مدربو الكرة العربية.. الأجانب يسيطرون والمحليون يتألقون

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

النتائج المتواضعة والأداء الباهت الذي ظهرت به بعض المنتخبات العربية لكرة القدم، بعد مرور جولتين من التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم كانت الدافع وراء مطالبات بتغيير الأجهزة الفنية، ولا سيما أن الإخفاق في التأهل للبطولات الكبرى، وخصوصاً المونديال، يطيح آمال الجماهير التي يتعين عليها انتظار 4 سنوات أخرى على أمل تحقيق الحلم، وإذا تمت الإقالة يظهر الانقسام حول هوية المدرب الجديد، ويتجدد التساؤل حول الأصلح لتولي المهمة هل المدرب الوطني أم الأجنبي؟

وعلى الرغم من أن المسؤولين عن كرة القدم في أغلب الدول العربية يفضّلون اختيار المدرب الأجنبي على المدرب الوطني أو حتى العربي، إلا أن أغلب إنجازات الكرة العربية جاءت على يد مدربين محليين، وحالياً من بين 22 منتخباً عربياً، يحتل المدرب الأجنبي النصيب الأكبر في مهمة تولي الإدارة الفنية، بنسبة نحو 70%، اعتقاداً ممن يقومون بتعيينه بأنه صاحب فكر فني متطور ويجيد التعامل مع طبيعة اللاعب العربي.

بعد إقالة حسام البدري من تدريب منتخب مصر، عقب التعادل مع الغابون بنتيجة (1-1) في الجولة الثانية من تصفيات المونديال، انقسم الشارع الكروي المصري حول هوية المدرب الجديد، فقد رأى البعض أن اللاعب المصري لا يلتزم إلا تحت إدارة أجنبية، في حين قال الرأي الآخر، إن منتخب «الفراعنة» يحتاج إلى شحن معنوي وهذا لن يتحقق إلا على يد المدرب الوطني، ولكن في النهاية رجحت كفة المدرب الأجنبي وتم تعيين البرتغالي كارلوس كيروش.

ويتشابه حال منتخب مصر إلى حد كبير مع حال منتخب الإمارات، إذ هناك مطالبات بإقالة المدرب الهولندي مارفيك، بعد النتائج المخيبة «للأبيض» في تصفيات المونديال، إذ تعادل مع لبنان من دون أهداف وتعادل مع سوريا بهدف، وهو ما يقلص من فرص التأهل إلى كأس العالم.

وفي الحالتين، سواء المنتخب المصري أو الإماراتي، كانت هناك رغبة جماهيرية كبيرة في عودة مدربين وطنيين ممن نجحوا في قيادة المنتخبين لإنجازات سابقة، مثل حسن شحاتة في مصر ومهدي علي في الإمارات.

الغريب في الأمر هو تكرار التساؤل برغم فشل التجارب، لأنه بعد وداع منتخب مصر بطولة أمم إفريقيا التي أقيمت في بلاده من دور الستة عشر على يد جنوب إفريقيا، والذي ترتب عليه رحيل الجهاز الفني بقيادة المكسيكي خافير أغيري ظهرت حالة الجدل في رؤية المدربين والخبراء حول هوية المدرب الجديد، ليستقر الحال على اختيار مدرب مصري وهو حسام البدري، ولكنه كان اختياراً غير موفق في ظل وجود مدربين محليين أكثر كفاءة.

الأمر نفسه مع منتخب الإمارات بعد إقالة مارفيك من فترة ولايته الأولى في عام 2019، طرح اسم مهدي علي بقوة للعودة لتولي المهمة، ولكن رجحت كفة المدرب الأجنبي، ومنذ رحيل مهدي لم تنجح تجربة المدربين الأجانب في هذه الفترة، فقد تولى تدريب «الأبيض» ثلاثة مدربين وهم الأرجنتيني إدغار باوزا والإيطالي ألبرتو زاكيروني ثم مارفيك.

