»بيت القرآن « في البحرين... مشروع حضاري يمزج بين العلوم الدينية والثقافية
»بيت القرآن « في البحرين... مشروع حضاري يمزج بين العلوم الدينية والثقافية
«بيت القرآن » في مملكة البحرين مشروع اسلامي حضاري وعصري يمزج بين النماذج الاسلامية الدينية والعلوم والثقافة بحيث يعتبر حاضنا رئيسيا للقراء والمثقفين والباحثين في العلوم الشرعية والدينية، ومما يضفي عليه الطابع الشامل هو احتضانه للعديد من المؤسسات التي تخدم الهدف الواحد ممثلا في تجسد الاسلام وأبعاده وممارسته في الوقت نفسه، فهناك المتحف والمكتبة والمدرسة إضافة إلى احتضانه للندوات والمحاضرات على مدار العام.
وقد شيد بيت القرآن عام 1984 على مساحة 1500.50م2، فيما تم افتتاحه في 12/3/1990 وذلك في منطقة متميزة بمدينة المنامة في مملكة البحرين ليكون مركزا اسلاميا حضاريا تأسس بفضل التبرعات السخية والدعم الكريم من أهل الخير والبر والعطاء إيماناً منهم بما لبيت القرآن من أهداف سامية ودور حضاري في خدمة القرآن الكريم.كما يتميز «بيت القرآن » بأنه عمل رائد بفكرته وأهدافه التي نبعت من وحي الحضارة الاسلامية وتراث الدين الحنيف ليرتبط بالناس، جميع الناس من خلال تراثهم الاسلامي ولا سيما مخطوطات القرآن الكريم التي يرجع تاريخها إلى القرن الأول الهجري وحتى العصر الحديث ومن مخلتف أنحاء العالم الاسلامي، ومن الأندلس وشمال افريقيا وشرق آسيا والصين وغيرها.
وتصميم المبني يتركز حول ساحة مفتوحة تعتبر هي المحور الرئيسي للعناصر الخمسة الرئيسية المكونة لبيت القرآن وهي: أولا: قاعة محمد بن خليفة بن سلمان آل خليفة للمؤتمرات. وقد أنشئت لتكون مقرا لاقامة المؤتمرات الدينية والندوات المحلية وهي تتسع لنحو150 شخصا ومجهزة بلوحة عرض الكترونية وأجهزة للترجمة الفورية وأجهزة ومعدات سمعية وبصرية. والعنصر الثاني هو مسجد عبدالرحمن جاسم كانو ويعد مكان عبادة وشورى وقضاء ودار علوم وثقافة يؤمه الناس علي اختلاف مستوياتهم العلمية والاجتماعية خمس مرات في اليوم، اضافة إلي أنه مكان لتأدية الفرائض الدينية التي تقام به، فضلا عن حلقات للوعظ والارشاد لتعريف المسلمين بأمور دينهم ودنياهم وهو بذلك يعد من العناصر الرئيسية المكونة لبيت القرآن .
ويتميز المسجد بأسلوب فريد في التصميم المعماري المستوحي من الفن الإسلامي المتطور، حيث الزخارف والنقوش الإسلامية، هذا إلي جانب قبة المسجد التي تتكون من الزجاج الملون المعشق وهي تعتبر بذلك أضخم قبة من هذا النوع في منطقتنا العربية، أما محراب المسجد فصنع من السيراميك الأزرق التركي المتميز الذي أدخلت على الآيات القرآنية الكريمة في زخرفة إسلامية رفيعة المستوى.
ارتباط بين الحضارة والدين
ويقول الدكتور عبد اللطيف جاسم كانو أمين عام ومؤسس «بيت القرآن» ان الارتباط الوثيق بين الحضارة والدين والعلم والمعرفة يمكن بيت القرآن من أن يكون مؤسسة ثقافية رائدة لها كيانها المستقل واهدافها وسياستها لخدمة كتاب الله الكريم، حيث يعتبر «بيت القرآن » ملتقى الدارسين والباحثين ومن خلال وحداته وعناصره الرئيسية المكونة من مكتبة الفرقان، متحف الحياة، قاعة محمد بن خليفة بن سلمان آل خليفة للمؤتمرات، مدرسة يوسف بن أحمد كانو لعلوم القرآن ومسجد عبد الرحمن بن جاسم كانو.
