تعاقب الأجيال يحتم صناعــة جديدة

6G.. «إكسير» حياة كرة الإمارات

أحمد خليل مع منتخب الإمارات أمام أستراليا في تصفيات «مونديال» روسيا 2018 | البيان

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعتبر تعاقب الأجيال في عالم كرة القدم، أمراً طبيعياً، بل هو بمنزلة «إكسير» حياة، ومطلباً حتمياً إذا ما أُريد للانتصار أن يتواصل، باعتباره هدفاً نهائياً لكل خطة عمل من قبل الجهة المعنية باللعبة في أي بلد، ومنها الإمارات، التي باتت كرة القدم فيها بحاجة ماسة إلى صناعة جيل جديد، يعتبر في سياق التسلسل التاريخي، السادس منذ قيام الدولة في عام 1971، ليكون الجيل السادس «6G»، «إكسير» إدامة حياة كرة القدم في الإمارات، خصوصاً على صعيد المنتخبات الوطنية.

لا شك في أن المنتخبات الوطنية لكرة القدم الإماراتية، تمر حالياً بمرحلة حاسمة، يسودها، بقدر كبير، نوع من القلق الجماهيري، لاسيما بعد الإخفاق المؤلم للمنتخب الأولمبي.

وإخفاقه في اقتناص بطاقة التأهل إلى أولمبياد طوكيو 2020، وهو الذي «كان» يُنظر إليه على أنه جيل الأمل، بعد بلوغ عدد من لاعبي المنتخب الأول، مرحلة عمرية قد لا تسعفهم في العطاء لأكثر من سنة، أو سنتين في أحسن الأحوال.

تحديد الجهة

وإذا ما سلمنا بحقيقة حاجة كرة القدم الإماراتية إلى الجيل السادس «6G»، فإن تلك الحقيقة تتطلب تحديد الجهة المعنية بصناعة ذلك الجيل، هل هي اتحاد كرة القدم، أم الأندية المعنية باللعبة في الإمارات، أم الأكاديميات بشقيها، العام «التابع للأندية» والتجاري، أم جهات رياضية أخرى في الإمارات؟.

أهمية المشروع

أهمية المشروع، واكتسابه بعداً وطنياً واضحاً، يقتضي بأن تتحمل كل الجهات أعلاه، إضافة إلى أي جهة لها علاقة بكرة القدم في الدولة، مسؤولية تبني مشروع صناعة الجيل السادس لكرة القدم الإماراتية «6G»، والواجب يحتم أن تتكاتف كل الجهات، لوضع خطة حقيقية قابلة للتطبيق والتنفيذ على أرض الواقع، ومن ثم الانطلاق بجد للوصول إلى الهدف المنشود، وهو ولادة جيل سادس «6G» لكرة القدم في الإمارات، خلال الفترة القليلة القادمة.

تعاقب الأجيال

وبالعودة إلى حقيقة تعاقب الأجيال في مشوار كرة القدم الإماراتية، يتبين أن الجيل الأول «1G»، ظهر في عقد السبعينيات من القرن الماضي، وشهد نجومية «الكابتن» أحمد عيسى وسهيل سالم وإبراهيم رضا ومحمد سالم وعبدالرحمن العصيمي وجاسم محمد وعوض مبارك ويوسف محمد وسالم بوشنين ومبارك بالأسود ومحمد الكوس، وغيرهم كثيرون.

ومثّل ذلك الجيل، كرة القدم الإماراتية في بطولة كأس الخليج العربي الثانية في السعودية 1972، في أول ظهور تاريخي لمنتخب يمثل الإمارات في محفل خارجي، وحصل ذلك المنتخب على المركز الثالث خليجياً.

الجيل الثاني

وفي عقد الثمانينيات، ظهر الجيل الثاني «2G»، ومن أبرز نجومه، عدنان الطلياني وزهير بخيت ومحسن مصبح وعلي ثاني، وخليل ومبارك غانم، وفهد وناصر خميس، وإبراهيم وعيسى مير، وخالد إسماعيل وعبدالرحمن محمد وعبدالرزاق إبراهيم وعبدالقادر حسن وحسين غلوم وعبدالعزيز محمد ومطر الصهباني ومحمد عبيد هلال «حمدون» والمرحوم فهد النويس، وغيرهم كثيرون.

