حكاية حلم.. فرحة أم

ت + ت - الحجم الطبيعي

وقفت تتأمله وهو نائم، وابتسامة السعادة ترتسم على ملامح وجهه البريئة.. هذا الطفل الذي كانت في يوم ما.. تحلم أن يبرح مكانه في حجرته الصغيرة، ويندمج مع المجتمع، حتى ينسى ما فيه، ويتحرك دون الشعور بنقص عن رفاقه، يلعب ويفوز، يتحدث فيُسمع.

تذكرت المرة الأولى التي اصطحبته فيها للانخراط في أنشطة ذوي الاحتياجات الخاصة من أصحاب الهمم، كان همها الأول ألا يرفض الفكرة، أمسكت بيده، قبّلته وربتت على ظهره، وقالت له: «أنت تستطيع.. أنت بطل».. حينذاك نظر إليها مستجدياً ألا تتركه وحده.. شاركته في البداية، ركضت معه في تدريبات الإحماء، تعدو بأنفاسها اللاهثة وراء حلمها، تتحرك مع خطواته غير المنتظمة، وتصفق له مع مدربه، حتى ألِف الرياضة والنشاط، وحقق ما تمنته من اندماج مجتمعي.

ها هو الآن.. يتمدد أمامها، مبتسماً، عقب عودته من التدريبات.. الآن، بات يحلم بأكثر مما حلمت هي به.. ينتظر بعد أيام تمثيل الوطن.

مع كل فجر تستيقظ أولاً.. تنتشله من الكسل، وتغرس فيه الأمل.. يهرول معها سعيداً، إلى حيث التدريبات، استعداداً للمشاركة في الأولمبياد الخاص للألعاب العالمية أبوظبي 2019.. فرحته أنستها تعب الذهاب والإياب، من وإلى الملاعب، بطولاته التي حققها من قبل، لن تقارن بهذه البطولة العالمية.

في افتتاح البطولة.. لم تصدق نفسها، وهي تراه يلوِّح بعلم الوطن في طابور عرض، شارك فيه لاعبون من 190 دولة، انبهرت بما تراه، انهمرت دموعها الساخنة على وجنتيها، حين استمعت إلى أوبريت الافتتاح الغنائي «أنا يجب حيث أن أكون».

لم تنسَ هذه الأم، تلك اللحظة التي شعرت أنها تتويج لها، ولمن هم مثلها.. تشاهده يلتف مع زملائه حول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وسموه يلقي كلمة الافتتاح.. لم تعِ سوى صرخات الفرح، رفعت يدها إلى السماء، تتمتم بصيغ الحمد، في اللحظة التي جسّد فيها سموه معاني التسامح والإنسانية، عندما أشرك أصحاب الهمم في ختام الكلمة، التي شاهدها العالم.

«لقد شعرت أنني ملكت العالم، وكاد قلبي أن يتوقف من الفرح».. هكذا عبّرت عن حكاية حلمها وحلم ابنها.

إنها أم من أمهات أبطال أصحاب الهمم.

Email