موسيماني رجل المباريات الصعبة

ت + ت - الحجم الطبيعي

«سبحان مغيّر الأحوال»، تلك المقولة الشهيرة، هي أفضل وصف لمشوار المدرب الجنوب أفريقي بيتسو موسيماني، مع فريق الكرة الأول بالنادي الأهلي المصري، هذا المدرب، الذي كان سبباً في تعرض مجلس إدارة الأهلي إلى النقد، وقت أن قرر التعاقد مع «بيتسو» في أكتوبر من العام الماضي، إلا أن الأيام أثبتت أن الرجل جدير بالمنصب، وتظهر قدراته بالفعل عند المباريات الصعبة.

وقد اعتادت جماهير النادي المصري العريق، على أن اختيار المدرب الأجنبي لن يخرج عن قارة أوروبا، ألمانيا أو هولندا أو فرنسا أو البرتغال، لذا، عندما وقع الاختيار على مدرب من داخل القارة الأفريقية، للمرة الأولى في تاريخ النادي، شعرت بالقلق.

وحتى وقت قريب، لم يحظَ موسيماني بثقة بعض الجماهير وخبراء اللعبة، على الرغم من تحقيق الفوز في أغلب المباريات التي قاد الأهلي لتحقيقها، وتباينت الآراء حول موسيماني، واحتد النقاش، سواء في الاستوديوهات التحليلية، أو على مواقع التواصل الاجتماعي، حول أيهما الأهم، النتيجة أم الأداء؟.

وزاد من حالة الحيرة، استراتيجيات المدرب الخططية، لكن الوقت كان كفيلاً بالقضاء على تلك الحالة الجدلية، وأثبت مدرب الأهلي، أنه رجل المباريات الصعبة، بعد أن اقترب من تحقيق لقب دوري أبطال أفريقيا، للمرة الثانية على التوالي.

ومنذ أن حجز الأهلي المصري بطاقة الصعود إلى نهائي دوري أبطال أفريقيا لكرة القدم، على حساب الترجي التونسي، في 26 يونيو الماضي، ولا حديث في الشارع الكروي المصري، إلا عن المدرب الجنوب أفريقي، خصوصاً أنه قاد الفريق الأحمر للثأر على جميع منافسيه في القارة الأفريقية.

ثأر

وضرب الأهلي موعداً لملاقاة فريق كايزر تشيفز الجنوب أفريقي، في نهائي دوري الأبطال، يوم 17 من يوليو الجاري بالمغرب، وكان آخر ضحاياه في الثأر، هو فريق الترجي التونسي، وقد ألحق به الهزيمة في الدور نصف النهائي، من النسخة الحالية لدوري الأبطال، وفاز عليه ذهاباً في تونس بهدف دون رد، وإياباً في القاهرة بثلاثية نظيفة.

وكان الترجي توج بلقب دوري الأبطال في نسخة عام 2018، بالفوز على الأهلي إياباً بثلاثة أهداف مقابل لا شيء، بعد الخسارة ذهاباً بثلاثة أهداف مقابل هدف.

كما تفوق صن داونز على الأهلي بخماسية تاريخية في ربع نهائي دوري الأبطال، في نسخة عام 2019، وقت أن كان موسيماني يتولى تدريب صن داونز، لكن الأهلي نجح بعدها في إثبات تفوقه مرتين على صن داونز في الدور نفسه، وفاز عليه في نسخة عام 2020، ذهاباً بهدفين دون رد، وتعادل خارج ملعبه إياباً بنتيجة «1-1»، وفي النسخة الحالية، أطاح ببطل جنوب أفريقيا من الدور نفسه للبطولة.

كما نجح الأهلي في الثأر من الوداد المغربي في نسخة العام الماضي، وتحديداً في نصف النهائي، بعد الفوز عليه ذهاباً وإياباً، بنتيجة «2-0» و«3-1» على الترتيب، وكان الوداد قد توج باللقب عام 2017 على حساب الأهلي.