واكتفى ذلك الجيل بالحصول مع المنتخب الأول على وصافة بطولة كأس الخليج العربي عامي 1986 في البحرين، و1988 في السعودية، إضافة إلى نيل ثالث ورابع البطولة في عامي 1982 في الإمارات، و1984 في عُمان، والمشاركة في بطولة كأس آسيا أعوام 1980 و1984 و1988، والخروج في النسخ الثلاث من الدور الأول.

حلم الشعب

وفي عقد التسعينيات، ظهر الجيل الثالث «3G»، ومن بين أبرز نجومه، إسماعيل راشد، وخميس وبخيت سعد، ومحمد علي «كوجاك» ومنذر علي وعبدالعزيز العنبري وعلي حسن وحسن سهيل وياسر سالم، وعبدالسلام وعبدالرحيم جمعة، وسلطان راشد وفهد علي ومحمد عمر وغيرهم.

إضافة إلى ألمع نجوم الجيل الثاني، الذين واصلوا مشوار العطاء مع المنتخب الأول، ومنهم، عدنان الطلياني وزهير بخيت وفهد خميس ومحسن مصبح، ومبارك وخليل غانم، وعلي ثاني وفهدعبد الرحمن وخالد إسماعيل وعبدالرحمن محمد وعبدالقادر حسن وغيرهم، ونجح ذلك الجيل المميز في تحقيق حلم الشعب الإماراتي، بالوصول لأول مرة إلى «مونديال» إيطاليا 1990، والحصول على وصافة آسيا 1996.

أول لقب

وتواصل تعاقب أجيال كرة القدم الإماراتية، بظهور الجيل الرابع «4G» في الألفية الثانية، بقيادة النجم إسماعيل مطر، ومعه كوكبة من النجوم، أمثال سبيت خاطر ومعتز عبدالله وماجد ناصر وعلي الوهيبي وسعيد الكاس وسالم خميس وفيصل خليل وخالد درويش ومحمد إبراهيم، وعلي وصلاح عباس، وفهد مسعود وهلال سعيد ومحمد قاسم وغيرهم، ونجح ذلك الجيل بإحراز لقب كأس الخليج العربي بأبوظبي 2007، محققاً أول ألقاب المنتخب الوطني.

الجيل الخامس

وتعيش كرة القدم الإماراتية الآن، مرحلة الجيل الخامس «5G»، الذي يزخر بعدد من النجوم، أبرزهم، علي مبخوت وعمر عبدالرحمن «عموري» وأحمد خليل وخالد عيسى وإسماعيل الحمادي وحمدان الكمالي وخميس إسماعيل وعامر عبدالرحمن وحبيب الفردان وعلي خصيف وراشد عيسى وعبدالعزيز هيكل ووليد عباس وعبدالعزيز صنقور وخميس إسماعيل وماجد حسن ومحمد فوزي ويوسف جابر وآخرون، ونجح هذا الجيل بإحراز لقب كأس الخليج العربي في البحرين 2013.

والفوز بلقب كأس آسيا للشباب 2008، والتأهل إلى أولمبياد لندن 2012، لأول مرة في تاريخ كرة القدم الإماراتية، ونيل ثالث آسيا في أستراليا 2015، ورابع آسيا في الإمارات 2019، إضافة إلى فوز «عموري» وأحمد خليل بلقب أفضل لاعب في القارة الآسيوية، وإحراز مبخوت لقب أفضل هداف في القارة الصفراء في عام 2019.

دعوة للتحرك

ولأن الجيل الخامس الحالي، يضم لاعبين في أواخر سنوات العطاء مع المنتخب الأول، حيث تتراوح أعمار غالبية لاعبي الجيل الحالي ما بين 29 و32 عاماً، ما يجعل الدعوة، ومن ثم التحرك الجاد، بهدف صناعة جيل سادس جديد، مطلباً حتمياً لإدامة مشوار تواصل الأجيال بشكل فاعل ومنتج، لخدمة سمعة وتاريخ كرة القدم الإماراتية.

1971

تأسس اتحاد الإمارات لكرة القدم في عام 1971، وانضم للاتحادين الدولي «فيفا»، والآسيوي في عامي 1972 و1974 على التوالي.

موسى عباس: لا بد من مشروع وطني مبتكر

الدكتور موسى عباس، الخبير الرياضي المعروف، شدد على أن تعاقب الأجيال يمثل حالة طبيعية في سياق كرة القدم، داعياً إلى حتمية العمل بجد وإخلاص وهمة من أجل صناعة جيل جديد لكرة القدم في الإمارات.

