حاطب بن أبي بلتعة سفيراً إلى المقوقس

حاطب بن أبي بلتعة سفيراً إلى المقوقس

ت + ت - الحجم الطبيعي

الإسلام دين السعادة والشقاء لمن يأبى تعاليمه بعث النبي عليه الصلاة والسلام حاطب بن أبي بلتعة سفيراً ورسولاً إلى المقوقس عظيم القبط سنة ست وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يرسل رسله في كل مكان إلى الملوك والأمراء بشبه الجزيرة العربية وغيرها، ويبعث معهم كتبا يدعوهم فيها إلى الدخول في الإسلام، في إطار دعوته السمحة إلى الناس كافة، وكان من هؤلاء المقوقس عظيم القبط، وصاحب مصر والإسكندرية وكان له ملك عظيم، وبعث سفير الإسلام حاطب معه كتابا، أوضح فيه أن الإسلام لا يدعو المؤمنين للقتال إلا إذا استنفذت جميع الوسائل السلمية، وأنه دين نزل للناس كافة ليدخلوا فيه ويطبقوا أحكامه.. وحيا الرسول في كتابه المقوقس بتحية الإسلام.

حيث كان النبي يبدأ كتبه دائماً بعبارة «سلام على من اتبع الهدى» وهي تأكيد على أن الإسلام دين السلام والمحبة وليس دين العنف والقتال والتعصب كما يروج لذلك الآن أعداء الإسلام. ودعا المقوقس إلى الإسلام، لأن في هذا السلامة له ولأهله، وأوضح له أنه باعتناقه للدين الإسلامي يحصل على أجره مرتين، مرة لنفسه والأخرى لقومه الذين سيسلكون مسلكه ويتبعونه، وحذره من مغبة عدم الاستجابة لدعوة الإسلام، مؤكدا له أنه بذلك سيتحمل إثم القبط بأكملهم.

وفي رواية أخرى ذكرها الواقدي عن نفس الكتاب الذي أرسله النبي إلى المقوقس وكانت بخط أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وأكد فيه النبي أن الله أرسله رسولا للناس كافة وأنزل عليه القرآن وأمره بالإعذار والإنذار ومقاتلة الكفار حتى يدينوا بدين الإسلام، ودعاه الرسول صلى الله عليه وسلم بالإقرار بوحدانية الله، وأنه إن فعل ذلك فقد سعد وإن أبى ففيه شقاء له، أما المقوقس، فقد رد على نبي الله بأنه يعلم أنه أقرب داع إلى الله وأصدق من تكلم بالصدق.

أنه أي ــ المقوقس ــ كان أول من يؤمن بالله ورسوله لولا أنه ملك ملكاً عظيماً، وأكرم المقوقس الرسول الذي أرسله وبعث إلى النبي بجاريتين هما مارية القبطية التي تسرى بها فأنجبت له ولده إبراهيم، وأختها سيرين التي وهبها النبي لحسان بن ثابت وولدت له عبدالرحمن بن حسان. وقد جاء في نص الكتاب الذي بعث به إلى المقوقس مع حاطب بن أبي بلتعة وكذلك رد عظيم القبط عليه كالآتي:

بسم الله الرحمن الرحيم..

من محمد رسول الله إلى المقوقس عظيم القبط، سلام على من اتبع الهدى. أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإنما عليك إثم القبط و(يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا، ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون).

وذكر الواقدي أن كتابه إليه كان بخط أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأن فيه: من محمد رسول الله إلى صاحب مصر، أما بعد: فإن الله أرسلني رسولا وأنزل علي قرآنا وأمرني بالإعذار والإنذار ومقاتلة الكفار، حتى يدينوا بديني ويدخل الناس في ملتي، وقد دعوتك إلى الإقرار بوحدانيته، فإن فعلت سعدت، وإن أبيت شقيت، والسلام.

فكتب المقوقس إليه: بسم الله الرحمن الرحيم، لمحمد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك، أما بعد: فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبيا قد بقي، وقد كنت أظن أنه يخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين (1) لهما مكان في القبط عظيم وبثياب (2)، وأهديت إليك بغلة لتركبها، والسلام عليك.

وذكر الواقدي أن في كتابه إليه: باسمك اللهم، من المقوقس إلى محمد، أما بعد: فقد بلغني كتابك وفهمته، وأنت تقول: إن الله أرسلك رسولا وفضلك تفضيلاً، وأنزل عليك قرآنا مبينا، فكشفنا عن خبرك فوجدناك أقرب داع إلى الله، وأصدق من تكلم بالصدق، ولولا أني ملكت ملكا عظيماًً، لكنت أول من آمن بك، لعلمي أنك خاتم النبيين، وإمام المرسلين، والسلام عليك مني إلى يوم الدين.

Email