وواقعياً تختلف الظروف والتوقيتات من منتخب إلى آخر، ووجود المدرب الأجنبي أو الوطني ليس فرضاً، بل هو اختيار تحكمه عدة معايير، ولكن في وقت يتأثر البعض «بعقدة الخواجة» مفضّلاً المدرب الأجنبي، يؤكد الحاضر نجاح المدرب الوطني، والدليل أن الكرة الجزائرية تعيش أزهى عصورها على يد جمال بلماضي.

ويقود بلماضي «الخضر» من نجاح إلى آخر، فقد تولى المهمة قبل ثلاث سنوات إذ كان المنتخب يعاني عقب فشله في التأهل لكأس العالم 2018، ولكنه نجح في قيادة الجزائر للقب كأس أمم إفريقيا بعدها بعام واحد، مقصياً في طريقه مجموعة من أفضل فرق القارة مثل كوت ديفوار ونيجيريا والسنغال، إضافة إلى أن منتخب الجزائر تحت قيادة بلماضي خاض 33 مباراة لم يخسر سوى مباراة واحدة، وحقق رقماً تاريخياً في عدد المباريات المتتالية بلا خسارة (27 مباراة).

وبالحديث عن الكرة الجزائرية لا يمكن إغفال تجربة رابح سعدان، بعد أن قاد منتخب بلاده إلى المونديال مرتين، الأولى في 1986 بالمكسيك، والثانية في 2010 بجنوب إفريقيا، واختير سعدان عن جدارة أفضل مدرب جزائري في التاريخ.

وإذا عدنا إلى الوراء سنوات، نكتشف نجاح المدرب الإماراتي مهدي علي ليس مع منتخب بلاده الأول فقط، بل كانت له بصمة مع منتخبي الشباب والأولمبي، وقاد مهدي منتخب الإمارات للفوز بكأس الخليج عام 2013، وحقق المركز الثالث في كأس آسيا 2015، كما قاد منتخب الشباب إلى لقب كأس آسيا 2008، وقاد المنتخب الأولمبي للتأهل إلى دورة الألعاب الأولمبية المرة الأولى عام 2012.

والحال نفسه في مصر، إذ تحقق أكبر إنجازات كرة القدم على يد مدربين محليين، ويعد الراحل محمود الجوهري الأشهر فقد نجح مع منتخب مصر في التأهل إلى كأس العالم المرة الأولى بعد غياب 56 عاماً، وذلك في بطولة إيطاليا 1990، لتصبح مصر وقتها ثالث بلد عربي بعد المغرب والجزائر تتأهل مرتين للمونديال، كما قاد منتخب بلاده للفوز بلقب كأس الأمم الإفريقية 1998، رغم أن «الفراعنة» لم يكن بين المنتخبات المرشحة للتتويج بسبب تراجع مستواه وقتها.

وبرغم ما حققه الجوهري، إلا أن الهيمنة الإفريقية لم تحدث إلا على يد حسن شحاتة، الذي حقق إنجازاً تاريخياً في بطولة كأس الأمم الإفريقية، وقاد «الفراعنة» لإحراز اللقب ثلاث مرات على التوالي من 2006 إلى 2010، وهزم جميع المنتخبات القوية في القارة السمراء مثل الكاميرون وغانا والجزائر وكوت ديفوار ونيجيريا والسنغال.

وفي السعودية، يعد ناصر الجوهر أحد أبرز المدربين في تاريخ الكرة العربية، بما حققه من أرقام قياسية وإنجازات كبيرة في 5 ولايات له، نجح فيها في الفوز بلقب كأس الخليج العربي 2002، والتأهل لكأس العالم في العام نفسه، والتأهل إلى نهائي كأس أمم آسيا 2000 ونهائي كأس الخليج 2009.

أما التونسي عبدالمجيد الشتالي، فقد كان أول مدرب عربي يقود منتخب بلاده في كأس العالم، في نسخة عام 1978 بالأرجنتين، وفيها حقق منتخب تونس أول انتصار عربي في تاريخ المونديال، بالفوز 3-1 على المكسيك إضافة إلى أنه قاد منتخب البحرين إلى نصف نهائي كأس الخليج العربي عام 1988.

Email