المدرب الآسيوي.. لا يزال البحث مستمراً

ت + ت - الحجم الطبيعي

كثيراً ما نسمع بأن «آسيا صنعت كل شيء»، الصين على سبيل المثال عملاق القارة، خير دليل على صدق تلك المقولة الجدلية، لم تستطع حتى هذه اللحظات صنع مدرب من أبنائها، قادر على مواجهة دهاء الإسباني غورديولا، ولا قرار الألماني كلوب، ولا تاريخ الاسكتلندي السير فيرغسون أيقونة مان يونايتد، بصراحة تامة، القارة الأكبر في العالم، قد فشلت حتى الآن في صناعة مدربين عظماء في عالم كرة القدم، تبقى أسماؤهم محفورة ومحفوظة في ذاكرة ومخيلة أبناء القارة وغيرهم، عقوداً وعقوداً من الزمن، مهما توالت السنون والأحداث!

٧

وكثيراً ما يستند الخبراء في تقييم حجم وشهرة وعظمة هذا المدرب أو ذاك، إلى 7 عناصر محددة، أبرزها، مستوى الإبهار في الإنجاز المتحقق، والشخصية النافذة بالإيجاب، والقدرة على استحداث التكتيكات، والإبداع في تغيير الخطط، والمهارة في القيادة في الظروف الصعبة، والحنكة في حل الأزمات، والتميز في احتواء ضغوط العمل.

وحتى لا تكون الصورة قاتمة السواد في هذا المجال الحيوي، فإن الموضوعية تقتضي الإشارة إلى أن القارة الآسيوية، قدمت مدربين كثراً مع منتخبات عدة في بطولات شتى، مدربين تمكنوا من تحقيق النجاحات مع منتخبات بلدانهم، لكنهم لم يصلوا إلى مستوى الإبهار الذي يدخلهم في «خانة» المدربين العظماء في دنيا المستديرة.

بصمة

قدمت قارة آسيا أسماء كثيرة من المدربين المميزين، الذين نجحوا في وضع بصمة قوية على المنتخبات التي تولوا تدريبها، هنا في الإمارات، ما زالت أسماء مهدي علي وجمعة ربيع وعبدالله مسفر وعيد باروت وعبدالعزيز العنبري وغيرهم هي الأبرز، وفي العراق ومع أسود الرافدين، جاء عمو بابا صانع التاريخ ومعه عدنان درجال وعدنان حمد وراضي شنيشل وناظم شاكر وحكيم شاكر وأنور وحازم جسام وأكرم سلمان وباسم قاسم وغيرهم، وفي السعودية حيث صولات وجولات الأخضر ظهر ناصر الجوهر، وخليل الزياني ومحمد الخراشي، وفي البحرين، سلمان الشريدة وغيره، وفي سوريا، فجر إبراهيم وغيره، وفي الكويت محمد إبراهيم وغيره، إضافة إلى أسماء مميزة في بلدان آسيوية أخرى.

انتماء

وقال حمود سلطان نجم الكرة البحرينية السابق ومساعد مدرب «الأحمر» في كأس آسيا عام 2004، إن عدم الاعتماد على مدرب وطني في الدول الآسيوية يرجع لغياب ثقافة الثقة في المدرب الوطني، وأن المنتخبات الآسيوية اعتادت التعامل مع مدربين أجانب من خارج القارة وهو ما يجب أن يتغير خلال الفترة المقبلة.

ثقافة

وأضاف حمود سلطان: «هي ثقافة اعتادت عليها المنتخبات الآسيوية بالاعتماد على مدربين أجانب سواء من أوروبا أو أمريكا الجنوبية وهو ما يحدث كذلك مع الأندية، في ظل غياب الثقة في المدرب الوطني، أعتقد أن الاتحاد الآسيوي مطالب بوضع خطة لتطوير مدربي القارة الصفراء ومنحهم الفرصة الكاملة لإثبات وجودهم وذلك من خلال تكثيف الدورات التدريبية للمدربين من مختلف دول القارة».

بصمة

وأشار نجم الكرة البحرينية السابق، إلى أن العديد من المدربين من خارج القارة لم يتركوا بصمة واضحة خلال عملهم مع المنتخبات الآسيوية ربما باستثناء عدد قليل من المدربين في الوقت الذي نجح فيه بعض المدربين الوطنيين في قيادة منتخب بلاده بشكل جيد في كأس آسيا.

ظهور

وقال أحمد خليفة حماد المدير التنفيذي السابق لنادي شباب الأهلي: «إننا اعتدنا في آسيا على ظهور مدربين وطنيين من شرق القارة وليس غربها، ونلمس أزمة في المدربين الوطنيين في منطقة غرب آسيا في دول سوريا والأردن وحتى الإمارات».

غياب الثقة

وأضاف: «غياب الثقة في المدرب المواطن تقف عائقاً أمام التعاقد معهم وتوليهم مهمة منتخبات بلادهم، وشاهدنا حالات نادرة لوجود مدرب وطني على رأس الجهاز الفني مثل مهدي علي مدرب منتخبنا السابق، وبعض المدربين الذين قادوا المنتخب السعودي».

وقال حماد: «من الطبيعي أن تجد مدرباً وطنياً يقود منتخباً مثل كوريا واليابان، وإن كان الأخير يعتمد أحياناً على المدرب الأجنبي، لكن المدرب المواطن موجود بشكل واضح في تلك الدول». مشيراً إلى أن المشكلة متعمّقة في الكرة الآسيوية من الداخل، وتقع على عاتق الدوريات المحلية والمنتخبات التي لا تولي المدرب المواطن أي أهمية.

ما زال المدرب الأجنبي هو المسيطر على مقاليد الأمور داخل المنتخبات الآسيوية، الكلمة العليا له، والقرار له، مع الغياب التام للمدرب الآسيوي.

هذا ما حدث وشاهده الجميع في بطولة أمم آسيا 2019 والتي تستضيفها الإمارات حالياً، 6 مدربين فقط من 24 تواجدوا في الحدث على رأس منتخبات بلادهم، هو واقع فرضته الظروف طيلة السنوات الماضية، وما بين محاولات لإنتاج مدرب آسيوي كفء يضاهي نخبة المدربين العالميين، وحالات أخرى من الاستسلام، تبقى الأمور على ما هي، بطولات آسيوية كبرى وحضور من المدربين أبناء القارة الصفراء على استحياء.

 

 

 

Email