي يتمكن الفريق كذلك من تقديم كرة قدم جميلة خصوصاً أن الفرق القوية في النواحي الدفاعية قد تحصد البطولات ولكنها في الوقت ذاته قد لا تقدم كرة قدم ممتعة».

صدارة

وأشار مدافع شباب الأهلي إلى أن قوة دفاع فريقه مكنته من صدارة دوري الخليج العربي الموسم الحالي، حيث استقبلت شباك الفريق 11 هدفاً فقط في 18 مباراة رغم تراجع النتائج في المباريات الأخيرة، معرباً عن ثقته بقدرة الفريق على مواصلة الأداء الدفاعي الجيد، والعودة إلى سكة الانتصارات من أجل التتويج بلقب الدوري هذا الموسم.

خيمينيز: التوازن بين الدفاع والهجوم طريق البطولات

شدد الإسباني مانويل خيمينيز المدير الفني لفريق الكرة بنادي الوحدة، على أن التوازن ما بين الدفاع والهجوم هو الطريق لتحقيق البطولات.

ولا يكفي فقط امتلاك دفاع قوي من دون هجوم قادر على التسجيل في شباك المنافسين، مشيراً إلى أن هناك العديد من المدافعين الجيدين في الدوري الإماراتي ولكن المشكلة تكمن في أن أغلبية التعاقدات مع اللاعبين الأجانب من المهاجمين القادرين على صنع الفارق، وبالتالي قد يواجهون مدافعين لا يمتلكون الخبرات الكافية في بعض الأحيان مما يفسر استقبال الفرق لعدد كبير من الأهداف.

ويرى خيمينيز أن البطولات وبخاصة الدوري تتحقق عندما يمتلك فريقاً أفضل دفاع لا يحدث في الإمارات فقط وإنما في أغلب دوريات العالم.

وقال: فزت بالدوري اليوناني مع آيك أثينا بعدما كنا الفريق الأقوى دفاعياً، ولكننا أيضاً امتلكنا هجوماً قادراً على التسجيل، مع الوحدة استقبلنا أهدافاً كثيرة خلال الموسم الحالي بسبب عدم التوفيق ونقص خبرة بعض المدافعين خاصة في الدور الأول إلا أننا تطورنا كثيراً دفاعياً بعد التعاقدات الجديدة وما زلنا نعمل على تطوير المنظومة بشكل أكبر.

وأضاف: لكي تفوز ببطولة يجب اللعب بتوازن واستخلاص الكرة بسرعة من المنافس، ولكن من الواضح إذا نجحت في الحفاظ على نظافة الشباك وأحرزت هدفاً وحيداً فهذا يعني حصولك على النقاط الثلاث، أما استقبال أهداف أخرى يعني أنك مطالب بتسجيل عدد أكبر من المنافس وهو أصعب في كرة القدم .

ولذلك الفريق القادر على إيجاد التوازن هو الأفضل دائماً، لافتاً إلى أن الفرق التي تمتلك مدافعين جيدين لديها خيارات أكبر للفوز بالألقاب.

رضا بوراوي: خطط الدفاع غائبة عن الأندية

وصف رضا بوراوي المحلل الفني المنظومة والخطط الدفاعية في الدوري الإماراتي بـ«الضعيفة»، مؤكداً أن الاهتمام بالدفاع غائب عن أنديتنا، وأنه منظومة متكاملة يجب أن يتحلى بها الفريق ولا تعتمد على المدافعين فقط، مشدداً على ضرورة تغيير العقلية في الكرة العربية بشكل عام بأن منظومة الدفاع تبدأ من المهاجمين وفي أي منطقة في أرضية الملعب.

وختم: «للأسف لا نرى نجوماً في الدفاع في كرة القدم العربية بصفة عامة نظراً لغياب الاهتمام بالمنظومة الدفاعية، فالطريق للبطولات يحتاج إلى دفاع قوي، وإذا كانت الأرقام تؤكد أن بطل الدوري هو الأقوى دفاعياً أغلب المواسم، إلا أن عدد الأهداف التي يستقبلها البطل يعد كبيراً أيضاً ولا يتناسب عدد الأهداف التي تلقاها مع عدد المباريات، وفي دورينا عدد قليل للغاية من الفرق بإمكانها الحفاظ على نظافة شباكها لأطول فترة ممكنة».

أتليتكو مدريد.. الاستثناء

يعد أتليتكو مدريد الإسباني استثناء في ما يتعلق بنظرية الدفاع القوي، الذي يقود نحو البطولات باعتباره الفريق الأقوى دفاعياً في الدوري الإسباني، ولكنه لم يحقق لقب «الليغا» سوى في عام 2014، إذ إن الدوري الإسباني معروف باللعب الهجومي وغزارة الأهداف بخلاف دوريات أوروبية أخرى.

ورغم تفوق فريق أتليتكو مدريد دفاعياً في أعوام 2013 و2014 و2016 و2017 و2018 فلم يحقق الفريق البطولة سوى مرة واحدة 2014، نظراً للقوة الهجومية الكبيرة لبرشلونة وريال مدريد، وأن فارق عدد الأهداف التي استقبلها كل فريق ليس بالفارق الكبير عن أتليتكو مدريد، ما أهدى كلاً منهما اللقب.

الكاتيناتشو.. الأنجح

الفريق الذي يمتلك منظومة دفاعية قوية هو الأقرب دائماً لتحقيق البطولات، ولعل «الكاتيناتشو» طريقة اللعب الإيطالية هي الأنجح على الإطلاق في تلك الخاصية.

ولكن للأسف الاهتمام بهذه الجزئية غائب عن أنديتنا كون التركيز الأكبر يصب في النواحي الهجومية وأغلبية تعاقدات الأجانب مع لاعبين مهاجمين، منظومة الدفاع في العالم لا ترتكز على الخط الخلفي فقط، وإنما على الفريق ككل وهذا الفكر غير متواجد عند أنديتنا».

في دورينا عندما يهتم المدير الفني بالجوانب الدفاعية يتعرض لانتقادات كثيرة رغم أن عمله هو تقوية الدفاع واستخلاص الكرة من المنافس من أي مكان في الملعب، فعندما تخسر الكرة لصالح الخصم فأنت في خطر، وبالتالي عليك استرجاعها سريعاً وهو ما يجعل الدفاع يبدأ من رأس الحربة وليس الخط الخلفي فقط».

 

لمشاهدة الملف ..PDF اضغط هنا

Email