العشيقة والزوجة .. ومناطق محظورة

العشيقة والزوجة .. ومناطق محظورة

ت + ت - الحجم الطبيعي

التعدي على مساحات غير متوقعة.. الدخول إلى مناطق محظورة.. تجاوز السائد في العلاقات الإنسانية .. صور متفاوتة الحجم للجرأة، وأياً كانت نتائجها، مؤلمة، أو مدهشة أو مدغدغة للمشاعر، تبقى الجرأة مصطلحاً نسبياً، يتأرجح بين مفاهيم شرقية، لا تقبل المواجهة العلنية، وتخشى العيب.

مدخل: ينتصف الليل.. يُضيء «المسج» الواصل للتو على الهاتف المتحرك ظلام غرفة النوم، يستل الهاتف قبل أن تخترق زوجته الأجواء، ويقرأ بابتسام «كل عام وأنت حبيبي..»، في الصالة كانت تُهيّئ المنزل وأفراده للنوم، وتستعد لاستقبال صباح هادئ، بينما الفجوة الزوجية تزداد اتساعاً.

تتساءل دائماً عند خلودها للنوم، عن انقطاع خيوط أي حديث بينهما، فالأحاديث التي تختلقها لا تحوز على اهتمامه، فهو إما غارق في كمبيوتره المحمول، أو متسمّر أمام جهاز التلفاز، أو خارج المنزل.. حتى في العشاء الأخير، لم يهدأ صوت رسائل هاتفه النقال عن الرنين، فكان عشاءً على وقع «المسجات».. والصمت مُطبق.

على تلك الطاولة، تبوح لنفسها أسرار الرسائل والهدايا النسائية الثمينة.. الثياب والعطور الفاخرة التي ظنتها يوماً لها، الهاتف المحمول المقفل بكلمة سرية، الأحاديث والضحكات الهامسة في الحمام.. شريط سئمت تذكره، فهي تعيش منذ زمن على سيل من الأكاذيب تأبى تصديقها.

مخزون الغفران في قلبها إلى زوال، بعد أن استنفدت فرص السماح، قلبها الصغير لم يعد يحتمل، وتتساءل: كيف تعيش التجربة، بأقل قدر من الخسائر النفسية والمعنوية، بعد أن احتالت العشيقة على وقته وماله وحياته، وأبقت على جرح عائلي نازف.

* * * *

في السينما العربية كما في الواقع، بقيت العشيقة نموذجاً مستتراً مثيراً للجدل، تحوم حولنا دون أن نشعر، في المنزل، أو المكتب، في السوق.. وعالم رقمي عبر الشبكة العنكبوتية، مخترقةً حاجز الصوت والصورة، لم يحسم الطرح السينمائي الجانب الأخلاقي لمصلحة الزوجة، بل أبقى المشاهد حكماً، استجدى عطفه بشخصية تتسم بالطيبة والتسامح، وتحظى بقدر كبير من الجمال، في فيلم «الحب الضائع» المأخوذ عن كتاب للأديب طه حسين، لعبت سندريلا الشاشة العربية سعاد حسني دور العشيقة لزوج صديقتها، وكانت حينها البطلة التي تعاطف معها المشاهد، بعد أن أصبحت أرملة تسقط في أول امتحان ثقة، فتتشابك العلاقات الإنسانية، ويبقى الصراع بين الصداقة والزواج..

والأمثلة في ذلك كثيرة.. فعندما يسعى الرجل لتبرير إنسانية علاقاته المتعددة، ويتهم المرأة بتهويل الصورة والمبالغة في وصفها، يكون قد ضحى بالكثير من صدقه واحترام الشريك له، مقابل احتيالات أنثى، كان هو حلقة في سلسلة مغامراتها مع الرجال، وتجاربها الفاشلة في اقتناص رجل متزوج ، على أساس «رمد العين أحسن من عماها».

التساؤل عن مسؤولية الأنثى في اختلال علاقة تتجاذب أطرافها، فالزوجة أنثى، والعشيقة أنثى، والبداهة تقول إن الأنثى ذات طبيعة موحدة، فكيف للأنثى أن تكون أماً ومنشئة للأجيال؟.. وكيف لها أن تكون عشيقة تخترق كالسوسة سقف الأسرة؟.. وهل تُستأمن العشيقة ذات يوم على الأمومة؟ غريب ألا يستوعب الرجل تلك الحقيقة، وأحمق من يقع في فخ تلك العلاقة مجازفاً بمصير أسرة.

أمل الفلاسي

Email