دائرة الضوء

الشحات محمد أنور.. تفوق على أقرانه في صغره وأصبح قارئاً عملاقاً

ت + ت - الحجم الطبيعي

في يوم16 /12/ 1976انطلق صوت الشيخ القارئ الشحات محمد أنور عبر الأثير إلى كل أقطاب الدنيا مردداً قراءة قرآن الفجر على الهواء مباشرة، ومن يومها وهو حديث الناس وخاصة مشاهير القراء، لينطلق بعدها الشيخ الشحات إلى كل القارات ذهب إليها قارئاً ومكلفاً ومبعوثاً من وزارة الأوقاف المصرية، وساعد على انتشاره أنه ولد عملاقاً استطاع أن يثبت وجوده بين نخبة من القراء أصحاب الشهرة الواسعة أمثال الشيخ جودة أبو السعود والشيخ حمدي الزامل.

في قرية كفر الوزير بمحافظة الدقهلية عام 1950 ولد القارئ الشيخ «الشحات محمد أنور»، وتربى في منزل خاله بعد وفاة والده، فكان خير أمين على الطفل اليتيم، حيث قام بتحفيظه القرآن، وكان لنشأته في بيت قرآني أثره الكبير في إتمام حفظ القرآن وترتيله وهو في الثامنة من عمره، وبواسطة خاله الشيخ «حلمي مصطفى» تمكن من مراجعة القرآن أكثر من مرة فتفوق على أقرانه وعرف بينهم بالشيخ الصغير.

وفي كتاب القرية كان زملاؤه يطلبون منه كثيرا أن يتلو عليهم بعض آيات القرآن الكريم مجودة، ولم يترك فرصة ليستمع فيها إلى القرآن في المناسبات الدينية المختلفة إلا وانتهزها حتى يتعلم من القارئ ويعيش في جو المناسبة حتى يكون مثل المشاهير إذا ما دعي للقراءة في مثل هذه المناسبات يوماً ما.

ولأن قرية كفر الوزير تقع في منطقة تمتلئ بحفظه القرآن وقرائه كانت المهمة صعبة على الشيخ «الشحات» وهو في بداية حياته، فهو مطالب بأن يولد عملاقاً حتى يستطيع أن يثبت وجوده بين نخبة من القراء أصحاب الشهرة الواسعة والإمكانات الكبيرة أمثال، الشيخ «جودة أبوالسعود».

والشيخ «حمدي الزامل» اللذين أشعلا المنافسة في المنطقة بظهورهما ولكن موهبة الفتي ظهرت فجأة لتدفعه بين عشية أو ضحاها ليكون نداً للجميع وليحتل مكانة لا تنكر بينهم رغم صغر سنه فتألق كقارئ كبير يشار إليه بالبنان وهو دون العشرين عاماً.

يقول الشيخ «الشحات محمد أنور» عن هذه الفترة من حياته.. ظروف وفاة والدي ونشأتي يتيما جعلتني أتشبث بأن أكون قارئا للقرآن الكريم ولي مكانتي البارزة بين مشاهير القراء والذين تأثرت بهم كثيرآً من كثرة ترددي على القرى المجاورة والتي يأتون إليها لإحياء مناسبات أهل القرية الدينية واحتفالاتهم وكان النصيب الأكبر منهم في التردد على المنطقة للشيخ السعيد عبد الصمد الزناتي الذي تأثرت به كثيراً، وكنت أقوم بتسجيل.

نغماته وأدائه تسجيلاً ربانياً عن طريق السماع والذاكرة بعدها أعود إلى قريتي سائراً على الأقدام مهما تكن المسافة وأقوم بترديد ما سمعته طوال الطريق وأقوم بتطبيقه في أول سهرة أدعى إليها، لأنني كنت أدعى لإحياء مآتم كبرى وأنا في سن الخامسة عشرة من عمري..