ويؤكد الدكتور كانو قائلا:«حيث ان بيت القرآن مؤسسة أهلية ذات كيان مستقل خرج من الناس وشيد من التبرعات الكريمة لكل الناس، من أجل الناس، لذلك فان تجسيد أهدافه التي يسعى لتحقيقها واستمرارتيه في أداء رسالته التي تأسس من أجلها يعتمد اعتمادا رئيسيا على العطاء الدائم المستمر من جميع الناس».
وأضاف الدكتور عبداللطيف «أن البيت أسس من من أهل الخير إيماناً منهم بالدور الريادي وخدمته للقرآن الكريم دستور الأمة وهو مشروع أهلي وخيري وله شخصية اعتبارية وذلك حتى يتسنى للجميع المشاركة في خدمة هذا الصرح القرآني، على الرغم أنه كان من الممكن أن أعتمد على ثروتي في إنشائه لكن فكرة المشاركة مع الآخرين هي الأهم حتى يعوا أهمية كتاب الله العزيز».
مدرسة ومتحف
تم تشييد المتحف ليضم تشكيلة شاملة وقيمة من المخطوطات القرآنية الثمينة التي تقدر بنحو 6 آلاف مخطوطة إسلامية و50 ألف مجلد. يشمل مبنى بيت القرآن مسجداً، مكتبة، مدرج، مدرسة ومتحف يتكون من خمس قاعات عرض، ويتألف من قسم المخطوطات والمطبوعات، قسم القرآن والمقتنيات، القسم الإداري والخدمات، مكتبة تحتوي على مجموعة من الكتب في علوم القرآن والدراسات الإسلامية والعربية، ويصدر عنه المطبوعات التالية: التقويم السنوي، وكتاب شامل عن المتحف، سلسة المنتخب (كتاب شهري).
وكتاب مختصر عن المتحف، بروشور عن المتحف، نشرات وكتب متخصصة. ويضم المتحف مخطوطات وبعض الآثار يتم الحصول عليها عن طريق الإهداء، والإعارة، وطريقة عرضها حسب التسلسل التاريخي، وحسب نوع المادة، وحسب الحضارات، ووسيلة إيضاحها عن طريق الصور، والمقتنيات الأصلية، والمجسمات، والأفلام، وأشرطة الفيديو، والكاسيت، والرسوم التوضيحية.
يجسد «بيت القرآن » في البحرين فنا معماريا اسلاميا يجمع بين أصالة الفن المعماري الحديث والتقنية المتطورة المرتبطة بالطراز الاسلامي العريق ليكون بذلك وحدة فنية رائعة أساها البساطة والزخرف الجمالي التي تظهر كلوحات جدارية محفورة في جدار المبنى لتضفي عليه اسلوبا معماريا فريدا فوامه الآثات القرآنية.
واستكملت تلك اللوحات بأسماء الله الحسنى مما أضفى على المبنى شفافية روحية. كما ان مئذنته الانسيابية الشاهقة تشبه مئذنة مسجد الخميس في البحرين الذي يعد واحدا من أقدم مساجد الجزيرة العربية، والذي أمر ببنائه الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه.
لبيت القرآن مدخلان رئيسيان، الأول شمالي وهو خاص لكبار الشخصيات والمسؤولين، والثاني جنوبي لعموم الزوار. عند بوابة المدخل الشمالي توجد ست لوحات تذكارية خط عليها أسماء رؤساء دول الخليج العربية الذين أسهموا في اقامه هذا المشروع الاسلامي الرائد، ثم يأتي بهو البيت المصمم من الداخل ليكون مشابها للبيت العربي القديم.
