كان المغرب بالإجماع هو البطل المتوج بكأس العرب الحادية عشرة 2025 بقطر، وكان الأردن هو البطل غير المتوج وبالإجماع أيضاً، فقد قدم لنا أسود الأطلس الفائزون بثلاثة أهداف متعة لم نعشها منذ فترة طويلة، وقدم لنا النشامى الخاسرون بهدفين متعة مشابهة، وارتقي كلاهما بحاسة الذائقة لكل من شاهدهما، وقدما معاً مشهداً جديداً لكرة القدم العربية، في قوة التنافس والإمتاع لم تعرفه من قبل. ولعلك تتفق معي في أن تلك الأوصاف لم تكن من قبيل المبالغة، بل كانت صورة حقيقية لما شاهدناه في الميدان، لدرجة أن كلينا -أنا وأنت- لم نكن نتمنى أن يكون هناك فريق خاسر في هذه الملحمة الكروية العربية.
وإذا كنا قد اعتبرنا أحدهما فريقاً متوجاً بكأس البطولة وفريقاً آخر متوجاً بكأس الإعجاب الجماهيري وتعاطفه، فإن هناك 5 كؤوس أخرى فخرية اسمحوا لنا أن نوزعها على النحو الآتي: الكأس الأولى: تذهب نحو قطر التي نظمت وأبدعت ومتعت الأنظار، ليس فقط بالملاعب المبهرة وما حولها، بل بالجو العام بكل تفاصيله، إنها تكتب تاريخاً جديداً لروعة الاستضافات للأحداث الكروية والرياضية كماً ونوعاً على نحو سواء. الكأس الثانية تستحقها الجماهير العربية بحشودها القياسية التي زادت على المليون و200 ألف، وتخطت حاجز الـ84 ألف في المباراة النهائية، في مشاهد مفرحة ومبهجة وبأحاسيس وطنية متدفقة. الكأس الثالثة تذهب نحو المدرب المغربي طارق السيكتيوي -ليس فقط بسبب تميزه الفني- بل أيضاً بسبب اتزانه وأخلاقه العالية. الكأس الرابعة يستحقها مواطنه جمال سلامي مدرب الأردن، فهو يحمل جينات السكتيوي نفسها، وكلاهما قدم ظاهرة مغربية غير مسبوقة تدعوك للتأمل في تنافس أبناء البلد الواحد، أما الكأس الخامسة فأقدمها نيابة عن عشاق كرة القدم للاعب المغربي طنان الذي سجل هدفاً خيالياً أمتعنا به من منتصف الملعب، ولا ندري حتى الآن متى شاهد تقدم الحارس وكيف سدد بيسراه بكل هذه الدقة وبكل هذه السرعة الخاطفة، شكراً طنان فقد أمتعتنا، كما أمتعنا كل شيء في هذا النهائي الذي لا يُنسى.