و في فترة وجيزة استطاع الشيخ «الشحات» أن يكون لنفسه شخصية قوية ساعده على ذلك ما أودعه الله اياه من عزة النفس وبعد النظر واتساع الأفق والذكاء الحاد والحفاظ على مظهره، مع التمسك بقيم وأصالة الريف وصار اسما يتردد في كل مكان وانهالت عليه الدعوات من كل محافظات مصر وأصبح القارئ المفضل لأهل قريته والقرى المجاورة، واستطاع الشيخ «الشحات» أن يفرض موهبته بقوة على الساحة القرآنية وتنبأ له الكثيرون بأنه سيكون نجماً ساطعا بين كوكبة القراء بالإذاعة.

واتضح ذلك من خلال تصرفاته التي اتسمت بالحكمة واللباقة والكياسة والدبلوماسية رفيعة المستوى، وكذلك تحليه بالمبادئ الطيبة وسلوكيات أهل القرية فكان يشاركهم أحزانهم وأفراحهم.. كل ذلك أهله ليكون قارئا إذاعيا من الطراز الأول إلى جانب تمكنه من تلاوة القرآن وجمال صوته وشدة حرصه على أحكام التلاوة وتميز صوته وابتكاره لنغم يتجدد مع كل قراءة.

صاحب مدرسة ولأن شهرته سبقت سنة بكثير جاءته دعوة رئيس المدينة التي يقطنها لإحياء إحدى المناسبات الدينية التي حضرها الدكتور كامل البوهي رئيس إذاعة القرآن الكريم آنذاك، وفي الاحتفال سمعه د. «البوهي» وشجعه على الالتحاق بالإذاعة ليكون قارئاً معتمداً بها.

ومن هنا بدأ طريق الشهرة للشيخ «الشحات».. ليكون في صفوف المشاهير من قراء الإذاعة والتليفزيون على المستوى العالمي، وخاصة أنه كان مبتكراً ومجدداً لنغمات عرفت وارتبطت باسمه حتى تناقلها عنه كثير من القراء الذين التحقوا بمدرسة «الشحات أنور » التي أسسها ومازلت باقية حتى الآن .

ونجح الشيخ «الشحات» في الاستقلال بنفسه وجعل له شخصية قرآنية خاصة به في فن التلاوة وحسن الأداء وأصبح 16-12-1976يوماً لا ينسى في حياة الشيخ «الشحات»، إذ كان اليوم التاريخي الذي وصل فيه صوته إلى كل أقطار الدنيا عن طريق الإذاعة أثناء قراءة قرآن الفجر على الهواء.

وبعد ذلك اليوم أصبح الشيخ «الشحات» حديث الناس جميعاً وخاصة مشاهير القراء.. وقال عنه الشيخ «محمود البنا» بأنه سيكون من أعلام مصر البارزين في تلاوة القرآن.

وكان أهم ما يميز الشيخ «الشحات» في تلك الفترة الحيوية.. والرشاقة في الأداء والقدرة على التلوين وأسفر ذلك على وجود أكثر من ثلاثمئة قارئ بمحافظات مصر يدعون إلى مآتم ومناسبات كبرى لأنهم يقلدون هذا القارئ الموهوب. وللشيخ «الشحات» كثير من المعجبين بصوته وأدائه في كل محافظات مصر والعالم..

فبعد أن اطمأن على شهرته وبني قواعدها وأساسها المتين أراد أن ينطلق ليتم البناء ويشيده بالانتشار والبحث عن مزيد من المجد والتاريخ في كل قارات الدنيا فلم يترك قارة إلا وذهب إليها قارئاً ومكلفاً ومبعوثاً من قبل وزارة الأوقاف المصرية ومرات بدعوات خاصة..

فتعلق به الملايين من محبي القرآن الكريم خارج مصر كمستمعي المركز الإسلامي بلندن ولوس انجلوس والأرجنتين وأسبانيا والنمسا وفرنسا والبرازيل ودول الخليج العربي ونيجيريا وتنزانيا والمالديف وجزر القمر وزائير والكاميرون وكثيرون من دول آسيا وخاصة إيران..

وهكذا فرض الشيخ «الشحات» موهبته على الساحة ليكون أحد القراء الموهوبين الذين دون التاريخ أسماءهم على صفحة مشاهير السفراء.. سفراء القرآن.

القاهرة: خالد محمد غازي

Email