معتبراً ذلك خطوة لا بد منها، مشترطاً أن تكون تلك الخطوة في إطار مشروع وطني مبتكر قائم على أسس احترافية ومفاهيم عمل عصرية، مشيراً إلى أن غالبية ما تم عمله في العقدين الأخيرين للنهوض بكرة القدم الإماراتية، يبدو مقبولاً.

تطور ملموس

وأوضح الدكتور عباس قائلاً: كرة القدم في الإمارات، شهدت على مدى العقدين الأخيرين تطوراً واضحاً تمثل في التغيير بالوعي والثقافة العامة والانتقال من الهواية إلى الاحتراف وتطور العمل المؤسسي في اتحاد اللعبة والمجالس الرياضية والأندية، وفي الإعلام الرياضي، والاستثمار المالي للأندية، مع عدم إغفال أن هناك سلبيات وإخفاقات.

محصلة ضعيفة

ويضيف: المحصلة الضعيفة والإنجازات المحدودة والتقدم الذي يعقبه تراجع يجب ألا يدفعنا إلى استنتاجات بائسة تعتبر الماضي عبثاً، وأن كل الجهود الماضية هي نوع من إضاعة الوقت والمال، خاصةً حين نعترف بتأثير 4 عوامل محددة تتمثل في أن العمل في كرة القدم جماعي لا تظهر له نتيجة إيجابية إلا إذا رافقه تنسيق بين كافة الأطراف، لأن غياب التنسيق، يؤدي إلى تعارض الجهود وتضييع المحصلة حتى لو أدى كل طرف عمله على خير ما يرام، وعلينا أن نعي حقيقة أن الآخرين يفكرون ويعملون أيضاً، مثلما نحن نفكر ونخطط ونعمل ونستهدف بلوغ أعلى المراتب الرياضية.

إدراك العوامل

ويواصل: علينا إدراك أهمية العوامل البيولوجية والبيئية والاجتماعية التي لها دور فعال في المجال الرياضي، وكثير منها يصب في صالح غيرنا، فالقاعدة السكانية المحدودة والتركيبة الجسمانية في مستوى القوة والسرعة، والعادات الاجتماعية غير السليمة في مجال التغذية والتسلية، كلها تسهم في حجبنا عن المراكز الأولى بالمقارنة مع الشعوب الأخرى، والخروج من هذا المأزق، ممكن، لكن بأساليب علمية غير تقليدية.

تنافس محلي

ويلفت قائلاً: هناك سلبيات كبيرة رافقت تجربتنا الاحترافية، خصوصاً ما يتعلق بارتفاع رواتب اللاعبين ما جعل التنافس محلياً، حيث لم يعد لدى لاعبنا المواطن أي طموح أو رغبة في خوض تجربة الاحتراف الخارجي، كما أن زيادة عدد اللاعبين الأجانب، حرمت المواطن من الظهور في مراكز الهجوم وصناعة اللعب أثناء الدوري تحديداً، فيما لاعبنا يتحمل ثقل هذه المسؤولية أمام المنتخبات والفرق الخارجية.

تناقض وتعارض

ويواصل الدكتور عباس: العوامل أعلاه تؤكد حقيقة أن جهوداً كبيرة قد بذلت سابقاً، وتطورات إيجابية تحققت، لكنها لم تسلم من التناقض والتعارض.

فكانت صورة الإخفاقات أوضح وصوتها أعلى، حتى وصلنا إلى مفترق طرق، فإما أن نرتدي نظارة سوداء لا نرى من خلالها في الماضي إلا الفشل، أو أن نتسلح بالأمل ونبدأ بصناعة جيل على أسس صحيحة لاستعادة بريق كرة القدم في الإمارات وفق مشروع يتوجب أن يكون وطنياً تشارك فيه كل الجهات المعنية والشخصيات الرياضية المرموقة والفاعلة في الدولة.

«مونديال 90» و«خليجي 18 و21» أبرز الإنجازات

 

يحتفظ منتخب الإمارات الأول لكرة القدم بسجل ناصع في تاريخه الممتد لأكثر من 47 عاماً شارك خلالها في بطولات خليجية وعربية وغرب آسيوية وآسيوية ودولية، وبرز منها إنجازه التاريخي في التأهل لأول مرة إلى نهائيات كأس العالم، وذلك في «مونديال 90» بإيطاليا، وفوزه بلقبي بطولة كأس الخليج العربي في النسختين 18 بالعاصمة أبوظبي 2007، و21 بالبحرين 2013.

