حسن المسعود:الخط مرآة لحياة الخطاط

حسن المسعود:الخط مرآة لحياة الخطاط

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

(حسن المسعود) فنان تشكيلي وخطاط عراقي من مواليد النجف عام 1944. بدأت ميوله الفنيّة في وقت مبكر من حياته. فتعلم أصول وطرز الخط العربي أثناء دراسته الإعدادية، خاصة تلك المتداولة في حقول الإعلان والاتصالات البصريّة.

بدأ مشواره الفني التشكيلي مع الفنان (سعدي الكعبي) ومشواره مع الخط العربي مع عدد من الخطاطين في بغداد، أعقبها بافتتاح مكتب للتخطيط والرسم وسط بغداد، سرعان ما تحول إلى ملتقى للأدباء والفنانين والخطاطين، وفي هذه الفترة، التقى المسعود بالخطاط الرائد (هشام البغدادي). في العام 1969 سافر إلى باريس، وانتسب إلى المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة، حيث أمضى فيها خمس سنوات توجت بحصوله على دبلوم في الفنون، لكنه أثناء هذه الدراسة لم يتخل عن الخط العربي الذي أدخله إلى بعض أعماله في الرسم والتصوير. بعد ذلك، عكف المسعود على دراسة تاريخ الخط العربي، وتوظيفه في فنون الكتاب، والعمارة، وزار القاهرة واستنبول، وقام باستنساخ (رسالة الخط العربي) لابن مقلة الموجودة في (دار الكتب).

في العام 1980 صدر له كتاب في باريس باللغتين: العربيّة والفرنسيّة، ضمنه خلاصة بحوثه في الجوانب التقانيّة والجمالية والاجتماعية لهذا الفن العربي الخالص، وقد زيّن الكتاب برسوم وخطوط، وتمت إعادة طباعته أكثر من مرة، وفي العام 1986 صدر له كتاب ثانٍ حمل عنوان (حسن المسعود الخطاط)، ثم تتالت مساهماته في تخطيط ورسم العديد من الكتب الأدبية الصادرة في باريس، وقام بممارسة التخطيط مباشرة أمام الجمهور، في مناسبات كثيرة، برفقة أدباء وشعراء وموسيقيين ومسرحيين.

وقد أشار المسعود إلى أن الخط أمام الجمهور يختلف تماماً عن الخط في المكتب، فالقاعة يمكن أن تشحن طاقات الخطاط أو على العكس، تسلبه طاقاته. لذلك لا بد من استعدادات أخرى، عندما يقوم الخطاط بممارسة فنه أمام الجمهور مباشرة، إذ عليه في هذه الحالة أن يكون ممثلاً وخطاطاً في آنٍ واحد، وأن يحفظ دوره بشكل متقن.

وأن ينتظر مفاجأة العمل الفني الحي المباشر أمام مئات العيون التي ستحكم على قدراته الجماليّة والأدبية والنفسيّة، ومدى سيطرته على حالة التركيز التي يتطلبها الخط، من جهة، والتفاعل مع الجمهور، من جهة ثانية. كما أن العمليّة تتطلب قيام حالة من التنظيم الجمالي المتصاعد في أشكال التكوينات الخطيّة، للإمساك بشكل مستمر، بالأحاسيس العميقة للجمهور حتى نهاية التجربة.

يقول الفنان والخطاط (حسن المسعود) أن خطوطه الحديثة، تنتمي بوضوح للخط العربي، لكنها لا تشابه الخط العربي المعروف. فبعد أكثر من ثلاثين عاماً من الاغتراب، لا يمكن أن يبقى الإنسان كما هو سابقاً، فالخط ما هو إلا مرآة تعكس حياة الخطاط نفسه. ويؤكد أن هذا لا يعني أن على كل الخطاطين ترك أساليبهم نحو خط حديث، فنحن بحاجة لأن يمتلك الخط العربي تيارات متعددة، وهو دائم العودة للنظر والتمتع بما تركه لنا خطاطون كبار كالأماسي، والحافظ عثمان، وراقم، وهاشم.

تغلب على خطوط الفنان المسعود تأثيرات المناظر والصور، وهو يمارس طقساً معيناً عند انكبابه على إنجاز عمل فني جديد، يبدأ بتخيل الصورة الشعريّة، ثم ينتظر أن تفرض إحدى الكلمات نفسها عليه، لكي يقوم بتكبيرها وإعطائها مظهراً جديداً، بعدها يقوم بحساب عدد الحروف المستقيمة، ثم الحروف المنحنية، لكي يتمكن من استنهاض بناء متناغم من خلالها.

ويُشير الفنان المسعود إلى أنه في البداية، غالباً ما تكون الصور غير واضحة. فبعض الصور تظهر خلال يوم واحد، وأخرى تستغرق لشهور.إن عملية ولادة خطوط جديدة هي معاناة أيضاً، لا بد من المرور بالتمرد والانفصال مع الخط القديم، من ثم العودة للحوار مع هذا الخط القديم، وفي يوم آخر يجد نفسه بموقع مضاد له.

يستلهم الفنان المسعود أشكال خطوطه من الطبيعة، ويشعر أن طاقاته التعبيريّة بالمجموعة البشريّة التي ينتمي إليها، أما التناقضات التشكيليّة فهي انعكاس لتناقضات الحياة، لأن الفنان يحيا أولاً، ومن ثم يبدع أعماله الفنيّة، في محرق هذه الحياة.

د. محمود شاهين

Email