رقم قياسي

وبالفوز على الترجي، بات موسيماني أول مدرب في تاريخ أفريقيا، يفوز في الدور نصف النهائي ذهاباً وإياباً، في نسختين متتاليتين من البطولة، أما فريق الأهلي، فقد نجح في تعزيز أرقامه القياسية، وبات أول فريق يصل للمباراة النهائية، برصيد 14 مرة، كما أنه أكثر الفريق تتويجاً باللقب «9 مرات».

كما حافظ الأهلي على سجله الخالي من الهزائم على ملعبه في نصف النهائي، بعد تحقيق الفوز الخامس عشر من إجمالي 17 مباراة لعبها، وللمرة الثالثة في تاريخ الأهلي بنصف النهائي، يحقق الفوز ذهاباً وإياباً، بعد الفوز في نصف نهائي النسخة الماضية على حساب الوداد المغربي، والفوز على منافسه التقليدي الزمالك في نسخة عام 2005.

وقد أكدت لغة الأرقام، أن مدرب الأهلي قدم موسماً استثنائياً، وقاد الأهلي للفوز بأربعة ألقاب، وذلك لأن الرجل فضّل منذ اليوم الأول لتوليه المسؤولية، التعامل بواقعية شديدة، وقال إن التاريخ لا يعرف الأداء، ولكن يعرف النتائج، وأوصى الجماهير قائلاً: «امنحوني الوقت والدعم، وسأصعد بالفريق إلى أعلى الدرجات».

4 بطولات

وبالفعل، أثبت موسيماني صحة حديثه، وقاد الأهلي لتحقيق أربع بطولات في ثمانية أشهر، منها بطولتان محليتان، هما الدوري الممتاز الموسم الماضي، الذي كان قد حسم قبل مجيئه، وكأس مصر على حساب طلائع الجيش في ديسمبر 2020 بركلات الترجيح، وبطولتان قاريتان، هما دوري أبطال أفريقيا، بالفوز على الزمالك بهدفين مقابل هدف في 27 نوفمبر الماضي، والسوبر الأفريقي في مايو المنقضي، بالفوز على نهضة بركان بهدفين دون رد، إضافة إلى إنجاز عالمي، وهو المركز الثالث في كأس العالم للأندية.

ورأت جماهير الأهلي، أن موسيماني يسير على خطى البرتغالي مانويل جوزيه، المدرب الأسطوري في تاريخ النادي، وصاحب أكبر عدد من البطولات.

وقبل توليه تدريب الأهلي، كان لموسيماني دور بارز مع فريق صن داونز، عندما دربه في عام 2012، وما هي إلا ثلاثة أعوام، حتى عاد الفريق على يديه إلى دوري الأبطال عام 2015، وبرغم خروجه من الدور الأول، إلا أنه لم ييأس، ونجح في قيادة الفريق للتتويج باللقب الأول في تاريخه عام 2016، على حساب الزمالك، أما على المستوى المحلي، أعاد موسيماني لقب الدوري المحلي إلى صن داونز، بعد غياب سبعة أعوام، ونجح في قيادة الفريق لتحقيق اللقب خمس مرات.

كل هذه الإنجازات، دفعت مجلس إدارة الأهلي، برئاسة محمود الخطيب، إلى التعاقد مع موسيماني، وكانت مهمة المدرب بالغة الصعوبة، في وقت يمر فيه الفريق بعدة أزمات، بدأت بتفشي فيروس «كورونا»، الذي ضرب استقرار الأندية الكبرى على مستوى العالم، مروراً برحيل عدد من نجوم الفريق، وانتهت برحيل مفاجئ وغامض للمدرب الفرنسي رينييه فايلر.

لكن موسيماني، قبل أن يأتي إلى قلعة الجزيرة، كان يعرف جيداً قيمة الأهلي، لذا، كان تسلحه بالطموح كافياً لإسعاد الجماهير، برغم أنه إلى الآن لم يتم تدعيم الفريق بصفقات كبيرة.

Email