والذي يستم بالطابع الاسلامي من حيث جمال الزخرف ووجود المشربيات والقباب ذات الزجاج المعشق يتوسطها لفظ الجلالة. وفي الوسط وضعت نافورة ماء صغيرة توحي بوجود بركة الماء في البيت القديم وهناك أيضاً المناور الدائرية للساحة الوسطى للمبنى، التي تجسد الاشكال الهندسية الاسلامية التقليدية. كما يوجد في المبنى صالة كبيرة على نمط المجلس العربي القديم وقد ازدانت جدرانها بزخارف جمالية بديعة. أما فيوجد على يسار المدخل الجنوبي مسجد يتسع لنحو 250 مصليا.
تضم المكتبة ما يقرب من خمسين ألف مجلد إلى جانب الوثائق والمراجع الدينية المعنية بعلوم القرآن التي كتبت بثلاث لغات وهي العربية ـ والفرنسية والانجليزية. وقد جهزت المكتبة بأحدث الوسائل الحديثة المتطورة في التجهيزات والتصنيف والفهرسة هذا بجانب ما تضمه من قاعات صغيرة أعدت وجهزت لتكون في خدمة الباحثين والدارسين، وتهيئة الجو المناسب لانجاز دراساتهم وأبحاثهم وتقديم الخدمات المساعدة لهم بأسلوب عصري متطور.
وسوف تكون مكتبة الفرقان ـ كما علمت ـ نواة لمركز علمي لأبحاث القرآن الكريم يقدم خدماته لأبناء العالم الإسلامي. وهناك أيضاً مدرسة يوسف بن أحمد كانو لعلوم القرآن ، وهي مخصصة لتحفيظ القرآن الكريم وتجويده وترتيله وحفظ معانيه، وتضم هذه المدرسة أربعة فصول يضم الفصل الواحد26 طالبا، كما تضم قاعة مزودة بأجهزة الحاسب الآلي مسجل عليها أجزاء من القرآن الكريم.
الصالات
أبرز المتقنيات هي مخطوطات القرآن الكريم، النادر منها والنفيس عبر السنين ووضعها في متحف متخصص يتيح للزائرين مشاهدة نماذج من المصاحف والمخطوطات ذات الاشكال الجميلة والخطوط المختلفة التي كتب بها عبر العصور.
ويضم المتحف الكثير من المخطوطات الاسلامية النادرة التي يعود تاريخها إلى العديد من العصور، ويضم المتحف 9 صالات احتضنت نفائس القرآن الكريم والمخطوطات مجهزة بأفضل الوسائل التقنية الحديثة، وأهم ما يلفت النظر في هذا المتحف هي الطريقة الفنية البديعة التي نسقت فيها محتويات المتحف.
من مقتنيات الصالات
تضم الصالات بيانات ومعلومات حول تاريخ القرآن الكريم ونزوله وأسماء كتاب الوحي ومعلومات تاريخية حول كيفية جمع القرآن منذ عهد الرسول محمد عليه الصلاة والسلام والمرحلة الثانية من جمع القرآن الكريم في عهد الخليفة ابي بكر الصديق رضي الله عنه والمرحلة الثالثة من الجمع في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه.
وتحتضن المخطوطات التي كتبت على الرق باستخدام الخط الكوفي في كل من المدينة المنورة والعراق وشمال افريقيا والاندلس حيث كانت تكتب بدون نقاط. وتضم الصالة كذلك نماذج تجسد مراحل التطور التي مر بها الخط الكوفي من خلال المخطوطات التي كتبت به.
وتوضح أنماط الخطوط العربية المستخدمة في كتابة القرآن الكريم ونوعية الزخرف الذي زينت به صفحاته إضافة إلى جمال التنسيق في الكتابة والحواشي والاخراج والمبدع والميسر للصفحات القرآنية والتجليد المتميز الفاخر.
