حسيبة بولمرقة: أهدروا دمي.. والتاريخ أنصفني

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعدّ العداءة الجزائرية حسيبة بولمرقة بطلة عربية استثنائية صنعت مجدها وسط المعاناة التي تعكس بشكل كبير ما تواجهه رياضة المرأة العربية من صعوبات.

حسيبة بولمرقة أول بطلة عالمية عربية في سباق 1500 متر، وصاحبة ثاني ميدالية أولمبية عربية بعد المغربية نوال المتوكل، فتحت قلبها لـ«البيان الرياضي» لتشخيص واقع الرياضة النسائية في وطننا العربي من خلال تجربتها الاستثنائية في مسيرة رياضية حافلة بالإنجازات ومليئة بالتحديات والمعوقات.

العدّاءة الجزائرية التي خطفت أنظار العالم إليها بـ3 ميداليات ذهبية في أولمبياد برشلونة 1992 وبطولتي العالم طوكيو 1991 وغوتنبرغ 1995، تحدثت إلينا عن آلام المرأة العربية وجراح غائرة لا يداويها الزمن بسبب تهديدات القتل التي طاردتها من بلدها إلى أوروبا لمجرد أنّها تمسكت بحقها في ممارسة الرياضة.

الحوار مع حسيبة بولمرقة تطرق إلى ذكريات مؤلمة في مسيرة لاعبة كتبت اسمها في تاريخ الرياضة العربية بحروف من الذهب، وتطرقنا خلاله لإبراز ما يعيق تطوّر رياضة المرأة في وطننا العربي، وما هي الحلول التي يمكن تسهم في الارتقاء بها وتمنح المرأة حقوقها الرياضية كاملة وتوفر لها بيئة سليمة وظروفاً أفضل في المستقبل.

لم تتردد حسيبة بولمرقة في التأكيد على أن واقع رياضة المرأة العربية لم يشهد تطوراً إيجابياً بالشكل المطلوب مقارنة بالثمانينيات والتسعينيات، وتساءلت ماذا قدمت الدول العربية للمرأة حتى تعزز النجاحات التي حققتها نوال المتوكل وحسيبة بولمرقة وغادة شعاع وحبيبة الغريبي وغيرهنّ من البطلات؟ مشيرة إلى أن اللاعبة العربية ما زالت تمارس رياضتها في ظروف صعبة وتتألق بجهود فردية.

وصرّحت حسيبة بولمرقة أن رياضة المرأة العربية تعاني من التهميش والبرامج الارتجالية وقلة الدعم والعادات والتقاليد وغياب الدور الحقيقي لوزرات الرياضة، وقالت في هذا السياق: لا نملك خططاً واضحة، والسياسات المعتمدة ارتجاليّة، إلى جانب غياب تام لوزارات الرياضة في الوطن العربي، بل يمكن أن نطلق عليها وزارات كرة القدم، بما أنها الرياضة الوحيدة التي تمتصّ أموال الرياضة، والكل يعمل من أجل كرة القدم، وبقية الألعاب وخاصة الفردية تقتات على الفتات، سياسة خاطئة وغير عادلة، والحال أن الألعاب الفردية هي التي رفعت أعلام الدول العربية في الألعاب الأولمبية وبطولات العالم.

أضافت: أسباب تأخر رياضة المرأة عديدة، ومنها ما هو مرتبط بالجوانب الاجتماعية والفكرية والعقائدية وضعف الممارسة التي تعتبر أرقامها مخيفة في المنطقة العربية، إلى جانب غياب القوانين وضعف الميزانيات وقلة المنشآت والنظرة الذكورية للرياضة، ولكن التاريخ أنصفنا من هذه الناحية، لأنه شاء أن تأتي أول ميدالية جزائرية عن طريق المرأة، خلال العقود الماضية لم نحاول الاستثمار في بعض النجاحات التي تحققت، كنا الجيل الذي أضاء الطريق أمام المرأة العربية وحرصنا أن نكون مصدر إلهام للعديد من اللاعبات، ولكن عندما يفتقدن الإمكانات من الصعب تكرار الإنجازات نفسها خاصة على الصعيد الأولمبي.

وبالعودة إلى أبرز الصعوبات التي واجهتها، كشفت حسيبة بولمرقة أن انطلاقتها في سنّ 18 عاماً تزامن مع تصاعد الفكر المتشدد في الجزائر، وصل حتى تهديدها بالقتل في حال استمرت في ممارسة الرياضة، وهو ما دفعها إلى مغادرة وطنها.

وأضافت قائلة: كنت أمثّل الأمل للجزائريين في بداية التسعينيات، وهو أمر لم يرق للبعض، سافرت إلى فرنسا ثم ألمانيا لأتدرب بعيداً عن المتطرفين، ولكن التهديدات لاحقتني في أوروبا، فقرّرت المغادرة إلى قارة أخرى، فانتقلت إلى كوبا ثم الولايات المتحدة الأمريكية، مررت بفترة صعبة للغاية وعانيت من الغربة، والمهمّ لم أرضخ ودافعت عن حلمي بكل قوة حتى أكون بطلة أولمبية وعالمية.

صرّحت البطلة الجزائرية أننا نفتقد الشجاعة في طرح مشكلة رياضة المرأة، وأن ما تحقق في السابق ثمرة جهود فردية ، مشيرة إلى ضرورة العودة إلى المدرسة في اكتشاف المواهب لأنها الأمّ الحقيقية للرياضة، والحاجة إلى قرارات سياسية تضمن حق المرأة في دعم رياضتها.

وختمت قائلة: تطوير الرياضة يبدأ من العائلة ثم المدرسة، ومن خلال نشر الوعي بأهمية مشاركة المرأة، إضافة إلى تعزيز دور اللجان الأولمبية الوطنية ووزارات الرياضة.

Email