نجاحات أخرى

كما حقق «الأبيض» الإماراتي نجاحات أخرى بحصوله على ثاني بطولة كأس آسيا بالإمارات 1996، وثالث البطولة بأستراليا 2015، ورابع البطولة بالإمارات 2019، إضافة إلى مشاركته في بطولات عربية وغرب آسيوية، وفي كأس القارات بالسعودية 1997.

فضية غوانزو

كما يزخر سجل كرة القدم الإماراتية بإنجازات باهرة على مستوى المنتخب الأولمبي الذي فاز بلقب بطولة الخليج العربي الثانية بالدوحة 2010، والحصول على فضية دورة الألعاب الآسيوية بالصين 2010، والتأهل إلى نهائيات دورة الألعاب الأولمبية بلندن 2012.

بطل آسيا

وعلى صعيد منتخب شباب الإمارات، فإن هناك إنجازات مميزة، منها الفوز بلقب بطولة كأس آسيا في عام 2008، والتأهل إلى نهائيات كأس العالم في أعوام 1997 و2003 و2009 في ماليزيا ومصر والإمارات على التوالي، والتأهل إلى نهائيات بطولة كأس آسيا بالصين 2010.

عقد الإنجازات

وأكمل منتخب الإمارات للناشئين، عقد إنجازات كرة القدم الإماراتية، بتأهله إلى نهائيات كأس العالم بإيطاليا 1991، ونيجيريا 2009، وحصوله على لقب بطولة كأس الخليج العربي أعوام 2006 و2009 و2010 و2013، والتأهل إلى نهائيات كأس آسيا بالصين 2010.

النادي الوحيد

ويحتفظ سجل كرة القدم الإماراتية بصفحة ناصعة أخرى، تتمثل في فوز منتخب السيدات بلقب بطولة غرب آسيا عامي 2010 و2011، فيما ينفرد فريق العين الأول بكونه النادي الإماراتي الوحيد الذي نجح بالفوز بلقب بطولة دوري أبطال آسيا في عام 2003.

6 تحديات أمام الجيل السادس

لا يبدو مستبعداً أبداً، أن يواجه لاعبو الجيل السادس «6G» المرتقب لكرة القدم الإماراتية، 6 تحديات من نوع غير مسبوق في كل أجيال اللعبة في الدولة، التحدي الأول يتعلق بمستجد استعانة كل أندية الإمارات بخدمات اللاعب المقيم، وعلى نطاق واسع، والثاني، تطبيق فرصة منح جواز الدولة لعدد من اللاعبين المستوّفين للشروط.

الثقافة الرياضية

ويتمثل التحدي الثالث بالثقافة الرياضية السائدة حالياً، وفي قادم السنوات القليلة، خصوصاً ما يتعلق بنظرة اللاعب إلى تمثيل المنتخب بالتزامن مع تمثيله ناديه الذي يتسلّم منه راتبه الذي في غالب الأحيان، يكون مرتفعاً جداً، وفقاً لتطبيقات الاحتراف، وما تمليه نصوص العقد بين النادي واللاعب، خصوصاً من فئة اللاعبين الموهوبين.

 التحدي الرابع

أما التحدي الرابع، فيتمثل في صعوبة فك الاشتباك في ارتباط اللاعب بناديه بصورة أكبر، وما يمليه عليه العقد مع النادي من حتمية تقديمه أداء فائقاً، ما يدفع اللاعب إلى اتباع مختلف السبل للمحافظة على وضعه مع النادي في مقابل «التخوف» من أي مشاركة بعيداً عن ناديه!

شحة المواهب

ويتعلق التحدي الخامس بشحة المواهب في ساحات كرة القدم الإماراتية، خصوصاً من اللاعبين المواطنين، نتيجة عدم مواكبة مراحل التأسيس في مدارس كرة القدم للحداثة، وعدم جودة مخرجات تلك المدارس، والسادس، التداخل في المهام والواجبات بين مدارس الكرة في الأندية والأكاديميات ذات الطابع التجاري تحديداً، ما يتطلب صبراً أكبر على تلك المواهب، ما يعني تأخر صناعة الجيل السادس، وبالتالي التأثير المباشر على مشوار كرة القدم في الإمارات.

 

 

لمشاهدة الملف ...PDF اضغط هنا

Email